جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
وسط انعدام الدعم الحكومي

واحة حياة صغيرة تزدهر وسط الدمار في سوق الكورنيش بالموصل

29 أغسطس 2021 / 8:27 PM
تبدو المتاجر، التي فتحت أبوابها في سوق الكورنيش بمدينة الموصل القديمة، بعد تحريرها من تنظيم "داعش" الإرهابي، كواحة حياة صغيرة وسط دمار كبير لا يزال واضحاً للعيان في السوق الذي كان يعجّ بالزبائن، قبل سيطرة الإرهابيين على المنطقة في 2014.
الشارقة 24 – أ ف ب:

عاد أحمد رياض أخيراً، إلى متجره في سوق الكورنيش بالموصل القديمة الذي تمكّن من إعادة بنائه بماله الخاص، لكن بعد أربع سنوات من نهاية الحرب، لا يزال السوق مدمّراً كما أجزاء أخرى من المدينة، بانتظار دعم حكومي لم يأت.

من متجره في السوق التاريخي في المدينة، التي من المقرر أن يزورها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوضح أحمد البالغ من العمر 22 عاماً، عادت الحياة تدريجياً الى منطقتنا المنكوبة بعد إعمار محالنا على حسابنا الشخصي.

ويضيف أحمد، لم نحصل على أي تعويض حكومي أو من المنظمات المهتمة.

وتبدو المتاجر، التي فتحت أبوابها، كواحة حياة صغيرة وسط دمار كبير لا يزال واضحاً للعيان في السوق الذي كان يعجّ بالزبائن قبل العام 2014، أي قبل سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على المنطقة. 

اليوم، عدد المتبضعين محدود ولا يقارن بالأيام الذهبية، لأن موارد السكان الخاصة لا تكفي وحدها لإعادة السوق المحاذي لجسر الموصل القديم ونهر دجلة إلى ما كان عليه قبل الحرب شرياناً اقتصادياً حيوياً للمنطقة.

ويوضح أحمد، أن من بين نحو 400 متجر وكشك، 10 % فقط عادت إلى العمل، كثر يجدون صعوبة في إعادة فتح متاجرهم من جديد، لأنهم لا يملكون المال.

في صيف العام 2017، أقيمت احتفالات رسمية لمناسبة "تحرير" الموصل التي كانت تعتبر بمثابة "عاصمة" التنظيم الإرهابي، الذي احتل لأكثر من ثلاث سنوات مساحات واسعة من العراق، على أيدي القوات العراقية، لكن أهالي المدينة وجدوا أنفسهم بعد ذلك وسط ركام منازلهم ومحلاتهم.

وحتى اليوم، لا يملكون إمكانات إعادة الأعمار، بالإضافة إلى سوق الكورنيش، لا يزال الدمار واضحاً في سوق باب السراي التاريخي والمدينة القديمة التي زارها البابا فرنسيس في مارس الماضي، وتقدّر مصادر حكومية أن أكثر من 80% من بناها التحتية وأبنيتها لا يزال مدمراً.

ورغم تردي الظروف الاقتصادية، لم تشهد الموصل تظاهرات خلال موجة الاحتجاجات في أكتوبر 2019، ضد الفساد والفقر وسوء الإدارة، لكن سكانها كانوا يشعرون بتضامن مع بقية العراقيين في بغداد والجنوب.

ويشعر أهل المدينة عموماً، بوجود إهمال حكومي لهم بسبب ما يرون أنه مركزية شديدة تؤخر وصول الأموال وصرف حصصهم من الموازنة وبالأخص، صرف التعويضات عن الأضرار التي تسببت فيها الحرب.

وهناك حتى اليوم، أكثر من مئة ألف طلب في نينوى للحصول على تعويضات قدمّها من تضرروا جرّاء عمليات التحرير، وما رافقها من قصف وتفجير وتدمير للبنى التحتية الأساسية، وفق ما يؤكد مدير دائرة التعويضات في المحافظة محمود العكلة.

لكن حتى الآن، لم يشمل التعويض المادي إلا قرابة 2600 معاملة فقط، فيما تم النظر بأكثر من 66 ألف معاملة.

ويوضح سعد غانم البالغ من العمر 40 عاماً، والذي تقدّم بطلب تعويض الأضرار التي لحقت في منزله، إنه لم يتلقّ شيئاً بعد، ويتابع حسب معلوماتنا، فإن دائرة التعويضات في محافظة نينوى أنجزت المعاملة ورفعتها للدوائر الحكومية المعنية في بغداد، التي لم تقدّم لنا التعويض حتى الآن.

ويحمّل قائمقام قضاء الموصل زهير الأعرجي، مسؤولية التأخير، إلى لجنة التعويضات في بغداد، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ووزارة المالية، ويوضح أن إعادة إعمار البنى التحتية شملت 80% منها في المدينة، لكن مشاريع الجانب الصحي متأخرة ولم ينجز منها إلا ما بين 30 إلى 40%.

وتبلغ كلفة إعادة إعمار نينوى، بحسب مصدر رسمي، مئة مليار دولار، وهو رقم خيالي بالنسبة لميزانية الدولة العراقية المحددة بتسعين مليار دولار تقريباً للعام 2021.

في السوق الذي يعود رويداً لينبض بالحياة، تشهد المبيعات ارتفاعاً، ويتزايد معها عدد الوظائف الجديدة في بلد يوجد فيه عاطل عن العمل من بين كلّ خمسة مواطنين، وفق الأرقام الرسمية، وباتت الحاجة إلى هذه الوظائف اليوم أكثر من أي وقت مضى بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار، وتزايد معدلات الفقر.

ويأتي عمار حسين البالغ 50 عاماً، وهو صاحب مطعم في شارع الدواسة القريب، يومياً الى السوق للتبضّع لمطعمه، ويعلن وفّر افتتاح متاجر السوق عليّ الوقت والجهد والمسافة، كما أن أسعاره مناسبة جداً.

لكن ذلك لا يكفي في رأيه، وينبغي أن تعوّض الحكومة للمتضررين من أصحاب المحال حتى يتمكنوا من إعمار محالهم ويعود السوق إلى سابق عهده.

ويضيف صلاح الدين حسين علي البالغ من العمر 64 عاماً، بينما يحمّل بضائع على شاحنته، أنه رغم أن العمل ليس كالسابق، لكنه جيد ويتطوّر باستمرار.

وينقل حسين علي البضائع المختلفة، من أقمشة وعدد يدوية وأدوات تبريد وغيرها، إلى جميع أرجاء محافظة نينوى من السوق الواقع في عاصمتها الموصل التي شكّلت تاريخياً مركزاً وممراً تجارياً مهماً ينقل البضائع إلى داخل العراق وخارجه.

ودفع البطء في عملية إعادة الإعمار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى زيارة الموصل في أغسطس الجاري، قبل شهرين من الانتخابات النيابية المبكرة، معلناً من هناك تشكيل لجنة إعمار الموصل، لرسم خريطة شاملة وخطة عمل.

كذلك ينتظر علي محمود البالغ من العمر 42 عاماً، والذي كان يمتلك متجراً لصناعة الأثاث الخشبي في سوق النجارين، دعماً مادياً لإعمار متجره.

ويعرب عن تمنياته أن يعاد إعمار محله الذي كان مصدر رزقه، والعودة مجدداً للمنطقة، لكنه لا يمتلك المال الكافي.
August 29, 2021 / 8:27 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.