يسعى مئات الأطباء والممرضين لمغادرة لبنان خلال الأشهر الأخيرة، في ظاهرة لم تشهدها البلاد حتى خلال سنوات الحرب الأهلية 1975- 1989، بعدما أرهقتهم تداعيات الانهيار المالي المتسارع والضغط المتواصل منذ بدء تفشي فيروس كورونا، ثم انفجار المرفأ المروّع.
الشارقة 24 – أ ف ب:
يعمل مئات الأطباء والممرضين الذين سعوا لمغادرة لبنان خلال الأشهر الأخيرة، في ظاهرة لم تشهدها البلاد حتى خلال سنوات الحرب الأهلية "1975- 1989"، بعدما أرهقتهم تداعيات الانهيار المالي المتسارع، والضغط المتواصل منذ بدء تفشي فيروس كورونا ثم انفجار مرفأ بيروت المروّع الصيف الماضي.
فبعد نحو عامين من عودتها إلى لبنان وتفرغها للعمل في أحد أبرز مستشفيات العاصمة، تجد طبيبة الطوارئ نور الجلبوط نفسها، على غرار كثر من زملائها، تستعد لبداية جديدة، بعيداً عن بلد أغرقته الأزمات المتلاحقة.
وتقول الطبيبة 32 عاماً، بينما تغطي ثلاث كمامات تقاسيم وجهها "أعطيت خلال هاتين السنتين من قلبي للبنان، لكنه لم يعطني شيئاً بالمقابل".
وتضيف "قدّمت طلب هجرة إلى الولايات المتحدة وآمل الحصول على التأشيرة قريباً" لبدء مغامرة جديدة في بوسطن.
ويخسر لبنان، الذي شكّل طيلة عقود "مستشفى الشرق"، خيرة طواقمه الطبية، في نزيف يجرّد البلد من كوادر مشهود بكفاءتها ومستواها.
في قاعة الطوارئ، تعاين نور بينما تلطّخ معطفها الأبيض بدماء جريح وصل مصاباً بطلق ناري، صورة أشعة في محاولة لتشخيص حالة ألم يعاني منها زائر من بلد عربي قصد المستشفى.
وفي ممرّ بين قسم الطوارئ وجناح كورونا، يقترب منها أطباء متمرنون بين الحين والآخر لاستشارتها حول حالات يتابعونها.
لم يكن اتخاذ خيار الهجرة من مدينة تعشق تفاصيلها سهلاً لكنّه "الخيار الأفضل لك ولأطفالك إن كنت ترغبين بتأسيس عائلة".
تزامن بدء نور عملها في لبنان في سبتمبر 2019 مع بدء معالم الانهيار الاقتصادي، الأسوأ في تاريخ البلاد، وعلى وقع التظاهرات الشعبية التي انطلقت في الشهر اللاحق ضد السلطة السياسية المتهمة بالفساد، عاينت عشرات المتظاهرين الجرحى، ليبدأ بعدها تدفّق مصابي كورونا.