جار التحميل...

°C,
في ظل ارتفاع معدلات الفقر بالمملكة

مشروع ترميم فسيفساء بيزنطية بالأردن يحفظ التراث ويكافح البطالة

February 19, 2021 / 9:22 PM
يهدف مشروع ترميم فسيفساء بيزنطية في رحاب بشمال المملكة الأردنية الهاشمية، الذي ينفذه برنامج لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو"، إلى المساهمة في محاربة معدلات الفقر والبطالة في البلاد، فضلاً عن حفظ التراث.
الشارقة 24 – أ ف ب:

يجثو السوري وليد العوض، وزميله الأردني طه الخزاعلة، على ركبتيهما منهمكين في استعادة رونق أرضية من الفسيفساء بيزنطية في كنيسة من القرن السابع في رحاب بشمال الأردن.

ويعمل الرجلان، ضمن برنامج لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو"، قدّم منذ انطلاقه عام 2019 نحو 300 فرصة عمل بدعم من الحكومة الألمانية، ويهدف إلى المساهمة في محاربة الفقر والبطالة مع حفظ التراث.

ويعمل العوض (45 عاماً)، الذي خسر بيته وكل ما يملك في درعا بجنوب سوريا عام 2012، بعد فراره من الحرب في بلده إلى الأردن، وزميله الخزاعلة (32 عاماً) الذي يقطن رحاب في محافظة المفرق (نحو 70 كلم شمال عمان) بدقة على ترميم الأرضية في كنيسة يوحنا المعمدان التي بنيت عام 619 ميلادي.

ويطرق الاثنان، قطع حجارة صغيرة بألوان بينها البني والأسود، بمطرقة صغيرة وبدقة متناهية ويضعانها على أرضية الفسيفساء، ثم ينظفان حولها بعناية بمشرط وقطعة من الإسفنج.

وتضم الفسيفساء أشكالاً هندسية وأخرى تمثل نباتات ونهري دجلة والفرات، كما توجد كتابة باليونانية فيها "أرضية الكنيسة رصفت وأهديت إلى القديس يوحنا المعمدان على نفقة المال العام المقدّم من الأهالي".

ويعمل العوض والخزاعلة مع أردنيين وسوريين آخرين، في ترميم فسيفساء المجمع الكنسي، الذي يضم أيضاً كنيسة الأسقفين بروكوبيوس وسيرجيوس المبنية عام 590 ميلادي.

ويشرف الخبير الإيطالي فرانكو شوريللي (54 عاماً)، على ترميم الموقع منذ أكتوبر 2020 على أن يكتمل العمل نهاية مايو المقبل.

ويوضح شوريللي الذي يتقن العربية واللهجة الأردنية لإقامته في الأردن منذ عام 1994، ودرّب حتى اليوم أكثر من 500 شخص، أن فسيفساء رحاب كنز يحتاج المزيد من الاهتمام.

ويضيف أن الأردن، هي الدولة الأولى في حوض البحر المتوسط، وفي العالم كله من ناحية عدد أرضيات الفسيفساء خصوصاً البيزنطية، ويتابع أن الفسيفساء هنا بسيطة وأسلوبها خاص بالمنطقة ومختلفة عمّا نراه في الخارج، ويجب أن نعرّف العالم عليها.

وأنجز فريق العمل ذاته، الشهر الماضي، ترميم فسيفساء كنيسة القديسة مريم التي بنيت عام 543 ميلادي في رحاب أيضاً.

وتوضح كبيرة مسؤولي المشروع في اليونسكو جورجيا شيزارو، أن المشروع بالغ الأهمية، لأنه يمثّل تغييراً في نهج حماية التراث، وتضيف أنه يأخذ بالاعتبار وضع السكان قرب المواقع الأثرية، والفكرة هي تدريبهم على حماية تراثهم.

وتضم قرية رحاب 32 كنيسة أثرية، خمس منها فقط تظهر بقاياها للعيان، بينها كنيسة القديس جاورجيوس المبنية عام 230 ميلادي والتي تعد من أقدم كنائس العالم، بينما تغطي الرمال الأخرى. 

ويقطن المفرق نحو 550 ألف شخص، بينهم 165 ألف سوري، ثمانون ألفاً منهم في مخيم الزعتري.

وتقدم نحو 600 شخص للعمل في المشروع، اختير نصفهم تقريباً، ويشكل الأردنيون 70 % من العاملين في البرنامج والسوريون 30 %، بينما 20 % من العاملين فيه إناث.

وتعلن مسؤولة المشاريع في قسم الثقافة في "يونسكو" دانيا ديراني، أن للمشروع هدفين أساسيين هما أولاً حفظ التراث، وثانياً توفير فرص عمل لأهل المنطقة.

ويتم اختيار الأشخاص، وفق تقييم من ناحية عدد أفراد الأسرة ودخلها وحاجتها، والأكثر حاجة هم الذين يحصلون على العمل.

وبحسب ديراني، تم تدريب هؤلاء وتثقيفهم بتاريخ الموقع والكنيسة والفسيفساء وأهمية العمل ثم آليات العمل وحفظ الفسيفساء والخلطات المستخدمة والترميم.

وتتراوح الأجور بين 12.5 دينار (17.6 دولار) يومياً و15 ديناراً، إضافة إلى وجبات الطعام والمواصلات.

ويفخر العوض بعمله، ضمن مشروع فرص العمل لصون التراث الثقافي في الأردن، ويوضح هذه معالم تاريخية يجب الحفاظ عليها وصيانتها وترميمها، أنا سعيد وفخور بأنني جزء من هذا العمل.

ويضيف الرجل الأسمر، الذي ارتدى زياً أزرق وكمامة سوداء، المشروع أنقذ وضعي المادي، إذ ليس هناك عمل، مشيراً إلى أن لديه ستة أطفال أصغرهم طفلة بعمر أربع سنوات وأكبرهم شاب بعمر 18 عاماً.

ويتابع نحن لاجئون والعائلة كبيرة ومصروفها كبير، إيجار البيت تقريباً 100 دينار، وهو يتقاضى من المشروع نحو 300 دينار شهرياً.

ويوضح الخزاعلة ذو الشعر الأسود الداكن، والذي حصل على شهادة دبلوم عالي في فن وترميم الفسيفساء من معهد مأدبا عام 2016، من جهته، أنه اكتسب مهارات وخبرة أكبر، ويضيف لم تكن هناك فرص عمل والظروف صعبة جداً.

وبلغ معدل الفقر، وفق الأرقام الرسمية في الأردن في خريف 2020، نحو 15.7 %، بينما ارتفع معدل البطالة عام 2020 ليصل إلى 23 %، في بلد تجاوز دينه العام 102 % من الناتج الداخلي.

وتوجد في الأردن، مواقع عديدة تضمّ لوحات فسيفساء في مدن جرش وأم قيس وعجلون (شمال) ومأدبا والبتراء (جنوب) وأم الرصاص (وسط).

وتشير شيزارو، إلى أن المشروع الحالي يمهد الطريق لمشروع أكبر للحفاظ على التراث في ستة مواقع في شمال الأردن، تتوقع أن يوفر أكثر من ألف فرصة عمل ولمدة عامين.
February 19, 2021 / 9:22 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.