تسعى فرقة غنائية تطلق على نفسها اسم "كباري الشيخات"، إلى إحياء موسيقى العيطة الشعبية، التي تندرج ضمن الفنون النسائية التراثية في المغرب، والحفاظ عليه من الاندثار، من خلال تقمص شخصية الفنانات، في مبادرة تخرق المعايير المجتمعية المحافظة.
الشارقة 24 - أ ف ب:
يعتلي أعضاء فرقة "كباري الشيخات" الغنائية، خشبة المسرح، متزينين بمكياج فاقع، ومسدلين على رؤوسهم شعراً مستعاراً، ومرتدين فساتين القفطان النسائي التقليدي، في عرض يسعى لإحياء موسيقى العيطة الشعبية، التي تندرج ضمن الفنون النسائية التراثية في المغرب.
اختار هؤلاء الرجال، اسم "كباري الشيخات" لفرقتهم الفنية نسبة إلى "الشيخة"، وهي التسمية التي تطلق بالعامية على الفنانة التي تؤدي هذا اللون الموسيقي الشعبي المعروف "بالعيطة".
ويسعون منذ العام 2016، إلى رد الاعتبار لهذا الفن النسائي والحفاظ عليه من الاندثار، من خلال تقمص شخصية الشيخات، في مبادرة تخرق المعايير المجتمعية المحافظة التي ما تزال مثقلة بالثقافة الذكورية، لكن عروضهم الراقصة تشعل المسارح التي تحتضنهم، كما حصل خلال العرض الذي قدموه مؤخراً في مسرح امتلأ عن آخره بالرباط، وذلك بعد جولة غير مسبوقة في الولايات المتحدة.
ويوضح مؤسس الفرقة ومخرج عروضها غسان الحاكم، هذه الموسيقى تراث نسائي ثمين، من الضروري إيلاؤها القيمة التي تستحق، هذا ما يحفزنا، ويضيف مضت ستة أعوام على تأسيس الفرقة، لكننا لا نزال نتعلم ونبحث باستمرار.
وتمزج عروض "كباري الشيخات"، بين الغناء والتشخيص المسرحي، وتسافر بالجمهور عبر مناطق مختلفة من المملكة، لكل منها نمطه الخاص من موسيقي "العيطة" المتوارثة عبر الأجيال والمنتشرة على الخصوص في البوادي.
يبدأ العرض "بعيطة جبلية"، نسبة إلى منطقة جبالة في شمال المملكة، مروراً بفاس ثم ضواحي الرباط، قبل أن يتوغل في سهول دكالة عبدة التي تعد معقل هذا الغناء.
ويوضح الشاعر والباحث المتخصص في هذا الفن حسن نجمي، أن هذا التراث مبني على التناقل الشفهي، وتعود جذوره إلى القرن الثاني عشر، مستمداً قوته الشعرية من الحياة اليومية.
وتتناول أغاني العيطة، مواضيع من حياة القبائل البدوية وتفاعلها مع الطبيعة.
في أواخر القرن التاسع عشر، غدت لهذه الأغاني الاحتفالية قيمة متميزة، إذ أولتها السلطة اهتماماً خاصاً، لأنها كانت بمثابة وسيلة لترويج دعايتها، وفق نجمي.
وخلال خضوع المغرب للحماية الفرنسية الإسبانية (1912-1956)، أصبح هذا الغناء أيضاً وسيلة لإذكاء روح المقاومة بأشعار زجلية عامية.
حتى تسعينات القرن الماضي، ظلت الشيخات يتمتعن بهالة ويحظين بالاحترام، وكانت تتم دعوتهن لإحياء الحفلات الكبرى والأعياد الوطنية، لكن التحولات المجتمعية والثقافية أثرت على صورتهن ومكانتهن.
ويشير عضو الفرقة أمين ناوني، إلى أن الفرقة لم تخترع شيئاً من هذه العروض الاحتفالية، وكل ما تقوم به هو التذكير بظاهرة كانت موجودة في المجتمع المغربي.