جار التحميل...
الشارقة 24:
ناقشت جلسة بعنوان "الأرشفة الرقمية وصون الذاكرة الوطنية"، ضمن فعاليات الدورة الـ 44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الدور المتنامي للأرشفة الرقمية في حفظ التراث الوثائقي لدولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة الشارقة على وجه الخصوص.
وشارك في الجلسة كلٌّ من الشيخ محمد بن فايز القاسمي، مدير إدارة البحث والتوثيق في دار الوثائق بالشارقة، وأحمد سلمان، خبير الدراسات والتوثيق في الدار، وأحمد الزريف، أخصائي التاريخ الشفهي، وأدارها الباحث عماد جاب الله. ونُظّمت الجلسة بالتعاون بين جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات ودار الوثائق في الشارقة.
أكد الشيخ محمد بن فايز القاسمي أن دار الوثائق في الشارقة تتطلع إلى تحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تجاه حفظ تاريخ الإمارة وتوثيق ذاكرتها الوطنية.
وأوضح أن الدار، منذ تأسيسها، تطورت هيكليتها وآليات عملها لتواكب المعايير الحديثة في التوثيق والأرشفة، مشيراً إلى أن إدارة البحث والتوثيق تُعد من الإدارات الحيوية في الدار، إذ تعمل على دراسة السياقات التاريخية وإنتاج مواد معرفية موجهة للجمهور، من أبرزها نحو 40 إصداراً تغطي محطات مهمة في تاريخ الشارقة والإمارات.
وكشف القاسمي عن إطلاق إصدارين جديدين خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب يضمان وثائق ومعلومات نادرة عن تاريخ الشارقة، مضيفاً أن الدار تعمل على إنشاء أرشيف رقمي شامل يُتاح مستقبلاً للباحثين والمهتمين عبر منصات إلكترونية متخصصة، بما يرسخ مكانة الشارقة كمركز موثوق للبحث التاريخي والوثائقي في المنطقة.
تحدث أحمد سلمان، خبير الدراسات والتوثيق في الدار، عن أهمية التقنيات الحديثة في الأرشفة وحفظ الوثائق، وأهمية استخدام هذه الوسائل الجديدة واستغلال التحولات الكبيرة مع موجة الذكاء الاصطناعي، موضحاً أنهم في الدار يستخدمون نماذج ذكاء اصطناعي متطورة ومغلقة المصادر محافظة على البيانات وتتيح العمل بشكل متخصص ومتناسب مع طبيعة عملهم.
وأشار إلى أنهم يستهدفون جمع كل ما يتعلق بتاريخ الشارقة وتاريخ الإمارات، ويشاركون في المؤتمرات ويزورون المتاحف ومراكز حفظ الأرشفة والوثائق الدولية، وقال: "منذ البداية كان هدفنا جمع كل ما كتب عن الشارقة وكل ما يتعلق بها من خرائط ووثائق في كل أنحاء العالم، وبعد ذلك تقديمه كمصادر موثوقة وإتاحته أمام الباحثين رقمياَ للاستفادة منها في مجالات البحث العلمي".
أوضح أحمد الزريف، أخصائي التاريخ الشفهي في دار الوثائق بالشارقة، أن مفهوم التاريخ الشفهي قديم الجذور، إلا أنه أخذ شكله العلمي الحديث بعد الحرب العالمية الثانية، حين بدأت الجامعات ومراكز الأرشفة حول العالم بتطوير منهجيات مُحكمة لجمع الروايات وتوثيقها.
وأشار الزريف إلى أن أهمية التاريخ الشفهي تكمن في قدرته على إبراز وتسجيل الأحداث كما عاشها أصحابها، خصوصاً الروايات التي يرويها كبار السن عن محطات مفصلية في تاريخ المجتمع.
وبيّن الزريف أن العمل في هذا الحقل يواجه عدداً من التحديات، من بينها الحاجة إلى إجراء مقابلات ميدانية متأنّية وتوفير ظروف إنسانية ومكانية مريحة للراوي، لأن جودة المعلومات ترتبط بشكل مباشر بدرجة شعوره بالثقة والطمأنينة. وأضاف أن قسم التاريخ الشفهي في دار الوثائق يبدأ بجمع بيانات دقيقة عن الشخص المستهدف للمقابلة، قبل الانتقال إلى مرحلة التسجيل الصوتي ثم تفريغه كتابياً وحفظه.
ولفت إلى أن الفريق يستعين بأدوات تقنية حديثة، من بينها أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي للمساعدة في عمليات التفريغ، إلا أن دقّتها لا تتجاوز 60% عند التعامل مع اللهجات الإماراتية المحلية أو أسماء الأماكن التراثية، ما يستدعي مراجعة بشرية متخصصة لضمان صحة المعلومات. وأكد أن الهدف النهائي هو حفظ هذا التراث الشفهي وإتاحته عبر خوادم رقمية مخصصة تُمكّن الباحثون من الوصول إليه بسهولة وموثوقية.