جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
في الندوة الدولية الرابعة لمجلة "كتاب"

أكاديميون يؤكدون دور الشعر الأندلسي في إثراء التراث الشعري

14 نوفمبر 2025 / 6:26 PM
أكاديميون يؤكدون دور الشعر الأندلسي في إثراء التراث الشعري
download-img
أوضح أكاديميون وباحثون أن الشعر الأندلسي أسهم في تعريف العالم بالثراء الشعري العربي وتأثيره على الأدب في شبه الجزيرة الإيبيرية وأوروبا، من خلال تنوع مضامينه وجمالياته اللغوية ورمزياته العميقة، ومهد لحركات الاستشراق ودراسات الترجمة والأدب المقارن. جاء ذلك خلال الندوة الدولية الرابعة لمجلة "كتاب" التي تنظمها هيئة الشارقة للكتاب بعنوان "تأليف الحديقة.. قراءات في القصيدة الأندلسية وتحولات الأثر" ضمن فعاليات الدورة الـ 44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب.

الشارقة 24:

أكد أكاديميون وباحثون أن الشعر الأندلسي أسهم في تعريف العالم على ثراء التراث الشعري العربي وشكل نموذجاً ملموساً لتأثير القصيدة العربية على الإرث الشعري في شبه الجزيرة الإيبيرية وأوروبا والعالم، سواء من خلال تنوع مضامينها بين الجانب الغنائي، والتأمل الفلسفي، والجانب العمراني والاجتماعي وحتى السياسي، أو بجمالياتها اللغوية وحداثتها الأدبية ورمزيتها العميقة، إذ فتح التراث الشعري الأندلسي الباب واسعاً أمام حركات الاستشراق، والاستعراب الإسباني المعني بدراسة العربية الإسبانية، وحركة الترجمة والتعريب ودراسات الأدب المقارن.

جاء ذلك خلال الندوة الدولية الرابعة لمجلة "كتاب" التي تنظمها "هيئة الشارقة للكتاب" هذا العام تحت عنوان "تأليف الحديقة.. قراءات في القصيدة الأندلسية وتحولات الأثر"، ضمن البرنامج الثقافي للدورة الـ 44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب.

وشارك في الندوة، التي أقيمت على مدار يومين، وأدارها الشاعر علي العامري، مدير تحرير مجلة (كتاب)، نخبة من الأكاديميين، والباحثين، العرب والأجانب، حيث قدموا أوراقاً بحثية ودراسات معمقة لأبعاد تاريخ الشعر الأندلسي، جُمعت وصدرت في كتاب حمل عنوان الندوة.

وفي اليوم الأول، استضافت الندوة الدكتور صلاح جرار، أستاذ الأدب الأندلسي واللغة العربية وآدابها، الدكتورة فكتوريا خريش رويث ثوريلا، أستاذة اللغة العربية وآدابها في جامعة كومبلوتنسي في مدريد، الدكتور محمد حقي سوتشين، أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة غازي في أنقرة، والدكتورة حورية الخمليشي، أستاذة في جامعة محمد الخامس بالرباط.

واستكملت الندوة برنامج اليوم الثاني مع الأستاذة باهرة عبد اللطيف ياسين، أستاذة الترجمة والأدب الإسباني، الشاعر والباحث زهير أبو شايب، الدكتورة لوث غوميث، أستاذة تاريخ الفكر الإسلامي في جامعة مدريد المستقلة، والشاعر والباحث في تاريخ اللغات واللهجات العربية القديمة يوسف المحمود.

استهل الدكتور صلاح جرار فعاليات اليوم الأول من الندوة الدولية باستعراض أبرز ما جاء في دراسته "التواشج بين الطبيعة والمرأة في الشعر الأندلسي"، موضحاً عمق العلاقة بين المرأة والطبيعة في هذا الشعر، وتشاركهما في الجمال والجاذبية والتنوع، وأشار إلى أن هذه الخصائص تكشف سر التواشج بينهما في رؤية الشاعر الأندلسي، وتوضّح سبب اقتران الغزل الأندلسي باستحضار جماليات الطبيعة، بوصفهما رمزاً للحياة والجمال والخصب والنقاء والعطاء.

وأشارت الدكتورة فكتوريا خريش رويث ثوريلا إلى أن ورقتها البحثية التي تحمل عنوان "من غرناطة إلى فلسطين.. الأندلس في الأدب العربي المعاصر" تستكشف صورة الأندلس في الأدب العربي الحديث والمعاصر بوصفها مكاناً للذاكرة، وصورة للفقد الجماعي وفضاء للحنين، ورمزاً للمنفى والشتات والمقاومة، وتوقفت ثوريلا عند الصورة المجازية والرمزية للأندلس كواحدة من أكثر الاستعارات حضوراً في الحداثة العربية، واستحضاراً للذاكرة في الأدب العربي في القرن العشرين.

من جهته، طرح الدكتور محمد حقي سوتشين أبرز ما جاء في دراسته التي جاءت بعنوان "الحداثة المبكرة في الشعر الأندلسي"، مؤكداً أن الشعر الأندلسي تميز بأشكال وأساليب وصور جديدة سواء في الشكل الشعري كالموشح والزجل، أو في موضوعات الحب والطبيعة والمدينة، أو حتى في أساليب التناص والسخرية والتعدد اللغوي، وأعاد سوتشين سبب هذا التنوع إلى الفضاء الحضاري التفاعلي، والتداخل الثقافي والاجتماعي والديني، والأوروبيين والعرب والأمازيغ في الأندلس.

واختتمت الدكتورة حورية الخمليشي برنامج اليوم الأول من الندوة الدولية الرابعة بعرض موضوع ورقتها التي جاءت بعنوان "البحث عن الجنة.. أنسنة الطبيعة والانفتاح على الفنون في القصيدة الأندلسية"، وسلطت فيها الضوء على روح التسامح والتمازج الثقافي والحضاري في الأندلس علماً وفلسفة وعمارة وشعراً وموسيقى.

واستكملت الندوة الدولية يومها الثاني باستضافة الأستاذة باهرة عبد اللطيف ياسين، التي تتبعت تأثير الحضارة الإسلامية الأندلسية على الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس في دراستها "بورخيس والأندلس.. قراءة في قصيدة الحمراء"، وأكدت أن الشاعر بورخيس استحضر الأندلس في أشعاره ونصوصه النثرية بوصفها فضاء للحلم والذاكرة، وتعامل مع قصر الحمراء كرمز لجمالية الحواس والغياب، لا سيما في قصيدة "الحمراء"، واختتمت الأستاذة باهرة مداخلتها بإلقاء مقتطفات من هذه القصيدة مع بيان وظيفتها الجمالية والفكرية والرمزية.

من جانبه، بين الأستاذ زهير أبو شايب، أن دراسته "شاعرات بلا شعر.. حول قصيدة المرأة في الأندلس" تبحث في مفارقة بروز عدد كبير من الشاعرات في الأندلس لم يوجد له مثيل في عصور الحضارة الإسلامية ولا غيرها من الحضارات العالمية، وغياب أشعارهن التي وصلت إلينا. وتوقف أبو شايب على أمثلة من هؤلاء الشاعرات، مثل اعتماد الرميكية، جارية رميك بن حجّاج، التي أحبها المعتمد بن عبّاد؛ أمير إشبيلية، فتزوجها وغيّر اسمه من المؤيد بالله، إلى المعتمد على الله تيمناً باسمها، بالإضافة إلى الشاعرة ولادة بنت المستكفي، التي أصبحت رمزاً إنسانياً للحب ونموذجاً نسوياً مبكراً في الثقافة العربية، وغيرهن. وشدد أبو شايب على أن شعر المرأة الأندلسية يحتاج إلى جمع وتحرير من سطوة الحكايات التي نسجت حوله.

أما الدكتورة لوث غوميث، فبينت أن بحثها الأكاديمي "أنا زفرة العربي الأخيرة: عن الأندلس اللوركوية في شعر محمود درويش" يناقش العلاقة بين الشاعر الإسباني فيديريكو غارسيا لوركا والأندلس ومحمود درويش، مشيرة إلى إن لوركا يجسد الأندلس، وأن الأندلس تجسد محمود درويش من خلال لوركا. وتتبعت غوميث كيف عايش درويش الأندلس كواقع تاريخي يتمثل في المنفى، ومادي من خلال زياراته المتكررة إلى إسبانيا والأندلس، وشعري من خلال شعره المستوحى من شخصية وقصائد لوركا.

وتضمنت مداخلة غوميث خلال الندوة مقارنة أدبية وشعرية وغنائية حول اللون الأخضر، الذي يجسد الأرض-الحبيبة، والخصوبة والعطاء، في أشعار لوركا ودرويش، حيث عرضت للحضور مقطعاً من قصيدة "أغنية الفارس" Canción de Jinete للشاعر لوركا، بأداء الفنانة شافيلا فارجاس Chávela Vargas، إلى جانب مقاربة بين "خضراءُ أرضُ قصيدتي" من "جدارية" درويش و"خضراءُ أريدكِ" من قصيدة لوركا "أقصوصة السائر في نومه" Romance Sonámbulo، متجسدة بأغنية "خضراء" Verte لفنان الفلامنكو مانخانيتا Manzanita، تلاها مقطع من "لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي" يقول درويش فيها "أحبكِ خضراءْ.. يا أرضُ خضراءْ" ألقاها في رام الله قبل شهر من وفاته في عام 2008.

ومع أن الشاعر والباحث يوسف المحمود لم يتمكن من الحضور من فلسطين لظروف قاهرة، قدم الشاعر علي العامري، منسق الندوة الدولية، مقتطفات من ورقته التي جاءت بعنوان "حضور الخط العربي في الشعر الأندلسي" والتي خلصت إلى أن: "الخط العربي في الأندلس لم يتوقف عن وظيفته الأساسية في الكتابة والتدوين، بل أصبح عنصراً جمالياً فاعلاً وتحول إلى مستقبل مستقل ارتبط بالشعر على مستويات عديدة كالرمز والتعبير والتمثيل البصري، إذ التقط الشعر الأندلسي، المتميز برقته وشفافيته، جمالية الخط العربي، وطور هذا الشعر التناغم بين إيقاعه السمعي، والإيقاع البصري للخط في تجربة فريدة في الأدب والفن الإسلامي".

وفي ختام الندوة الدولية الرابعة، أكد علي العمري ثراء التراث الثقافي الأندلسي الشعري، مشيراً إلى أن الإرث الشعري في الأندلس لا يزال يحمل الكثير من الأسرار التي يحتاج الأدباء والباحثون والعلماء إلى اكتشافها، قائلاً: "الأندلس لا تزال قابلة للقراءة والتحليل والتأويل والسبر والاستكشاف في حقل الشعر، فهذه الحضارة مبنية وفق رؤية شعرية كما لو أن الحلم الفردوسي هو المدماك الأول في عمارتها، ويتجلى ذلك في (الماء) كعنصر جمالي وفلسفي يتمثل في المجاز الشعري والعمارة وطهارة الروح والطرق الصوفية، فكثيرة هي القصائد والموشحات والأزجال التي يجري فيها الماء، والجنائن التي يسري في ثناياها الماء، والأسبلة التي يتنزّل منها الماء، ولا يخلو المعمار الأندلسي من هندسة الماء، الذي خصص له الباحث شريف عبدالرحمن جاه كتاباً بعنوان (لغز الماء في الأندلس)".

November 14, 2025 / 6:26 PM

الكلمات المفتاحية

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.