جار التحميل...
الشارقة 24:
أكد عدد من الخبراء الأدبيين والمنتجين، أن تحويل الرواية إلى عمل درامي ناجح، يتطلب تعاوناً متكاملاً بين الكاتب والوكيل الأدبي والمنتج، لضمان الحفاظ على روح النص وتقديمه بأسلوب بصري مؤثر يلامس الجمهور، مشددين على أن الدراما العربية مطالَبة اليوم بأن تعكس واقع الناس وهمومهم وتعبّر عن قصص المجتمع بصدق، بعيداً عن المبالغة والمشاهد الحالمة، وأوضحوا أن وجود وكالات أدبية متخصصة يسهم في بناء جسور احترافية بين الأدب والفن، ويضمن حماية حقوق الكتّاب واستدامة الإبداع.
جاء ذلك، خلال جلسة حوارية بعنوان "من الصفحة إلى الشاشة: كيف تتحول الكلمات إلى مشاهد تبهر العالم"، ضمن فعاليات الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي تتواصل فعالياته حتى 16 نوفمبر الجاري، تحت شعار "بينك وبين الكتاب"، وتحدث في الجلسة كلٌّ من تامر سعيد مدير وكالة الشارقة الأدبية، والمنتجة لمى الصبّاح، والكاتبة والسيناريست ندين جابر.
وفي حديثه خلال الجلسة، أوضح تامر سعيد، أن العلاقة بين الرواية والعمل الدرامي ليست انفصالاً بين شكلين فنيين، بل هي امتدادٌ واحد لعملية الإبداع؛ إذ يحمل العمل الدرامي القدرة على إيصال المشاعر بصرياً وصوتياً، بينما تمثل الرواية الأصل المكتوب الذي يمكن تحويله إلى عمل مرئي بأسلوب جديد وعبر منصة مختلفة؛ لافتاً إلى أن وجود الوكيل الأدبي يعدّ محورياً في هذه العملية؛ لأنه يفهم احتياجات الصناعة الدرامية، ويعمل كحلقة وصل بين الكاتب وشركة الإنتاج، بما يضمن حوكمة العلاقة بين الطرفين ويحفظ حقوق المؤلف.
وأكد سعيد، أن الوكيل الأدبي لا يقتصر دوره على التفاوض أو إبرام العقود، بل هو مزيج من المهن: قارئ، مكتشف مواهب، محرر، ومستشار قانوني، يسهم في تطوير النصوص والوصول بها إلى جمهور أوسع، لا سيما أن جمهور المشاهدين أكبر بكثير من جمهور القراء، والكاتب وحده لا يملك الوقت أو الخبرة الكافية للتعامل مع شركات الإنتاج.
بدورها، أشارت المنتجة لمى الصبّاح، إلى أن التقاء الأدب بالفن يحمّل صنّاع الدراما مسؤولية مضاعفة في البحث عن التفاصيل الدقيقة؛ لأن تحويل الرواية إلى عمل بصري يتطلّب اختصار مئات الصفحات في مشاهد صوت وصورة تعبّر عن روح النص الأصلي، وهو ما يجعل المهمة أكثر صعوبة ومسؤولية من كتابة عمل خاص للسينما أو التلفزيون من الصفر.
وأضافت الصبّاح، أن تراجع السينما قبل جائحة كورونا، ثم تراجعها بشكل أكبر بعدها، جعل من الدراما الوسيلة الأقرب للتفاعل مع المجتمع، فباتت المسؤولية أكبر في مخاطبة واقع الناس، وبيّنت أن دور المنتج محوري في استدامة العمل الدرامي، بدءاً من انتقاء النص المناسب والقصة القادرة على الصمود في ذاكرة الجمهور، مشيرة إلى أن الأعمال المقتبسة من روايات خالدة تكون حظوظها أوفر في أن تبقى خالدة.
من جهتها، أكدت الكاتبة والسيناريست نادين جابر، أن الكتابة للمرأة تمنحها مساحة إبداع أوسع لأنها قادرة على فهم مشاعرها وأحاسيسها بعمق، موضحة أنها تسعى من خلال أعمالها إلى إعطاء صوت لكل من لا صوت له، وأن الجرأة في الطرح لا تعني تجاوز الحدود، بل هي التزام بالصدق.
وتابعت جابر، أن الكاتب يعيش الحالات النفسية لشخصياته بكل تفاصيلها، وهو ما يجعله يختبر عوالم مختلفة قد تكون متناقضة، فربما لا يكون شريراً في حياته، لكنه يعيش تجربة الشرير حين يكتب عنه، وهذه الحالة، كما تقول، هي عبء نفسي لكنها في الوقت نفسه جمال المهنة، لأنها تتيح للكاتب أن يعيش عبر الكتابة كل الحيوات التي يتخيلها.