جار التحميل...
الشارقة 24:
نظّمت وزارة الثقافة، يوم الجمعة، بجناحها في معرض الشارقة الدولي للكتاب الـ44، المقام حالياً في مركز إكسبو الشارقة، بالتعاون مع معهد الشارقة للتراث، جلسةً حواريةً بعنوان "أن تكتب مدينة.. الجغرافيا كحكاية"، شارك فيها سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس المعهد، وفهد المعمري الكاتب والباحث، وعلي العبدان الكاتب والفنان التشكيلي، وأدارها الدكتور مني أبونعامة.
وناقشت الجلسة، حكاية المدن من خلال أدب الرحلة المعاصر، مع استدعاء المدونات القديمة التي دوّنها الرحالة والجغرافيون والبلدانيون المسلمون على مدى قرون طويلة، وما تحمله من أثر في الوعي الثقافي العربي، إضافة إلى ما تمثّله من ذاكرة ثقافية حية أثّرت في الكتّاب العرب المعاصرين.
واستكشفت الجلسة، رمزية الرحلة في المنام، بالعودة إلى الموروث العربي في كتب تفسير الأحلام، مثل ما يُنسب إلى محمد بن سيرين، وغيرها من المدونات التي جمعت بين الخيال والسفر والتأمل، لتقدّم رؤية جديدة لموقع أدب الرحلة العربي المعاصر في زمن السرعة والتنقّل.
وتحدث في الجلسة، سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، عن تجربته الخاصة في تدوين المشاهدات والانطباعات من خلال ما يُعرف اليوم بـ"أدب الرحلة المعاصر"، مستعرضاً تجربته في مؤلفيه «مدائن الريح» و«مدونة مسافر»، اللذين وثّق فيهما رحلاته حول العالم والمدن التي زارها والعلامات التي استوقفته ومشاهداته وانطباعاته عن المدن والشوارع والمعالم التي زارها حول العالم، وأشار إلى أن الرحّالة المعاصر يكتب تجربته فور وصوله إلى المدينة أو حتى من المطار، في دلالة على ديناميكية العصر وسرعته مقارنة بالماضي الذي اتسم بالتأمل والتمهّل.
من جانبه، قدّم فهد المعمري، قراءةً في أدب الرحلات العربي، مستعرضاً أعمالاً كلاسيكية ونماذج من المدونات القديمة مثل مؤلفات ابن خرداذبه والبيروني وغيرهما من الرحالة والجغرافيين الأوائل، الذين أسّسوا لبنية هذا الأدب في الثقافة العربية، ولفت إلى تجربته في كتاب «تلخيص الصفحات في أدب الرحلات»، الذي تناول فيه رحلات عربية مميزة، من بينها رحلة الشاعر امرؤ القيس، الذي جعل من رحلته في استرداد ملك أبيه ملحمةً شعريةً توثيقية، جسّدت دور الشاعر الرحّالة في رصد المكان والانفعال الإنساني بعيدًا عن النمط التقليدي للسفر والتدوين.
بدوه، تناول علي العبدان، الرحلة في المنام، محلّلًا دلالاتها في النصوص القديمة والمعاصرة، مشيراً إلى النظريات الحديثة التي تربط بين الحلم والرحلة والخيال الإنساني، واعتبر أن الحلم هو نوع من السفر الداخلي الذي يوازي الرحلة الواقعية في المكان.
وتطرّق العبدان، إلى معالم الرحلة من خلال المنام، منوهاً إلى الموروث العربي في كتب تفسير الأحلام مثل ما يُنسب إلى محمد بن سيرين، لتبرز العلاقة بين الرمز والحلم والسفر في الثقافة العربية، وامتداداتها في السرد المعاصر.
وأكّد المشاركون، في ختام الجلسة، أن أدب الرحلة العربي يظلّ حاضراً في الذاكرة وغائباً في الممارسة، مؤكدين الحاجة إلى إحياء هذا الفن العريق الذي حفظ لنا عبر التاريخ حكايات المدن والناس والمشاهد، وجسّد شغف العربي الدائم باكتشاف الجغرافيا عبر الحكاية، والذي لا يزال يشكّل ركيزةً أساسيةً في التراث الثقافي العربي، إذ حفظ للعرب سجلًا ثريًا من الأسفار والمشاهد والمدونات التي تؤرّخ لتجارب الإنسان عبر الزمان والمكان، داعين إلى إحياء هذا اللون الأدبي ومواصلة استثماره في سرد التجربة الإنسانية المعاصرة.