"اجتماعية الشارقة"تنظم ندوة لتعزيز الوعي بالصحة النفسية والمجتمعية

الشارقة 24:

أجمعت المشارِكات في ندوة الصحة النفسية، والتي نظمتها دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، تزامناً مع اليوم العالمي للصحة النفسية، والتي عقدت في دائرة الشؤون الإسلامية، على ضرورة العناية بصحتنا النفسية، والتي لها تأثير مباشر على حياتنا من كافة النواحي، فالصحة النفسية هي مؤشر لصحة أجسامنا وإذا كانت سليمة يكون الجسم سليماً.

 كما شددت المشاركات على ضرورة الوعي الاجتماعي بالمرض النفسي والتعامل معه مثله مثل الأمراض الأخرى، إضافة إلى مهام أخرى ألا وهي النظرة الغير مستحبة التي ينظر البعض من الأفراد إلى المريض النفسي بأنه غير مدرك، وبالتالي يحجمون عن معالجته، إلى ما هنالك من التوصيفات التي تطلق على هذه الفئة.

 وتهدف الندوة والتي نظمتها دار واحات الرشد التابعة للدائرة بالتعاون مع مركز الشارقة لصعوبات التعلم، ومركز السندس لتأهيل الأشخاص ذوو الإعاقة، إلى نشر الوعي النفسي والمجتمعي حول تأثير الأزمات والكوارث على الصحة النفسية وأهمية التدخل المبكر، وتسليط الضوء على الصحة النفسية في بيئة العمل أثناء الكوارث والطوارئ، كما عرضت الندوة تجارب ملهمة في رحلة العلاج النفسي.

 المرض النفسي

وفي المقابل، ثمنت الدكتورة عايدة هاشم محمد، استشاري العلاج النفسي بدائرة الخدمات الاجتماعية، إحدى المشاركات في الندوة، بالمستوى المتطور الذي تشهده الدولة لعلاج المرضى النفسيين والاهتمام الذي يحصلون عليه من المؤسسات المعنية، والدور التوعوي الذي تضطلع به الدائرة تجاه المجتمع وأيضاً من ناحية العلاج.

وعرفت عايدة، بالمرض النفسي وهو أي حدث مفاجئ أو تجربة صعبة قد تحدث لأي شخص في أي وقت تؤدي إلى حدوث الصدمات قد تغيّر حياة الفرد بالكامل، ومن الهام جداً أن يكون هناك تدخل مبكر لينقذ الحالة، إضافةً إلى تقديم الدعم النفسي لتقليل الألم والمعاناة، ونشر الوعي لحماية وتوازن المجتمع، ونصحت الدكتورة لمعالجة المسألة عبر عدة محاور؛ الأولى وتشمل "الأسرة" ويكمن دورها في الإصغاء بدون حكم على المريض، وتوفير الأمان والدعم وتقليل الضغط مع متابعة التغيرات السلوكية وتشجيعه على العلاج عند الحاجة، وبناء بيئة مريحة في المنزل. والمحور الثاني "الأفراد" وتكون بالوعي، والمشاعر، والاعتراف بالاحتياج للدعم، واستخدام مهارات التكيّف، والالتزام بخطة التعافي، والصبر على الذات، وبناء مرونة نفسية.

التصالح مع الذات

المشارِكة الثانية في الندوة هي الدكتورة آمال عبد المولى مدير مركز السندس لتأهيل الأشخاص ذوو الإعاقة والذي يعنى بالصحة النفسية، وأكدت أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية لكونها تؤثر على التفكير والمشاعر والسلوك، لذا دعت إلى التصالح مع الذات مهما تكاثرت المشاكل والتكّيف مع البيئة واستغلال المهارات والكفاءات الذاتية بأقصى حد ممكن، وتدعم القدرة على التعلّم، الإنتاج، وبناء علاقات اجتماعية صحية، إضافةً إلى اتخاذ القرارات السليمة.

وذكرت مكونات الصحة النفسية السليمة وهي التوازن النفسي، والعاطفي، والقدرة على التكيف مع الضغوط، وإدراك الذات، والثقة بالنفس، وعلاقات اجتماعية مستقرة، والقدرة على اتخاذ قرارات سليمة، والوعي الذاتي، والكفاءة الاجتماعية، والاستقلالية والمرونة النفسية، والرضا عن الحياة.

وعن سبب الحفاظ على الصحة النفسية أجابت عبد المولى، أن الصحة النفسية ليست مجرد غياب المرض النفسي، بل هي حالة من التوازن تُمكِّن الإنسان من مواجهة الأزمات بمرونة ووعي، وبأن الأزمات جزء طبيعي من الحياة وتعد هي الخطوة الأولى نحو تجاوزها بسلام نفسي وعقلي ولها تأثير على جودة الحياة، والشخص الذي يتمتع بصحة نفسية جيدة يكون أكثر سعادة ورضا عن حياته، وهي مرتبطة بالصحة الجسدية ومع التوتر والقلق المزمن يؤدي إلى أمراض مثل الضغط، مشاكل القلب، واضطرابات النوم، كما أن لها تأثيراً على الإنتاجية والعمل، وتقلل من المخاطر السلوكية.

وللحفاظ على الصحة النفسية فتنصح بأن تجعل هدفك التخفيف من الضغط لا التخلص منه وترتيب الأولويات. وألا تقنع نفسك بعدم القدرة على التغيير، وكُن إيجابياً في تصرفاتك، ولا تعش بردات فعل الآخرين وكن صاحب قرار في سلوكياتك وتصرفاتك.

يوم عالمي

المشارِكة الثالثة هدى الكعبي اختصاصي نفسي ومدرب تنمية ذاتية، والتي استهلت مشاركتها بالدلالة على أهمية الصحة النفسية، الأمر الذي يفسر تخصيص يوم عالمي لها، وقالت، يُحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية في 10 أكتوبر من كل عام بهدف تعزيز الوعي بالصحة النفسية وتسليط الضوء على أهمية تقديم الدعم النفسي خاصة في أوقات الأزمات والكوارث، لما تسببه من ضغوط نفسية شديدة على الأفراد والمجتمعات.

وعرفت الصحة النفسية بكونها قدرة الفرد على التعامل الإيجابي مع المواقف الصعبة، والتكيّف مع التغيرات المفاجئة التي تفرضها الأزمات، مع الحفاظ على التوازن النفسي والعاطفي مشيرة إلى أن تأثير الأزمات يختلف تبعاً لعوامل مثل: طبيعة الحدث، الدعم الاجتماعي المتوفر، والقدرة على التكيف النفسي، وختمت بالقول إن الصحة النفسية هي أساس القوة في مواجهة الأزمات والكوارث بالوعي، والدعم، والأمل الذي يمكننا من تجاوز أصعب الظروف.

المتحدثة الرابعة وسام جلال الكيلاني أخصائي نفسي من مركز الشارقة لصعوبات التعلم، وتناولت موضوع المرض النفسي والوصمة المجتمعية أو نظرة المجتمع السلبي التي تؤدي إلى الخوف من التأثير على السمعة وشعور الفرد بالخجل أو الذنب وإنكار وجود المشكلة.

وتحدثت عن حالة أحد الطلبة الذي يعاني من مشاكل نفسية والتنمر الذي يلاقيه من أصحابه، والذي يدفعه إلى العزلة التامة عن الآخرين، بسبب مشكلته في التلعثم أو التأتأة في الكلام ما يدفع رفاقه إلى التنمر عليه فكانت ردة فعله الصمت الاختياري واستمرار المشكلة حتى المرحلة الجامعية، وما صاحبها خلال هذه السنوات من اضطراب وتدهور الحالة النفسية وفقدان الدافعية للمواجهة إضافة إلى انخفاض الثقة بالنفس والعزلة.

مثال حي

واستضافت الندوة شيماء المازمي، والتي قدمت محاضرة بعنوان المرض النفسي بعيون مريضة نفسية متشافية، وتتحدث عن تجربتها الخاصة، فهي أحد الأمثلة الحية عن المرضى النفسيين لكونها كانت مريضة نفسية ولكنها تجاوزته ونجحت بذلك لتصبح صانعة محتوى في المجال النفسي على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أصدرت مؤلفاً عن قصتها وقصة أخرى بعنوان إبريق الشاي، وهي أيضاً رائدة أعمال، وتقول: "تم تشخيص المرض بسن الـ 23 وكنت أعاني من تهيؤات تتحكم في حياتي وتصرفاتي، وأشعر بأني مراقبة على مدار الساعة، حتى وصلت بي الأمور بأني اشتكيت على أهلي في مركز الشرطة بأنهم يريدون أذيتي، وكانت النتيجة وضعي في مستشفى الأمل واستمررتُ بالعلاج لمدة 5 أعوام، وتم تأهيلي وتجاوبت مع العلاج وأنا الآن بصحة جيدة وأكملت دراستي الجامعية وحصلت على درجة الماجيستير، ولا أخجل بكوني كنت مريضة نفسية، بل أرغب أن يستفيد من تجربتي كل مريض يعاني من اضطرابات نفسية، لذلك أصبحت صانعة محتوى".