جار التحميل...
الشارقة 24 - ريم الريسي:
افتتح الشيخ ماجد بن سلطان بن صقر القاسمي رئيس دائرة شؤون الضواحي في إمارة الشارقة، معرض "من الحجارة: أدوات صنعت عصور ما قبل التاريخ في قطر"، الذي تنظمه هيئة الشارقة للمتاحف بمتحف الشارقة للآثار، بالتعاون مع متاحف قطر، وذلك بحضور كل من عائشة راشد ديماس مديرة عام هيئة الشارقة للمتاحف، وميساء سيف السويدي مديرة هيئة الشارقة للمتاحف، وسعادة حليمة حميد العويس نائبة رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، وسعادة عيسى يوسف مدير عام هيئة الشارقة للآثار، وبمشاركة ممثلين عن القنصلية القطرية ومتاحف قطر، وعدد من المختصين في مجالات الآثار والثقافة، ويستمر المعرض خلال الفترة من 20 أكتوبر الجاري وحتى 30 أبريل 2026.
وأوضحت سعادة عائشة راشد ديماس، أن هذا المعرض يمثل نافذة فريدة تطل على بدايات التاريخ الإنساني في المنطقة، وتعيد إحياء قصص الإنسان الأول من خلال أدواته الحجرية التي كانت شاهدًا على تطوره وقدرته على التكيّف والإبداع، ومن خلال التعاون المثمر مع متاحف قطر، نسعى إلى تقديم تجربة علمية وثقافية تُظهر القواسم الحضارية المشتركة التي ربطت مجتمعات الخليج منذ آلاف السنين، وتعزز في الوقت ذاته رسالة الهيئة في صون التراث الإنساني وإيصاله للأجيال القادمة بوصفه ذاكرةً حيّةً تشهد على مسيرة التطور والابتكار عبر العصور.
من جهتها، أفادت علياء الخيال أمينة متحف الشارقة للآثار، أن المعرض الذي انطلق، يوم الاثنين، يضم مجموعة من الأدوات والمدافن التي تعود للعصر الحجري حتى عصر ما قبل الإسلام، وأوضحت في تصريحات خاصة لـ"الشارقة 24"، أن المعرض يعرض قطعاً تقدم لأول مرة، من بينها أدوات حجرية وقطع دُفنت مع أصحابها، إضافة إلى حالات نادرة لدفن الجمال مع أصحابها، كما يسلّط المعرض، الضوء على جهود البعثة الدنماركية التي بدأت أعمال التنقيب في قطر عام 1956.
وأضافت أمينة متحف الشارقة للآثار، أن التعاون بين هيئة الشارقة للمتاحف، ومتاحف قطر، يسلّط الضوء على التشابه الكبير في أساليب المعيشة وصناعة الأدوات بين المنطقتين، مشيرة إلى أن من أبرز الأمثلة على ذلك عرض رأس فأس حجرية تم العثور عليها في جبل الفاية في الشارقة، يعود تاريخها إلى نحو 125 ألف عام.
ويضمّ المعرض، مساحة تفاعلية مخصصة للأطفال تُقدَّم بأسلوب مبسط يتيح لهم فرصة لمس الأدوات وتجربتها والتفاعل معها بطريقة تعليمية ممتعة، إلى جانب عرض بصري ومتحفي يعزز ارتباط الزائر بالقصة التاريخية.
ويأتي تنظيم المعرض، في إطار جهود هيئة الشارقة للمتاحف، ومتاحف قطر، لتقديم سرد مباشر وواضح لتاريخ الإنسان في المنطقة، وإبراز أهمية التعاون الثقافي في حفظ هذا التراث الغني ونقله للأجيال المقبلة.
ففي مشهد ثقافي جديد يعيد قراءة البدايات الأولى للإنسان في المنطقة، يقدم المعرض مجموعة مختارة من الأدوات الحجرية التي شكلت ملامح حياة الإنسان في حقب ما قبل التاريخ في دولة قطر، كاشفًا عن دورها في تطور الحضارة وسبل العيش وأساليب التكيف مع البيئة في تلك الأزمنة البعيدة.
ويفتح المعرض، أبوابه أمام الزوار لاكتشاف كنوز أثرية فريدة تنقلهم إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث تكشف القطع المعروضة عن ملامح الحياة الأولى للإنسان في الخليج العربي، فمن رؤوس السهام الدقيقة والمكاشط الصوانية التي استخدمت عبر مراحل متعددة من العصر الحجري، إلى الاكتشاف اللافت لقبر عثر فيه على جمل مدفون إلى جانب صاحبه يعود إلى القرون الأخيرة ما قبل الإسلام، حيث تقدم المجموعة المعروضة، والبالغ عددها نحو 110 قطع أثرية، تجربة استثنائية تكشف أسرار الماضي وتتيح الغوص في تفاصيل دقيقة من حياة الأسلاف.
ويشكل المعرض، محطة فريدة للزوار والباحثين، لاكتشاف التاريخ البشري في العصرين الحجري القديم والحديث والقرون الأخيرة قبل الإسلام في منطقة الخليج العربي، مسلطاً الضوء على الجهود العلمية لعلماء الآثار والمنقبين في قطر وما أسفرت عنه أبحاثهم من معطيات أساسية لفهم طبيعة الحياة الإنسانية في تلك الأزمنة السحيقة، بما يعمّق إدراكنا لمسار التطور الحضاري، حيث أعادت المكتشفات التي قام بها فريق التنقيب الدنماركي هناك في النصف الثاني من القرن العشرين تشكيل شكل الحياة في العصر الحجري الحديث من خلال مجموعات اللقى التي وُجدت على سطح الأرض وعمليات التنقيب التجريبية وقد وضعت جهودهم قطر على الخريطة الأثرية بصفتها موقعاً إقليمياً مهماً، لفهم منطقة شبه الجزيرة العربية في عصور ما قبل التاريخ.
ويعزز هذا الحدث، الدور الريادي لمتحف الشارقة للآثار، في إظهار الإرث التاريخي لشبه الجزيرة العربية، من خلال إبراز مكتشفات ذات قيمة عالية توضح أنماط المعيشة قديما، كما يتيح فرصة ثمينة أمام المهتمين والدارسين، للاطلاع على أحدث نتائج التنقيبات في الشارقة والإمارات والمنطقة، في الوقت الذي يكرّس فيه روابط التعاون بين هيئة الشارقة للمتاحف ونظرائها في الخليج والعالم.
ولا يقتصر المعرض، على عرض مقتنيات أثرية نادرة، بل يحمل رسائل أعمق تعكس الدور الحيوي للمتاحف في تعريف الأجيال بكنوز التاريخ وآثاره، وتؤكد الامتداد الحضاري والعلاقات التاريخية التي جمعت الشارقة بمحيطها منذ أقدم العصور، كما يبرز الدور الجوهري لعلماء الآثار في كشف صفحات من الماضي لم ترد في المصادر التقليدية، ما يفتح آفاقاً جديدة لفهم تاريخ المنطقة بأبعاده الإنسانية والثقافية.
ويرافق المعرض، مجموعة من الفعاليات المصاحبة التي تهدف إلى إشراك الجمهور في تجربة تعليمية وتفاعلية شيقة تعزز ارتباطهم بمضمون المعرض وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة لفهم تاريخ الإنسان القديم.
وتشمل هذه الفعاليات، ندوة علمية متخصصة تسلط الضوء على تاريخ التنقيبات الأثرية في دولة قطر، بمشاركة نخبة من الباحثين والمهتمين في مجال علم الآثار، إلى جانب ورشة تعليمية تتناول أساليب تصنيع الأدوات الصوانية في العصر الحجري، وذلك في 16 نوفمبر 2025، بما يتيح تجربة معرفية ثرية تعمّق فهم الزوار لمراحل التطور الإنساني في عصور ما قبل التاريخ.
وتأتي استضافة هذا المعرض، في إطار رؤية هيئة الشارقة للمتاحف الرامية إلى صون التراث الثقافي والتاريخي والتعريف به، من خلال تنظيم معارض نوعية وبرامج ثقافية تسهم في ترسيخ مكانة إمارة الشارقة كمركز رائد في مجالات الثقافة والآثار، ومقصداً للباحثين والمهتمين والجمهور من مختلف الفئات.
كما يعكس المعرض، حرص الهيئة على تعزيز حضور الإمارة الثقافي والحضاري، وإبراز التراث الإنساني العريق الذي يجمع دول الخليج العربي، عبر تسليط الضوء على القواسم الحضارية المشتركة التي امتدت جذورها منذ أقدم العصور.