جار التحميل...
الشارقة 24:
لم تسمح الفنانة الإماراتية موزة عبد الله لإعاقتها أن تقف حاجزاً أمام أحلامها أو أن تحدّ من طموحاتها؛ فمنذ أن التحقت قبل سنوات بمركز الفن للجميع " فلج" التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وجدت فضاءً رحباً لتطوير موهبتها الإبداعية، لتنطلق نحو مجتمعها بثقة، مشاركةً في معارض ومناسبات عززت حضورها الاجتماعي والفني، وأصبحت من خلالها مثالاً على أن الإبداع لا يعرف حدوداً أو قيوداً.
وقصة موزة ليست سوى واحدة من مئات القصص التي صنعتها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية على مدار أكثر من 4 عقود، وجعلت منها نموذجاً لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، عبر التعليم والتأهيل والتوظيف.
واليوم، تستعد الشارقة لتسليط الضوء على هذه التجارب الملهمة بتنظيمها للمؤتمر العالمي "نحن الاحتواء 2025" من 15 إلى 17 سبتمبر الجاري، بالشراكة مع منظمة الاحتواء الشامل الدولية والشراكة اللوجستية مع المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، حيث تجتمع أبرز المؤسسات والخبراء لوضع قضايا الدمج والتمكين على طاولة النقاش.
منذ تأسيسها عام 1979، قادت المدينة مسيرة غير مسبوقة في المنطقة لخدمة وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة؛ حيث تحولت عام 1995 إلى مؤسسة أهلية مستقلة بموجب مرسوم أميري، لتوسع نطاق عملها عبر 13 مركزاً متخصصاً وثلاثة فروع في خورفكان والذيد وكلباء، وخلال هذه المسيرة، طورت برامج رائدة شملت التدخل المبكر، التعليم الدامج، التأهيل المهني، ودعم الابتكار في التقنيات المساندة.
حقَّقت المدينة إنجازات نوعية خلال مسيرتها، منها الحصول مرتين على اعتماد "كارف" العالمي للجودة، وإطلاق وحدة المناصرة الذاتية التي تعطي الأشخاص ذوي الإعاقة حق التعبير عن قضاياهم والدفاع عن حقوقهم بأنفسهم، إلى جانب تأسيس مجالس للطلبة والأسر. كما تميزت ببرامجها الرائدة في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن بيئات عمل دامجة.
وفي مجال الابتكار، أطلقت "الشارقة للخدمات الإنسانية" مسابقة تصميم التطبيقات المساندة، التي شجعت على تطوير حلول تقنية رقمية تعزز استقلالية الأشخاص ذوي الإعاقة. أما في الوعي المجتمعي، فقد لعبت مجلة "المنال" الإلكترونية، التي تصدرها المدينة منذ عقود، دوراً محورياً في نشر المعرفة وتغيير النظرة المجتمعية تجاه الإعاقة.
لم تكتفِ المدينة بدورها المحلي، بل حملت قضايا الإعاقة إلى المحافل الدولية عبر مؤتمرات وورش عمل ومبادرات تبادل خبرات، جعلت من الشارقة محطة رئيسية في رسم السياسات وتطوير التشريعات الداعمة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ومن خلال شعارها "لا شيء يخصهم من دونهم"، عزَّزت المدينة مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في التخطيط وصنع القرار، سواء في برامجها أو في القضايا المجتمعية الأوسع.
تطمح مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية إلى بناء عالم يحتضن جميع أفراده، عبر التعليم والتأهيل والتوظيف، وتوسيع نطاق خدماتها في الإمارة وخارجها، وتبني أحدث التقنيات العالمية في التدريب والتعليم، إضافة إلى تعزيز شراكاتها مع القطاعين العام والخاص، وصناع القرار محلياً ودولياً.
كما تواصل المدينة دورها في تمكين الشباب من الأشخاص ذوي الإعاقة ليكونوا قادة ومبدعين في المستقبل، عبر تطوير مهاراتهم القيادية والإبداعية، وفتح مسارات جديدة لمشاركتهم الفعالة في مختلف مجالات الحياة.
ومع اقتراب انعقاد المؤتمر العالمي 2025 "نحن الاحتواء"، تمثل المدينة تجربة حيّة لما يمكن أن تصنعه السياسات الداعمة، والشراكات الفاعلة، والرؤية الواضحة في تغيير حياة الأفراد والمجتمعات؛ فكل قصة نجاح خرجت من منتسبيها، مثل قصة موزة عبد الله، تعكس رسالة أوسع: أن الدمج هو أساس لبناء مجتمع متماسك يعترف بتنوعه ويحتفي بجميع أفراده.