جار التحميل...
الشارقة 24:
احتفاءً بمرور مئة عام على تأسيسها، نظّمت مكتبات الشارقة العامة فعالية ثقافية مميزة بعنوان "إحياء الصفحات المنسية" مساء الخميس، في متحف الشارقة للآثار، بالتعاون مع هيئة الشارقة للمتاحف ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، مستعرضةً جوانب من تاريخ الكتاب والمخطوط، وأساليب صيانته، وقيمته المعرفية في مسيرة الحضارة.
وتوزّع برنامج الفعالية على ثلاث محطات رئيسية، شملت محاضرة علمية حول "ترميم وحفظ المخطوطات التاريخية"، وورشاً تفاعلية بعنوان "عيادة الكتب" قدّمت عروضاً حية حول تنظيف الكتب وتجليدها، إلى جانب ورشة للأطفال لمحاكاة الكتابة القديمة بخط المسند الجنوبي، أحد أقدم الخطوط في الجزيرة العربية.
وشهدت الفعالية حضوراً لافتاً من المهتمين بالثقافة والكتاب، من أكاديميين وطلاب وموظفين وجمهور عام، عبّروا عن تقديرهم لقيمة الفعالية ودورها في إحياء صلة المجتمع بالإرث المكتوب وتقاليد العناية به.
استهلّت فعالية "إحياء الصفحات المنسية" بمحاضرة للدكتور بسام داغستاني، رئيس قسم الحفظ والمعالجة والترميم بمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، وأدارت الحوار شيخة المطيري، رئيسة قسم الثقافة الوطنية بالمركز، حيث تناولت داغستاني أهمية المخطوطات بوصفها إرثاً إنسانياً مشتركاً بين شعوب العالم، وأشار إلى أن دولة الإمارات أصبحت منارة في مجال صيانة المخطوطات وحفظها.
سلّط داغستاني الضوء على التحديات البيئية التي تواجه هذا الإرث الهش، نتيجة تعرضه للحرارة والرطوبة والضوء، واستعرض المراحل الدقيقة للترميم، من الفحص والتعقيم باستخدام غاز الهيدروجين، إلى التنظيف الجاف، فالمعالجة الكيميائية لخفض حموضة الورق، وصولاً إلى الترميم اليدوي الذي يعتمد على مطابقة الخامات بدقة.
كما أشار إلى الترميم الآلي، الذي أحدث نقلة نوعية في تقنيات الصيانة رغم محدودية استخدامه في المخطوطات، واختتم بتفصيل "ثلاثية الحفظ" بعد الترميم: التصوير، والتجليد، والتخزين في بيئة منضبطة بمعايير علمية صارمة.
وضمن ركنها التفاعلي "عيادة الكتب"، نظّمت مكتبات الشارقة ورشتين متخصصتين بالتعاون مع مركز جمعة الماجد، قدّمتا تجارب عملية أمام الجمهور لطرق ترميم وتجليد الكتب القديمة.
عرضت الورشة الأولى خطوات معالجة الورق التالف باستخدام أدوات الترميم اليدوي، بينما أتاحت الورشة الثانية تجربة عملية لتجليد الكتب يدوياً باستخدام مواد تقليدية، مع شرح خطوات تغليف الكتاب وتسوية حوافه بما يحافظ على بنيته وشكله.
واختُتمت الفعالية بورشة تفاعلية للأطفال، أتيحت لهم فيها تجربة محاكاة النقوش القديمة باستخدام ألواح الطين، مستلهمين رموزهم من كتابات ما قبل التاريخ التي يحتضنها متحف الشارقة للآثار.
جمعت الورشة بين المتعة والتعليم، وربطت الجيل الجديد بجذور الكتابة، عبر ممارسة يدوية تعرّفهم على بدايات التدوين وتاريخ الحرف العربي القديم.