جار التحميل...
الشارقة 24:
اختتم مهرجان نواكشوط للشعر العربي فعاليات الدورة العاشرة، التي أقيمت تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونظمتها دائرة الثقافة في الشارقة، على مدى 3 أيام، بمشاركة فاعلة ومميزة من شعراء ومثقفين ونقّاد موريتانيين، وأفارقة من دول مالي، وغينيا، وغانا، والسنغال.
أقيم حفل الختام في بيت شعر نواكشوط، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، ود. عبد الله السيد مدير البيت، وكوكبة من الأدباء ومحبي القصيدة.
وتميّزت الدورة العاشرة بالعديد من الفعاليات التي تنقّلت بالحضور بين القراءات الشعرية، وسلسلة توقيعات لدواوين شعرية صادرة عن دائرة الثقافة في الشارقة للعام 2025، كما قدّمت للحضور ندوة نقدية ابرزت موضوعاً بحثياً لافتاً يتصل بالقصيدة الموريتانية.
شهد اليوم الختامي ندوة نقدية تحت عنوان "القصيدة الموريتانية المعاصرة بين الأصالة والتجديد"، تحدث فيها: د. محمد الحسن محمد المصطفى، ود. محمد الأمين الشيخ أحمد (الهيبة)، ود. ببهاء بديوه، ود. الحسن محمد محمود، ود. محمد محفوظ، فيما قام د. ابوه بلبلاه بإدارة الجلسة.
وسعى الباحثون إلى توضيح مكانة الشعر في الثقافة الموريتانية وارتباطه بالهوية وحضوره الفاعل في الحياة المعاصرة.
واستندت الدراسات إلى نماذجٍ يتمّ فيها رصد البنية الإيقاعية للقصيدة الموريتانية التقليدية، ودراسة ثورة الإيقاع في الشعر، وتناول شعرية الإيقاع الداخلي، مع الاعتناء بنماذج أخرى تتجلّى فيها مظاهر المزاوجة الإيقاعية بين الالتزام بصرامة الوزن، وتطويع بنية الإيقاع التقليدي.
كما أبرزت البحوث تأثيرات السياقات الثقافية والاجتماعية في القصيدة الموريتانية، انطلاقاً من أثر التراث والبيئة الصحراوية والثقافة البدوية، مروراً بالتحولات الاجتماعية والسياسية، وصولاً إلى التفاعل مع الشعر العربي والعالمي المعاصر ودور المنتديات الأدبية والإعلام والوسائط الاجتماعية في تشكيل الإيقاع الجديد.
وهدفت الدراسات إلى استكشاف الشعارات الفلسفية المتكررة في القصيدة الشعرية المعاصرة في موريتانيا، وكيفية تعامل الشعراء الموريتانيين مع هذه القضايا من خلال أدواتهم الشعرية، مثل الهوية، الوجود، الزمن، الموت، الحرية، والعدالة، محاولة في الوقت نفسه ربطها بالواقع الاجتماعي والثقافي الموريتاني.
وشارك في الأمسية الشعرية الختامية 4 شعراء، هم: سيدي محمد بعب، وأبو بكر المامي، ومحمد دانسو دانسولا من غينيا، ومحمد ناجي أحمدو.
وعبرت قصائدهم الشواطئ نحو أعماق الذات حيث صور الذاكرة المتراكمة، كما أبحروا في قصائدهم التي تحمل موضوعات عديدة ناقلين الحضور إلى عوالمهم الإبداعية.
شهد اليوم الثاني جلسة شعرية لـ 4 شعراء من موريتانيا والسنغال، وهم: امباركة البراء، ومحمد ولد الطالب، وصالح سيدي محمّد، وعبد العزيز لو من جمهوريّة السنغال، وقدمها الاعلامي اقريني امّينّوه سيدي.
وأنشدت د.باتّه البراء، تقول:
كلّ الخطيئة أني لم أكن حجرا
وأن همَّ بني دُنْيايَ لي أرقُ
وأن لي في فضاء الحرف مدرعا
أسلو به كلما ناءت بي الطرقُ
ولي حقيبة شعر بت أحملها
فيها من الأرض طعم الأرض والعبقُ.
وقرأ الشاعر محمد ولد الطّالب، من "زهو المعطفِ "، الذي يقول فيه:
ماذا عرفتِ وما الذي لم تعرف
يا فتنة الممشى وزهو المعطفِ
عيناك واحاتٌ تحوم بسحرها
روح المسا ويرف حبرُ الأحرفِ
الكحلُ يرفل فيهما متوضئًا
في ماء لحظ ناعس متعسّفِ
ودم المجرة خمرة قد آلفتْ
سر الأباريق الذي لم يؤلفِ
وتواصلت الإلقاءات الشعريّة مع الشاعر السنغالي عبد العزيز لو، ومما قرأ:
عن قرية أعشبت في الروح
عن وطن ينمو بكل اخضرار الحب محتشدا
يحكى عن الليلة النشوى
وعن قمر يسيل في ضحكة السمّار متقدا.
وتواصلت فعاليات اليوم الثاني بأمسية شعرية لـ 5 شعراء من موريتانيا ومالي وغينيا، وهم: محمّد ولد المحبوبي، ومحمد دانوسكو من غينيا، ومحمد المختار ولد أحمدو، وعبد الله محمد عمر إسماعيل من جمهورية مالي، وممادو سوخو، وقدّمت الأمسيّة الإعلاميّة الزهراء أحمد سالم.
ألقى المحبوبي عدّة نصوص من ضمنها قصيدته "مرثاة متأخّرة" الّتي يقول فيها:
حين تمشين والعطور تناجيك
كنجوى الهُزام للقيثار
حين لا تذكرين أنّك أنثى
من سلالات الغيم والجُلّنار
حين تستيقيظين من دون قلبي
وتنامين في لظى الأسرار
حين لا تعبثين بالطلّ والمألوف
والبحر والشّذى والهَزار
سجّلي أنّني جوى متّ أرثيك
وأرثي هزائمي في انتصار
وقرأ محمد دانسولا وهو شاعر وروائيّ من جمهورية غينيا، عدة قصائد كان من ضمنها نصّه الموسوم "عزف على وتر الغربة" الذي يقول فيه:
سَــأَعُــــودُ بِــالـتَّــأْكِـــيــدِ يَــا سَــمْــــرَاءُ
لِــلْأَصْــلِ دَوْمًــا تَـــرْجِـعُ الأَشْــيَـــاءُ
رغْمَ احْتِلالِ الْبَيْنِ كلَّ خَرَائِطِي
لِي فِي جَــنَــــابِـــكِ مَـــوْعِـــد ولِـــقـــاءُ
لَا تَسْــأَمِي الأنَّاتِ بَيْنَ جَوانِحِي
فَــبِهَا تُــهَـدْهِدُ بُـــؤسَــهَا الْـــغُــربَــاءُ
وتواصلت الإلقاءات الشعريّة مع الشاعر محمد ولد أحمد المختار، كما ألقى عبد الله محمّد عمر إسماعيل، وهو شاعر من جمهوريّة مالي، من قصيده نصوصاً عديدة من ضمنها نصّه "القمر المعلّق من صبايا" الّذي يقول فيه:
وتمحو لعبة الأقدار ذاتي
وتغمرني إذا تمّت صلاتي
سأسجد في بساط الشعر سهوا
لعلّ الصّبح يشرق من حياتي
أنا من ليس يظهر في المرايا
وظلّي يستريح إلى مماتي
وانتهت الإلقاءات مع سيدي مامدو سوخونا وهو شاعر من مواليد 2002، حافظ للقرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، وقد ألقى عدّة نصوص شعريّة من بينها قصيدته "حسناوات دكار" الّتي يقول فيها:
طربُ الفُؤادِ ونغْمةُ الأوتْارِ
يتَقَاسمانِ الرُّوحَ في (دَكَّارِ)
أغْرقْنَ قَلْبي فِي هَوَى أناتهِ
وأذَبْن ثلجَ الحزْن فوق النارِ
يدخلُ مبدعو موريتانيا إلى بيت الشعر في نواكشوط مُحمّلين بكنوز معارفهم، مهتدين بذلك إلى أولى أحلامهم التي تتمثّل بإصدار أول ديوان شعري، وهو ما يحقّقه بيت الشعر من خلال دائرة الثقافة في الشارقة عاماً بعد عام بإصدار العديد من المؤلفات، الأمر الذي يشكّل دفعة معنوية أولى نحو مستقبل الكاتب.
وشهدت الدورة الحالية من مهرجان نواكشوط للشعر العربي؛ إصدار 6 دواوين شعرية لمبدعين موريتانيين، وجاءت العناوين على النحو التالي: "وشمٌ على ذاكرة الخلود" للشاعر أحمدو المختار عالم، و"عقابيل" للشاعر محمد سيدنا الناه، و"رذاذ" للشاعر صالح سيد محمد، و"شعلة بيضاء" للشاعر ديدي عبد الرزاق، و"عبق الفجر" للشاعر محمد بن مولود، و"رحلة اكتشاف لوادي عبقر" للشاعر سيدي مامدو سوخونا.
وعبّر الشعراء عن سعادتهم بتوقيع الديوان الأول، مؤكدين أن دعم الشارقة للقطاع النشري يساهم في خلق بيئة مثالية لأي مبدع، فيما عبّر آخرون عن فرحتهم بالمشاركة في مهرجان نواكشوط.
وقال بن مولود: "يحتاج الكاتب في هذا الزمن، الى مثل هذه المبادرات الثقافية الرائدة، و لأن للكلمة دورا، تمثل عملية النشر التى تقوم بها دائرة الثقافة بالشارقة ضوءا في آخر النفق الطويل، فشكرا لهم على الجهود الرائعة في دعم الثقافة و الإبداع في الوطن العربي".
وعبّر ولد عبد الرزاق عن سعادته، قائلاً: "سعدت كثيراً بنشر ديواني الأول "شعلة بيضاء" وقد كان هذا الاصدار الأدبي حدثا فارقا بالنسبة لي، ربما يغير نظرتي للشعر ويزيد اهتمامي به أكثر بعد انشغالي عنه في هموم الحياة المهنية، وهي فرصة لأجدد الشكر لبيت الشعر بنواكشوط ودائرة الثقافة بالشارقة على جهودهم في دعم المواهب ونشر الأعمال الأدبية".
وقال صالح سيد محمد: "كم هو جميل أن تتحقق الأمنيات. إصداري الأول بالنسبة لي إنجاز عظيم، كنت قبله كثير الارتياب في جودة ما أقدمه، والآن صرت مطمئناً، أشعر بكمية فرح عارمة تسكن قلبي، كلما نظرت إليه".
وأضاف: "كل كلمات الشكر والتقدير لا تكفي للاحتفاء بما تقدمه الشارقة وما تعمل عليه من خدمة للأدب والإنسان، واحتضان للإبداع والمبدعين، فهي مرتع المبدعين الخصب وملاذهم".
أما الشاعر المختار عالم، فقد قال: "أنا سعيد جداً بأن أقرأ نصوصي في عيون القراء، وأن أرى اسمى شاعراً بين الشعراء وأن أكون مفردة في القصيدة الكونية، ولن يتسنى لي ذلك ولا لأي شاعر آخر ما لم يجد طريقا للنشر، فالشكر كل الشكر لإمارة الشارقة ولصاحب السمو حاكم الشارقة، ولدائرة الثقافة، ولبيت الشعر في نواكشوط".
وأعرب سيدنا الناء عن فرحته الغامرة، قائلاً: "سعيد جداً بهذا الإصدار والاحتفاء به وتقديمه إلى القارئ ليتعرف على تجربتي الشعرية في هذه المرحلة"، مؤكداً أن دائرة الثقافة بالشارقة أتاحت فرصة ثمينة بنشر هذه الإصدارات، مجسدة بذلك إجازة فكرية وأدبية يطمح لها كل كاتب عربي.
وأضاف: "وهي بهذا العمل الثقافي تثبت أنها محط رحال المثقفين والكتاب، وبوابتهم إلى عالم الإبداع، وهو إنجاز ثقافي سيحفظه التاريخ في سطور من ذهب للأجيال العربية، وما فتئت الشارقة تحتفي بالكتاب والمثقفين العرب، وتمنحهم الاهتمام المستحق، وتضرب للوطن العربي مثالا في العمل الثقافي المشترك، والانفتاح على المبدعين أينما كانوا، تثمينا لأعمالهم واحتفاء بتجاربهم الأدبية".
وقال الشاعر محمد دانسوكو: "إن هذا المهرجان الشعري الذي يقيمه بيت الشعر سنوياً؛ مشروع أدبي ثريّ يسدي للغة العربية خدمات جليلة ويؤدي أدواراً فعالة في تطويرها".
وأشار إلى أن الإسهامات الثقافية التي يقدمها مشروع الشارقة على الصعيد العربي والعالمي، تعمل على تألق اللغة العربية وتحلق بجناح الشعر في سماوات التطور والازدهار.
وقال أبو بكر مامي: "لقد فتح بيت الشعر في نواكشوط أبوابه لاحتضان الشعراء من مختلف الأجيال، فصارت منصته وجهة لمحبي هذا الفن الجميل، وشكل إضافة مهمة للساحة الثقافية الوطنية فشكرا جزيلا لرعاته والقائمين عليه".
وأضاف: "يعتبر مشروع الشارقة الثقافي برؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، حاملاً للثقافة العربية في المحافل الدولية وهو جهد كبير يستحق التقدير".