الشارقة 24:
أعلن ملتقى جائزة الشارقة للأدب المكتبي 2024 أن موضوع الدورة الخامسة والعشرين القادمة من الجائزة هو "مؤسسات المعلومات والصناعات الثقافية والإبداعية"، وذلك ضمن ثلاثة محاور وهي: "تكامل أدوار مؤسسات المعلومات والصناعات الثقافية والإبداعية"، و"الأثر الاقتصادي لمؤسسات المعلومات على الصناعات الثقافية"، و"مؤسسات المعلومات ودعم رأس المال البشري وتمكين الكفاءات لتطوير الصناعات الإبداعية".
جاء ذلك خلال فعاليات ختام ملتقى جائزة الشارقة للأدب المكتبي في دورتها الرابعة والعشرين، والتي تم خلالها تكريم الفائزين ومناقشة عدد واسع من الموضوعات التي تقرأ واقع المكتبات وتستشرف مستقبلها، حيث أكد الملتقى أهمية دور المكتبات في دعم الصناعات الثقافية والإبداعية، وتعزيز دورها كحاضنة للمعرفة والابتكار، كما خرج الملتقى بتوصيات للمساهمة في صياغة رؤية مستقبلية لقطاع المكتبات في المنطقة، وإثراء الحوار حول السياسات الثقافية المتعلقة بالمكتبات وتطويرها.
وتأتي أهمية موضوع الدورة القادمة من الجائزة انطلاقاً من الدور الرئيسي الذي تلعبه الصناعات الثقافية والإبداعية في تحقيق التنمية المستدامة، باعتبارها ملمحاً إنسانياً مشتركاً، وعنصراً مهماً من عناصر القوى الناعمة للأمم والشعوب والحضارات، حيث يساهم ربط الصناعات الثقافية والإبداعية بقطاع المكتبات ومؤسسات المعلومات في دعم مجتمع الأعمال في هذه القطاعات الحيوية.
توصيات الملتقى … خارطة طريق لتطوير قطاع المكتبات
وخلال حفل الختام، تحدثت إيمان بوشليبي، مديرة إدارة مكتبات الشاقة، في كلمة قالت فيها: "بينما نستشرف اليوم آفاق المستقبل، ونضع ركائز ومحاور الدورة الخامسة والعشرين من جائزة الشارقة للأدب المكتبي، فإننا نترقب لحظة تاريخية حاسمة، فاحتفالنا في العام القادم باليوبيل الفضي لهذه الجائزة المرموقة، يصادف احتفالنا أيضاً بمئوية "مكتبات الشارقة"، التي لم تزل تمضي في رحلة حافلة بالإنجازات، مؤكدة مكانة الشارقة في عالم المعرفة والثقافة، ودور المكتبات العامة في تعزيز وتمكين مختلف الصناعات الثقافية والإبداعية".
واستعرضت بوشليبي توصيات الدورة الحالية من الملتقى، التي صدرت بعد نقاشات ولقاءات واسعة على مدى يومين؛ حيث شملت تلك التوصيات أهمية تعزيز الشراكات بين مؤسسات المعلومات ومؤسسات ريادة الأعمال والخدمة المجتمعية، وذلك من خلال تنظيم فعاليات متخصصة في المكتبات تدعم بيئة الأعمال وتساهم في تطوير المشاريع الناشئة، كما شددت التوصيات على ضرورة استقطاب أفضل الممارسات العالمية في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير خدمات المكتبات بكافة أقسامها، مما يسهم في تعزيز كفاءة هذه المؤسسات، وتلبية احتياجات المتعاملين المتزايدة.
ورغم تسارع التغيرات التقنية، أكدت توصيات الملتقى أهمية الحفاظ على القيم الإنسانية التي تميز المكتبات، مؤكدة دورها الحيوي في تمكين الصناعات الثقافية والإبداعية؛ حيث توفر للمبدعين والكتّاب بيئة معلوماتية ومعرفية تشجع على الابتكار والتجديد، كما أن لها دوراً راسخاً في حفظ التراث الثقافي وتقديمه للأجيال القادمة، مما يساهم في استمرارية الإنتاج الإبداعي والمعرفي.
تمكين وتكامل الأدوار المعرفية لبناء جيل قارئ
وشهدت فعاليات اليوم الثاني من الملتقى عدة جلسات حوارية، بدأت بجلسة تحت عنوان "المكتبات العامة: تمكين وتكامل الأدوار المعرفية لبناء جيل قارئ"، وتحدث فيها كل من شيخة الشامسي، مديرة سجايا فتيات الشارقة، وعمرة الهنائي، من مكتبة جامع بن عمير في سلطنة عمان.
وأكدت المتحدثتان أهمية القراءة في بناء أجيال واعية ومؤثرة، مشددتين على الدور المحوري للمكتبات في تحقيق هذا الهدف، حيث أبرزت شيخة الشامسي أن سجايا فتيات الشارقة، التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، تعمل على ربط الفتيات بالكتاب، وتحويل تجربة القراءة إلى تجربة حياة حقيقية مع الكتاب بكافة أشكاله وقطاعاته المعرفية، وذلك من خلال الأندية الأدبية والفعاليات المتنوعة.
كما سلطت عمرة الهنائي الضوء على دور المكتبات في بناء جسور التواصل بين الأجيال، وتوفير بيئة محفزة للتعلم والمعرفة، مشيرة إلى أن مكتبة جامع بن عمير تسعى، من خلال ورش العمل والبرامج المتخصصة، إلى ترسيخ حب القراءة في نفوس الشباب، وتعريفهم بتراثهم وحضارتهم، وتسعى إلى تنظيم ورش تختصر الكتب الأدبية الكبرى وتوفرها للأجيال بشكل مبسط لتأسيس حب الأدب في نفوسهم.
المكتبات العامة كمراكز حياتية
وفي جلسة حوارية أخرى تحت عنوان "المكتبات العامة كمراكز حياتية"، استضاف الملتقى كلاً من عبد الحميد الياسي، مدير إدارة رعاية الناشئة بالشارقة، والدكتور عماد جاب الله، مسؤول البرامج المهنية والجوائز في مكتبات الشارقة.
وخلال الجلسة أكد عبد الحميد الياسي أهمية دور المكتبات في بناء مجتمعات مترابطة، مشيراً إلى أن مؤسسة ربع قرن قد نجحت في إنشاء شبكة واسعة من المكتبات في مختلف مراكزها، والتي تعمل كروابط حيوية بين الشباب والمعرفة، لافتاً إلى ضرورة اختيار الكتب بعناية لتناسب الفئات العمرية المختلفة وتتماشى مع القيم الإماراتية.
بدوره، أشار الدكتور عماد جاب الله إلى أن المكتبات العامة تصبح مراكز حيوية للمجتمع عندما تتضافر جهود مختلف المؤسسات الثقافية، كما هي الحال في إمارة الشارقة، التي تولي الثقافة والمعرفة اهتماماً بالغاً، وتتميز بسياقاتها الثقافية والمعرفية؛ من جامعات بأعلى المستوى، ومكتبات تقليدية ومعاصرة، إلى مجامع للغة العربية والبحوث والابتكار… كل ذلك يساهم في أن تصبح المكتبة العامة مركزاً حياتياً يجمع الجميع تحت مظلته. مشدداً على ضرورة أن لا ترتبط المكتبات المدرسية بمنظومة الدرجات، بل بتكريس حضورها في نفوس الطلاب.
المكتبات العامة وريادة الأعمال
واختتمت فعاليات الملتقى بجلسة بعنوان "المكتبات العامة وريادة الأعمال"، وتحدث فيها علياء الشامسي، رئيس قسم التسويق في مركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، وإيمان بن شيبة، مؤسِّسة ومديرة شركة "سيل للنشر"، وممثلة إحدى المبادرات الرئيسية في القطاع "انشر".
وفي حديثها حول ما يقدمه مركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع) لرواد الصناعات الثقافية، أكدت علياء الشامسي أهمية تمكين الشباب في مجال الثقافة والإبداع، مشيرة إلى جهود "شراع" في هذا الصدد، من خلال إنشاء مراكز تميز في مجالات الصناعات الإبداعية وتكنولوجيا التعليم، حيث يوفر المركز بيئة محفزة للشباب لتحويل أفكارهم الإبداعية إلى مشاريع واقعية، ويقدم للشباب التدريب والتوجيه اللازمين، كما أنه يسهل لهم التواصل مع الشركاء والمستثمرين، مما يساهم في نجاح مشاريعهم، مثل شركة بوك إندز التي ابتكرت منصة إلكترونية لبيع الكتب المستعملة.
من جهتها، أشارت إيمان بن شيبة إلى دور صندوق "انشر" في تمكين الناشرين المبتدئين، وتوفير الدعم المالي والفني اللازم لهم لبدء مشاريعهم الخاصة، والذي يهدف إلى احتضان الأفكار الإبداعية في مجال النشر، وتمكين الناشر المبتدئ ليكون رائداً في مجال النشر، بالإضافة إلى تقديم برامج متخصصة للناشرين ذوي الخبرة، وكذلك الأشخاص الذين يتطلعون لدخول عالم الصناعات الإبداعية.
وفي إطار فعاليات اليوم الختامي من ملتقى جائزة الشارقة للأدب المكتبي 2024، نظَّمت مكتبات الشارقة جلسة خاصة لعرض أبحاث الفائزين بالفئتين الثانية والثالثة من الجائزة في دورتها الرابعة والعشرين وهما: "أفضل مكتبة ومؤسسة معلومات عربية"، و"أفضل مشروع وممارسة في حقل التخصص" بإدارة الدكتور رمضان الخولي، حيث سلط المتحدثون الضوء على ما توفره المؤسسات الفائزة لمجتمع القراءة، وابتكاراتها في ممارسات خدمة القطاع المكتبي وتطوير خدماته.