اجتاحت الأشنات، وهي كائنات من نوعي الفطريات والطحالب في آن واحد، موقع برسبوليس التاريخي الشهير في إيران، وبدأت تقضم ببطء آثار هذه المدينة القديمة التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، الأمر الذي دفع السلطات إلى تكليف خبراء بمهمة القضاء على هذه الكائنات التي باتت تهدد العاصمة السابقة للسلالة الأخمينية المعروفة بالفارسية باسم "تخت جمشيد"، والتي تمتد على مساحة 125 ألف متر مربع، وسط صحراء صخرية.
الشارقة 24 – أ ف ب:
ينكبّ خبراء وسط أنقاض موقع برسبوليس التاريخي الشهير في إيران، على القضاء على الأشنات، وهي كائنات من نوعَي الفطريات والطحالب في آن واحد، تقضم ببطء آثار هذه المدينة القديمة التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين.
وتستلزم هذه المهمة، التي بدأت قبل سنوات، عملاً جباراً، إذ تمتد العاصمة السابقة للسلالة الأخمينية المعروفة بالفارسية باسم تخت جمشيد، على مساحة تزيد عن 125 ألف متر مربع، وسط صحراء صخرية.
وتُعَدّ برسبوليس، الواقعة على بعد أكثر من 50 كيلومتراً من مدينة شيراز عند سفوح جبال وسط إيران، موقعاً أثرياً مهماً يشكّل أحد أكبر مراكز الفن الصخري في الشرق الأوسط.
وفي المدينة، تماثيل ذات رأسين لكائن غريفين الأسطوري المجنّح، بنقوش بارزة منحوتة بدقة، تمثّل ملوكاً قدماء ونبلاء ومختلف شعوب المنطقة.
وأوضح مدير الموقع عالم الآثار علي رضا أصغري شاوردي، أنه متحف في الهواء الطلق لحياة شعوب الشرق الأوسط قبل 25 قرناً.
وتعرّض الموقع، الذي بُنيَ في القرن السادس قبل الميلاد في عهد داريوس الأول، للتدمير والنهب والزلازل والحرائق والعواصف على مر القرون.
أما الخطر الرئيس اليوم، فمصدره الأشنات الناتجة عن مزيج من الفطريات والطحالب والتي تهاجم سطح الحجارة وداخلها على السواء.
وأشار شهرام رهبر، الذي يشرف على الموقع منذ نحو عقدين، إلى أن الأشنة هي المشكلة الأشدّ خطورة في المواقع التاريخية مثل برسبوليس، وخصوصاً بالنسبة للزخارف المنحوتة على حجارة الأدراج.
وغالباً ما تتركز هذه الكائنات الدقيقة المتنوعة الألوان في المدافن، حيث تستعمر شواهد القبور، وخصوصاً في المناطق الرطبة.
وأفاد عالم الأشنات محمد سهرابي، بأن النشاط الصناعي يعزز انتشار هذه الكائنات التي تخترق الحجارة إلى عمق يفوق سنتيمتراً ونصف سنتيمتر، وتابع أن التطور الصناعي يزيد في الغلاف الجوي من مركبات النيتروجين التي تكون بمثابة سماد للأشنات وتعزز نموها.
وأشار شهرابي، إلى أن إيران موطن لأكثر من ثلاثة آلاف نوع من الأشنات، ينتشر ما بين 500 و700 نوع منها في المواقع الأثرية، وأضاف أن أبرز المواقع التي تسببت فيها الأشنات بأضرار هي نقش بيستون في غرب إيران، وكذلك مدينة برسبوليس، حيث تلف عدد من الزخارف المعقدة.
وعلى أنقاض المدينة القديمة، يمكن من بعيد، رؤية الآثار الحمراء والصفراء للأشنات وخصوصاً على أعمدة الموقع العملاقة.
ونبّه رهبر، إلى أن هذه الكائنات تستطيع أن تحوّل التضاريس غباراً، خلال فترة تراوح بين 50 و100 عام.
وفي إطار سعي رهبر وفريقه، إلى إيجاد الحلول لهذه المشكلة، اختبروا تدريجاً أساليب توصي بها مراكز علمية، وباتوا اليوم يستخدمون التقنيات الحديثة كالليزر، وكذلك المواد الكيميائية، للقضاء على الأشنات.
وشرح رهبر، تفاصيل هذه العملية البطيئة والشاقة قائلاً: أولاً، نطبق المواد على الأشنات، ثم نكرر العملية بعد أسبوع، وتابع تعمل المادة كمضاد حيوي، إذ تضعف الأشنة تدريجاً، وعندما تضعف بدرجة كافية، يمكن الشروع في التنظيف باستخدام أجهزة الشفط.
وأثار كشف وسائل الإعلام الإيرانية، عن وجود الأشنات في برسبوليس في الأشهر الأخيرة، موجة من القلق في كل أنحاء الجمهورية الإسلامية، وتفاقم هذا القلق بعد تصريح لنائب وزير التراث الثقافي والسياحة والصناعات التقليدية علي درابي، شكا فيه نقص الوسائل اللازمة، للحفاظ على المواقع التاريخية في إيران.
وأوضح محسن (41 عاماً)، وهو كهربائي من مدينة قزوين، يجب الحفاظ على موقع برسبوليس، حتى يعرف أبناؤنا عندما يكبرون أين ولدوا، بينما قال قشقايي، وهو متقاعد يبلغ 82 عاماً، بفخر يذكرنا هذا المكان بأن الإيرانيين أنشأوا في وقت ما حضارة عظيمة.
وكانت برسبوليس، في صدارة المواقع السياحية الإيرانية الأكثر استقطاباً، خلال عطلة رأس السنة الفارسية الجديدة في مارس الماضي، إذ بلغ عدد زوّارها نحو 140 ألفاً.
وشدّد مدير الموقع علي رضا أصغري شاوردي، على أن برسبوليس هي أساس التاريخ والثقافة والحياة الاجتماعية والثقافية للإيرانيين، وذكّر بأن إيران كبلد، ولدت فعلياً مع بناء برسبوليس كعاصمة للإمبراطورية.