حضر صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور سمو الشيخ عبد الله بن سالم بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، وسمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس الشارقة للإعلام، عدداً من الخطابات الرئيسية المُلهمة، وذلك ضمن انطلاق الدورة الـ 13 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي.
الشارقة 24 – الشفيع عمر:
شهد صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور سمو الشيخ عبد الله بن سالم بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، وسمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس الشارقة للإعلام، عدداً من الخطابات الرئيسية المُلهمة، وذلك ضمن انطلاق الدورة الـ 13 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة في مركز إكسبو الشارقة على مدى يومين، ويتضمن أكثر من 160 فعالية بمشاركة 250 متحدثاً ومشاركاً تحت شعار "حكومات مرنة ... اتصال مبتكر".
وتابع صاحب السمو حاكم الشارقة، خطاباً بعنوان "الإعلام الوطني وسيمفونية الازدهار" حول دور الإعلام الوطني في دعم مسيرة التنمية والازدهار، تحدث فيه معالي الشيخ عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، حيث شبه معاليه الإعلام الوطني بسيمفونية تتناغم فيها مختلف الأصوات لإنتاج لحن واحد يعبر عن هوية الوطن وطموحاته، مشدداً على أهمية الإعلام في بناء مجتمعات متماسكة وقوية.
وقال: إننا نعمل في المكتب الوطني بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على الارتقاء بقطاع الإعلام في الدولة وتعزيز أداء القطاع الإعلامي في القيام بدوره على المستوى الوطني".
وأشار معاليه إلى أهمية دور الإعلام في الحياة، قائلاً: "يظل الإعلام الوطني منارة للأمل يعزف سيمفونية الازدهار نحو تحقيق التقدم والرفاهية، ولأننا في عصر تتسارع فيه الخطى نحو المستقبل، يقف الإعلام كعنصر أساسي في الوعي؛ فالمعلومات تجوب العالم وتعبر القارات دون حواجز، والتكنولوجيا الرقمية تركت بصمتها على حياتنا وعلى تعلمنا".
وأضاف معالي رئيس المكتب الوطني للإعلام، قائلاً: "تتجلى اليوم قدرة الدولة على التعامل مع مختلف التحديات بكفاءة واحترافية، حيث كان الإعلام قادراً على مواجهة المعلومات المضللة وتوعية المجتمع، خاصة في عصر الإعلام الرقمي وعصر الذكاء الاصطناعي الذي يلعب دوراً متزايداً في قطاع الإعلام كعنصر فاعل في تشكيل مستقبل الإعلام، لذلك نعمل ليبقى الإعلام قوة للخير ولصالح الإنسانية، ونحن على يقين بأن طرق التميز مليئة بالتحديات، وبفضل القيادة الرشيدة فإننا نوظف العلم والمعرفة في سبيل خدمة المجتمع".
وألقى البروفيسور فوميو هاياشي، الخبير الاقتصادي الياباني، خطاباً مُلهماً بعنوان: "رسالة يابانية إلى حكومات العالم مضمونها العقود المفقودة"، قدم خلاله تحليلاً عميقاً لأسباب التحديات الاقتصادية التي واجهتها اليابان خلال العقود الماضية، وعَرضَ دروساً قيمة يمكن للحكومات حول العالم الاستفادة منها لتجنب الوقوع في نفس الأخطاء.
وقدّم هاياشي تحليلاً للنمو الاقتصادي، مشيراً إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في ذلك، قائلاً: "تشير البيانات إلى أن معدلات النمو السكاني في الفئة العمرية فوق الخمسين قد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في 141 دولة منذ عام 1990 وحتى 2020، مع متوسط عمر أعلى من الأربعين في الدول المتقدمة، هذه الزيادة ترتبط بالنمو الاقتصادي، إذ تُظهر الدول الشابة كالهند علاقة مباشرة بين الشباب ومعدلات النمو المرتفعة، ما يشير إلى حيوية اقتصادية أكبر. وعلى النقيض، تواجه الدول ذات التركيبة السكانية المسنّة تحديات في النمو الاقتصادي، وفي السياق نفسه تؤثر معدلات الوفاة المرتفعة سلباً على الأداء الاقتصادي للدول، وهنا تُعتبر الإمارات نموذجاً للدول الشابة التي تتمتع بفرص تنموية واسعة، وهو ما يجعلها من أكثر دول العالم في معدلات النمو".
وواصل الخبير الياباني تحليله المفصّل، قائلاً: "أما بالنسبة للعامل الثاني المؤثر على النمو، فيتمثل في العلاقة العكسية بين حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو، حيث تشير البيانات إلى أن ارتفاع نسبة الفقر في دولة ما، يجعلها تملك فرصة أكبر للنمو من غيرها لأن ارتفاع مستويات الفقر يدفع الأفراد إلى العمل بجدية أكبر لتحسين أوضاعهم، مما يحفّز النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن هذين العاملين وهما: التركيبة السكانية وحصة الفرد من الدخل، يلعبان دوراً حاسماً في تحديد معدلات النمو الاقتصادي للدول".
وتناول المستكشف والكاتب البريطاني بير غريلز، في خطابٍ مُلهمٍ له بعنوان "رجل البرية يصنع من المغامرة استثماراً"، رؤيته حول كيفية تحويل المغامرة إلى استثمار، حيث ربط بين مغامراته في البرية وبين مواجهة تحديات الحياة، مشيراً إلى تجربته الخاصة، بقوله: "الفشل والإخفاقات كانت جزءاً من حياتي، وكانت أكثر من نجاحاتي، ومع ذلك، فإن الفشل هو وقود النجاح، حيث عزز من قوتي على الصمود والاستمرار".
وأشار غريلز إلى أن التجارب حتى وإن كانت فاشلة، هي محاولات تقود في النهاية إلى النجاح، وأن الفشل هو بوابة عبور ونقطة انطلاق جديدة، وأن الخوف هو رد فعل طبيعي تجاه الصعوبات والمعارك التي نواجهها في حياتنا، سواء كانت صحية، أو مالية، أو عاطفية، وقال: "علمتني الحياة أن المكافآت لا تأتي دائماً لمن يلمع ويتألق، بل لمن يتحلى بالإصرار ويواجه الصعوبات بشجاعة، وعندما نواجه مخاوفنا بدلاً من الهروب منها، فإنها تختفي".
وروى المستكشف البريطاني تجربته على قمة "إيفرست"، حيث فقد أربعة أشخاص حياتهم في ظروف قاسية، مؤكداً أن الشغف هو ما أنقذ حياته، واصفاً إياه بأنه الشرارة التي تدفعنا للاستمرار وعدم الاستسلام.
وأكد الخبير الاقتصادي جوستين لين في خطابٍ له بعنوان "أينشتاين وفولتير للحكومات: بذور الموهبة تزدهر بالتعليم" أن الاستثمار في التعليم هو الاستثمار الأهم الذي يمكن لأي حكومة أن تقوم به.
وأوضح لين، قائلاً "التعليم يساهم في تعزيز مواهب الإنسان، وهو عامل أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يجعل الناس أكثر ابتكاراً، كما أنه يُقلّل من الفروقات في الدخل بين أفراد المجتمع لأنه يُمكّن الناس من الحصول على دخلٍ مناسب، بالإضافة إلى ذلك، يسهم التعليم في تحقيق الانسجام الاجتماعي والتضامن لأنه يجعل لدى المواطنين الوعي بأهمية مساعدة الآخرين، فهو ليس امتيازاً شخصياً ولكنه خيرٌ عام".
وشدّد لين على أنه من الضروري للحكومات أن تعزّز من ديناميكية التعليم وأن توفّر للمتعلمين الوظائف التي تتناسب مع معارفهم، حتى تظل هناك حركة اقتصادية تتناسب فيها المهارات مع المعارف ومتطلبات سوق العمل.
وكشف الخبير لين عن الوصفة الخاصة للبنية الاقتصادية الصحيحة، مشيراً إلى ضرورة وجود تلاؤم بين عناصر الاقتصاد المتنوعة من زراعة وصناعة وتقنية وخدمات، بحيث يكون هناك وجود لكافة تلك العناصر وتوفير بنية تحتية معرفية لدى أبناء المجتمع في تلك القطاعات من أجل تحقيق التنمية المستدامة والشاملة، إلى جانب أهمية التركيز على قطاعات الاقتصاد الثقافي، التي تعد إمارة الشارقة رائدة فيها.
وأشار المهندس والمخترع المغربي رشيد اليزمي في كلمةٍ له بعنوان: "حينما تكون النوابغ العربية سبباً للارتقاء بالاتصال العالمي"، إلى أهمية تمكين الشباب العربي وإطلاق العنان لإبداعاتهم، وتوفير البيئة الداعمة لهم لتحقيق طموحاتهم.
وقال اليزمي: "إن ثورة "الجرافيت"، وهي من مواد طبيعية متوفرة في إفريقيا وآسيا وتستخدم في صنع أقلام الرصاص، أثّرت على حياة الكثيرين، وقد أخذت هذه المادة عندما زرت أحد مناجم الجرافيت في إفريقيا، وأحضرت هذا الحجر إلى هنا في الشارقة، والذي بتركيبته البسيطة بشكل هيكل ذي طبقات، حيث يقوم الكربون في كل طبقة بصنع أشكال سباعية، ومن صفاته أن التفاعل بين الكربون بين الطبقات قوي جداً، ومن هذه المادة جاءت صناعة الموبايلات والسيارات الكهربائية من خلال البطاريات التي تستخدم في صناعتها، والتي تُعرف ببطاريات الليثيوم".
وأضاف اليزمي: "في السوق العالمي، يزداد استهلاك بطاريات الليثيوم بسبب الحاجة إليها، ومن المتوقع أن يصل إلى 4700 غيغاوات ساعي من البطاريات، وهو ما توازي قيمته أكثر من 4 آلاف مليار دولار بحلول عام 2030، وجميعنا نعلم أن المستقبل في العالم، لا سيما في الإمارات، هو للطاقة الكهربائية النظيفة، وبالرغم من هذا النجاح الكبير، لا تزال هناك مجالات لتحسين بطاريات الليثيوم، خاصة من ناحية السلامة والأمان في المناطق الحارة، وتقليل الوقت المطلوب للشحن إلى أقل من 20 دقيقة، وزيادة المسافة التي يمكن أن تقطعها السيارة باستخدام شحنة واحدة للبطارية، وأخيراً تحسين عمر البطارية بشكل عام".
وفي ختام الخطابات المُلهمة، وفي خطوة تعكس رؤية الشارقة لمد جسور التواصل المعرفي مع الأجيال الصاعدة من المبتكرين، حاورَ العالِم البروفيسور رشيد اليزمي الطفل الإماراتي المخترع علي حميد اللوغاني، الذي أشار إلى أن فضول الطفولة كان ركيزة اكتشاف موهبته، متناولاً أهمية دعم العائلة والبيئة المحيطة للأطفال ورعايتهم لمواهبهم، قائلاً: "والدي ووالدتي كانا معي منذ بداية مشواري، وكانا يدعمانني، وكذلك المؤسسات المتوفرة في إمارة الشارقة، مثل مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين وربع قرن للعلوم والتكنولوجيا".
وتناول اللوغاني في حديثه "الطبيب الآلي" الذي ابتكره، وهو "روبوت" يساعد الطبيب على مراقبة حالة المريض عن بعد، مما يُقلّل الضغط على المستشفيات، مشيراً إلى أن الحاجة هي التي تدفعه للتفكير في إيجاد الحلول للمشكلات والتحديات التي يواجهها العالم، مؤكداً أنه يمتلك أكثر من 15 مشروعاً مسجلاً في الملكية الفكرية، ويطمح إلى نيل براءات اختراع عالمية وتسويقها.
وتمثل الدورة الـ 13 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي منصة معرفية تهدف إلى مناقشة وتحليل مستقبل الاتصال المبتكر وأثره على الحكومات في تحقيق الأهداف التنموية، ويتضمن مجموعة متنوعة من الجلسات والخطابات والحوارات وورش العمل، التي تناقش أهمية الاتصال المبتكر في ظل توجه حكومات العالم نحو تبني مفهوم الحكومات المرنة لتعزيز الابتكار وتطوير الفرص المستقبلية، للمساهمة في تعزيز الجهود العالمية لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.