الشارقة 24:
استضافت القاعة القاسميّة في مجلس اللّسان العربيّ بموريتانيا، مؤخّراً، محاضرة علميّة بعنوان "ملمح الانسجام اللّفظيّ في بناء السّورة القرآنيّة: وقفة تأصيليّة"، ألقاها عبر تقنية الاتّصال المرئيّ الدّكتور امحمّد صافي المستغانمي، الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، بحضور الأستاذ الدّكتور عبد اللـه الوشمي رئيس مجمع الملك سلمان العالميّ للّغة العربيّة ونخبة من العلماء والباحثين واللّغويين، وأدارها الدّكتور البكاي عبد المالك الأمين العامّ لمجلس اللّسان العربيّ بموريتانيا.
ورحّب الدّكتور الخليل النحوي، رئيس مجلس اللّسان العربيّ، بأمين عامّ مجمع اللّغة العربية بالشّارقة والحضور، وقال: "إنّ المجلس أطلق مؤخّرًا برنامج (حديث الطّيف) ضمن مبادراته البحثيّة والعلميّة، بهدف استضافة نخبة من العلماء والباحثين عبر تقنية الاتّصال المرئيّ والمسموع من مختلف أنحاء العالم. واختير الدّكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، الصّرح المعرفيّ الذي يمثل الشّريك الرّئيسيّ لمجلس اللّسان العربيّ، ليكون أوّل ضيف يحاضر في هذا البرنامج العلميّ الرّائد".
انسجام ونظام لغويّ محكم
وسلّط الدّكتور امحمّد صافي المستغانمي، الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، الضّوء على الخصائص الفريدة التي تُميّز سور القرآن الكريم، مشيرًا إلى الانسجام البديع والتّنظيم اللّغويّ المحكم الذي يعكس دقّة وإعجازًا لا مثيل لهما. وأوضح أنّ كلّ سورة في القرآن الكريم تتبع محورًا خاصًّا بها، مع اعتماد اختيارات لغويّة مدروسة تتناغم مع هذا المحور.
وقدّم المستغانمي أمثلة توضيحيّة من القرآن الكريم، مثل سورتي النّبأ والنّازعات، لإبراز هذه الملامح، كما نوّه بأنّ الانسجام اللّغويّ لا يقتصر على مفردات كلّ سورة ومحورها فحسب، بل يمتدّ ليشمل العلاقة بين خاتمة السّورة وفاتحة السّورة التي تليها، وهو ما أكّده علماء التّفسير في دراساتهم السابقة، بالإضافة إلى الرّبط بين السّور المختلفة التي تشترك في مفردات، وتراكيب، أو قصص متشابهة.
سورتا النّبأ والنّازعات نموذجًا
وشرح المستغانمي هذا الملمح التّفسيريّ قائلاً: "افتُتحت سورة النّبأ بتساؤل المشركين عن البعث استهزاءً به وتكذيبًا، وخُتمت بوصف ندمهم على ذلك: ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا﴾، كما تتناسب السورة مع سورة النازعات من ثلاثة أوجه: تشابه الموضوع؛ فكلتا السّورتين تتحدثان عن القيامة وأحوالها، وعن مآل المتّقين، ومرجع المكذّبين؛ وتشابه المطلع والخاتمة؛ إذ إنّ مطلع السّورتين يتحدّث عن البعث والقيامة، واختتمت سورة النّبأ بالإنذار بالعذاب القريب يوم القيامة، وسورة النّازعات خُتمت بالكلام عمَّا في أوّلها من إثبات الحشر والبعث، وتأكيد حدوث القيامة، وافتُتحت سورة النّبأ بسؤال المشركين عن الساعة واختلافهم فيها، وخُتمت سورة النّازعات بسؤالهم عن وقتها واستبعادها".
وفي ختام المحاضرة، فُتِح باب الحوار لاستقبال أسئلة العلماء والمتخصّصين، الذين أغنوا النّقاش بمداخلاتهم ووجهات نظرهم، حيث ساهمت هذه التّفاعلات في تعزيز فوائد المحاضرة وإثرائها بالمعلومات النّوعيّة، ممّا أظهر الدّور البارز للحوار العلميّ في تنمية المعرفة وتبادل الخبرات بين الباحثين.