أطلق معهد الشارقة للتراث شراكة معرفية ومجتمعية نوعية مع مكتبة الإسكندرية ضمن جهودهما العلمية والأكاديمية المتواصلة للنهوض بالتراث الثقافي المادي وغير المادي على مستوى الوطن العربي والحفاظ عليه وتعزيز الوعي بأهميته.
الشارقة 24:
أعلن معهد الشارقة للتراث عن إطلاق شراكة معرفية ومجتمعية نوعية مع مكتبة الإسكندرية ضمن جهودهما العلمية والأكاديمية المتواصلة للنهوض بالتراث الثقافي المادي وغير المادي على مستوى الوطن العربي والحفاظ عليه وتعزيز الوعي بأهميته.
جاء ذلك لدى مراسم توقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين بشأن التعاون المشترك وتبادل المعرفة والخبرات وتأسيس شراكة مجتمعية، والتي جرت أمس الثلاثاء بمقر مكتبة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية.
قام بالتوقيع على المذكرة كل من سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، وسعادة الأستاذ الدكتور أحمد عبد الله زايد حجاب مدير مكتبة الإسكندرية، وبحضور السيد أحمد سالم البيرق، مدير إدارة الاتصال المؤسسي بمعهد الشارقة للتراث، وعتيق القبيسي، باحث في التراث.
أبعاد ثقافية وأكاديمية
وأعرب سعادة الدكتور عبدالعزيز المسلم عن اعتزازه بالدخول في هذه الشراكة المهمة ذات الأبعاد الثقافية والأكاديمية والفنية المختلفة، والتي تتسق مع أهداف معهد الشارقة للتراث باعتباره مؤسسة ثقافية وأكاديمية تعمل على ترجمة وتجسيد رؤى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في تعزيز وترسيخ الحفاظ على الهوية وصون التراث، مشيرًا إلى أن هذا الالتزام تجسده الأولويات الاستراتيجية للمعهد والتي يتصدرها موضوع توثيق وحفظ وتدريس التراث الثقافي والعلوم الإنساني الأخرى من خلال تبني الأسس العلمية المتعارف عليها أكاديميًا وفنيًا، فضلًا عن جهوده في مجال النشر العلمي والإشراف على البحوث في شتى مجالات التراث الثقافي والأنثروبولوجيا والتاريخ، إلى جانب إدارة الجهات التراثية في إمارة الشارقة، وإقامة الأنشطة والثقافية والفعاليات التراثية المختلفة.
توسيع مساحات التعاون
وأضاف المسلم: إن المكانة العلمية والأكاديمية التي تملكها مكتبة الإسكندرية باعتبارها صرحًا علميًا وثقافيًا جامعًا، ولها تاريخ عريق ورصيد حافل مشهود له في حفظ المراجع العلمية والبحثية وإجراء الدراسات والاستشارات المتنوعة، ستسهم في توسيع مساحات التعاون الحالي ومجالات الشراكة القائمة بين الطرفين من خلال تطوير وتفعيل المزيد من البرامج والمبادرات المشتركة التي تؤسس لها بنود المذكرة، ولا سيما في مجال التكوين العلمي وتأهيل الكوادر المتخصصة في التراث الثقافي.
مكنز التراث الثقافي
وأوضح رئيس معهد الشارقة للتراث أنه بموجب المذكرة سيتعاون الطرفان في إعداد البوابة الإلكترونية المخصصة لمشروع مكنز التراث الثقافي غير المادي في العالم العربي، من خلال خبراء مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع للمكتبة، منوهًا بأن "المكنز" هو ثمرة توجيهات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ويقوم المعهد برعاية ودعم ونشر هذا المشروع الثقافي والمعرفي البارز في سبيل إتاحة هذه المادة العلمية القيّمة عبر البوابة، ليكون في متناول جمهور الباحثين والدارسين والمهتمين.
وأوضح الدكتور عبدالعزيز المسلّم أنه من قرون عديدة أهل الخليج يتقنون دائماً عدة لغات، أكثر من 3 لغات، الهندية والفارسية، وعندما جاء المستعمرون الأوربيون بدأ يتقنون البرتغالية والإنجليزية والفرنسية، وعليه إذن التعددية التي وصلت إليها اليوم دولة الإمارات بوجود أكثر من 200 جنسية هو امتداد طبيعي لذلك الإرث القديم، كما أن العلاقة مع جمهورية مصر العربية قديمة جداً، عندما نتذكر التعليم الأكاديمي العالي نتذكر مصر، لأن بدأ فيها كثير من الفنانين التشكيليين في الإمارات، وكثير من الكتاب تعلموا في مصر، أو على الأقل نهلوا من معين هذا الجو الثقافي الكبير.
الحياة ليست تراثنا فقط بل تراث الآخرين أيضاً
من جانبه، عبّر سعادة الأستاذ الدكتور أحمد عبد الله زايد حجاب مدير مكتبة الإسكندرية عن سعادته بتوقيع اتفاقية التعاون المشترك مع معهد الشارقة للتراث، بخصوص المحافظة على التراث الثقافي المادي وغير المادي، وجمع التراث وتوثيقه بما يليق به ويستحقه، ولفت إلى أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، يهتم بجمع وتوثيق بالتراث بشكل كبير جداً، وهو ما تجلى في أكثر من مناسبة طوال عقود من الاشتغال الحيوي العميق حول التراث ومكانته وأهميته واستدامته.
وأشار إلى أن هناك مشروع عمل مشترك بين مصر والإمارات تركز فيه مكتبة الإسكندرية على رجال الإمارات الذين درسوا في مصر، ورجال مصر الذين ذهبوا للعمل والدراسة في الإمارات، حيث يكون هناك وثيقة أو قاموس يجمع هذا الكلام، ولدينا وثيقة من وزارة الخارجية للعمل بهذا الخصوص، وهي إحدى القضايا التي سنعمل عليها معاً ونتعاون فيها مستقبلاً.
وأكد أنه عندما ندرس التراث فإننا نتعلم فكرة التعددية وقبول الآخر، وبأن الحياة ليست تراثنا فقط بل تراث الآخرين أيضاً، وأن التراث ليس مفرداً وإنما جمع، وعندما نتحدث عن التعددية نولي وجهنا صوب مصر والإمارات، مشيراً إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت نموذجاً غير مسبوق في موضوع التعددية، لأن من يذهب إلى دولة الإمارات ويعيش فيها حتى لفترة قصيرة يرى كيف يتفاعل أفراد من جنسيات مختلفة ومن ثقافات مختلفة، فمثلاً في جامعة الشارقة يوجد أكثر من 105 جنسيات من مختلف جنسيات العالم، ويخضعون جميعاً لقانون واحد، والكل يلتزم بهذا القانون التزام كبير جداً.
وتابع قائلاً:" مُهمتنا في موضوع التراث ليست في المحافظة عليه وحراسته، بل لنتعلم منه ونستقي منه بعض المعلومات وبعض العناصر التي تمكننا من أن نتجه إلى المستقبل بهذه الروح التي يوجد فيها التعددية والجمعية والتعايش الخلاق مع العالم ككل".
دراسة وتوثيق وحفظ وترويج التراث الثقافي المادي وغير المادي والعلوم الإنسانية الأخرى
وبموجب المذكرة المبرمة التي تسري لمدة ثلاث سنوات، سيباشر الطرفان خلال الفترة المقبلة العمل المشترك في مجال البحث العلمي بهدف دراسة وتوثيق وحفظ وترويج التراث الثقافي المادي وغير المادي والعلوم الإنسانية الأخرى، بالإضافة إلى التعاون في مجال الترجمة والنشر، وتبادل المطبوعات والمراجع والوسائط وكل ما من شأنه أن يثري تجربة الطرفين من أوعية المعرفة ومصادرها.
كما تمهد المذكرة لإجراء حزمة من الزيارات المتبادلة بين الخبراء لدى الطرفين، وعقد الندوات والمحاضرات حول التراث الثقافي والعلوم الإنسانية، واستضافة البرامج والمؤتمرات والفعاليات الثقافية والعلمية التي ينظمها كل من المعهد والمكتبة.