اختفت مئات القرى والمساحات الزراعية، تحت مياه الفيضانات المدمرة التي طالت قرابة ثلث مساحة باكستان، فلا يمكن في بعض المناطق، رؤية سوى أعلى مآذن مسجد أو أشياء أخرى مرتفعة، بعدما غمرتها مياه بحيرات شاسعة بعشرات الكيلومترات تشكلت أخيراً.
الشارقة 24 – أ ف ب:
من فوق سدّ أقيم على عجل لحماية مدينة ميهار الباكستانية من مياه الفيضانات، يمكن فقط رؤية أعلى مآذن مسجد ولوحة أسعار في إحدى محطات الوقود، بعدما غمرتها مياه بحيرة شاسعة بعرض عشرات الكيلومترات تشكلت أخيراً.
في إقليم السند الجنوبي، اختفت مئات القرى والمساحات الزراعية تحت مياه الفيضانات المدمرة التي طالت قرابة ثلث مساحة باكستان.
وأوضح أياز علي، الذي غرقت قريته تحت قرابة 17 متراً من المياه، أنه لم يعد أحد يعرف مكان قريته، ولا يمكن لأحد أن يتعرف إلى منزله.
وأعلنت حكومة السند، أن أكثر من 100 ألف شخص نزحوا بسبب البحيرة التي تشكلت وفيضان نهر السند عن ضفافه.
وفي أنحاء البلاد، طالت تداعيات الفيضانات قرابة 33 مليون شخص، ودمرت قرابة مليونين من المنازل والمؤسسات التجارية، فيما غمرت المياه 7000 كيلومتر من الطرق وجرفت 500 جسر.
ويساعد علي، الذي يعمل مساعد سائق حافلة ويتمتع بذاكرة قوية، قوات البحرية في التعرف إلى كل قرية من خلال أعمدة الكهرباء ونمط الأشجار المزروعة.
ويشقّ متطوعون من سلاح البحرية، المياه في زورقي نجاة، لتسليم مساعدات تبرع بها الأهالي، وينقلون المحتاجين لرعاية طبية إلى المدينة.
وبمساعدة علي، يبحثون عن مساحات لم تغمرها المياه، لجأت إليها بعض العائلات رافضة المغادرة رغم وضع مأسوي تفاقمه الحرارة الشديدة.
وأكد أحد هؤلاء المتطوعين، أنه منازلهم وممتلكاتهم ثمينة جداً بالنسبة لهم، وأضاف وهو ينظر إلى المياه الشاسعة، عندما التحقت بالبحرية لم أكن أتصور أنني سأفعل هذا.
بعد إيقاف المحرك، يتنقل القارب ببطء بين رؤوس الأشجار وبصعوبة تحت خطوط الكهرباء أمام تجمع يضم منازل متداعية تحيط بها المياه، وهذه المرة ينتظرهم عشرات الأشخاص.
ويستمر الكثير منهم برفض مغادرة منازلهم خوفاً على ماشيتهم، وهي كل ما تبقى لديهم، من السرقة أو النفوق، وخشية أن يكون الوضع أسوأ في مخيمات الإيواء المؤقتة التي تشكلت في أنحاء البلاد.
وأوضح أسير علي، وقد وصلت المياه مستوى ركبتيه، قائلاً: "حياتنا مرتبطة بقريتنا، كيف لنا أن نغادر؟"، ويرفض أن تغادر زوجته الحامل في شهرها الثامن.
وساعد المتطوعون، بعض الذين تراجعوا عن قرارهم البقاء، في الصعود إلى القارب الذي يحمل ضعف سعته في رحلة إلى المدينة، من رجال يعانون من الحمى وأطفال مصابون بالإسهال وامرأة مسنة أبكمتها المأساة.
ومن بينهم أم شابة، فقدت مولودها عندما غمرت المياه منزلها، الأسبوع الماضي، وكانت مصابة بدوار بسبب ضربة شمس، فيما طفلها البالغ عامين مرهق تحت شمس الظهيرة الحارقة، وكان عناصر البحرية يسكبون المياه عليهما باستمرار.
والسدّ الطيني الجديد البالغ طوله عشرة كيلومترات، تمكن حتى الآن من درء الفيضانات عن ميهار البالغ عدد سكانها مئات الآلاف، غير أن المدينة ترزح تحت عبء النازحين الذين فروا في الأسابيع الثلاثة الماضية، إلى مخيمات عشوائية أقيمت في مواقف سيارات ومدارس وعلى الطرق السريعة.
وأشار محمد إقبال العامل في "مؤسسة الخدمات" وهي منظمة إنسانية مقرها في باكستان، إلى أن وصول المزيد من العائلات إلى المخيم يستمر وهم في وضع مخيف.
وهذه المنظمة، هي الوحيدة المتواجدة في مخيم يضم 400 شخص يشكل أكبر مخيمات المدينة.
وأضاف إقبال، هناك حاجة هائلة إلى مياه الشرب والمراحيض، لكن قد يترتب عليهم الانتظار مدة أطول، إذ أن أولويات الحكومة هي تجفيف المناطق الغارقة.
وتزيد المياه، الضغط على السدود والخزانات، ما يجبر المهندسين على إحداث فتحات لإنقاذ مناطق مكتظة على حساب مفاقمة الوضع في الريف.
وأوضحت أُميدة سولانجي، الأم البالغة 30 عاماً، جالسة على سرير خشبي في مخيم المدينة، أن جميعهم ذهبوا لحماية المدينة وليس الفقراء في المناطق الريفية.