انسحب أنصار مقتدى الصدر، اليوم الثلاثاء، من المنطقة الخضراء في بغداد، بعد أن أمهلهم زعيمهم ستين دقيقة لوقف كل الاحتجاجات، مندّداً باستخدامهم العنف بعد مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية وأفراد الحشد الشعبي، أسفرت عن مقتل ثلاثين منهم خلال 24 ساعة.
الشارقة 24 – أ ف ب:
أعلنت مصادر مطلعة، أن أنصار مقتدى الصدر، انسحبوا اليوم الثلاثاء، من المنطقة الخضراء في بغداد، بعد أن أمهلهم زعيمهم ستين دقيقة لوقف كل الاحتجاجات، مندّداً باستخدامهم العنف بعد مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية وأفراد الحشد الشعبي، أسفرت عن مقتل ثلاثين منهم خلال 24 ساعة.
وفور بدء الانسحاب، أعلن الجيش، رفع حظر التجوّل الذي أعلنه الاثنين في البلاد الغارقة، في أزمة حادة سياسية واقتصادية منذ الانتخابات النيابية التي جرت في 21 أكتوبر 2021.
وقتل ثلاثون من أنصار الصدر بالرصاص في الاشتباكات التي وقعت بينهم وبين فصائل موالية لإيران والقوى الأمنية في بغداد، بحسب حصيلة جديدة أدلى بها مصدر طبي، اليوم الثلاثاء، وأصيب 570 من أنصار الصدر خلال الاشتباكات التي استمرت 24 ساعة.
وبدأت المواجهات، التي استخدمت فيها الأسلحة الآلية والقذائف الصاروخية الاثنين، بعد نزول أنصار الصدر للشوارع غاضبين، إثر إعلانه اعتزاله السياسة "نهائياً"، وتلت ذلك فوضى عارمة تطورت لاشتباكات.
وأوضح الصدر، في مؤتمر صحافي عقده في النجف، إذا لم ينسحب كل أعضاء التيار الصدري خلال ستين دقيقة من كل مكان، حتى من الاعتصام، أنا أبرأ منهم، وبغض النظر من كان البادئ أمس، أمشي مطأطأ الرأس وأعتذر للشعب العراقي الذي هو المتضرر الوحيد مما يحدث.
وأضاف الصدر، أنا أنتقد ثورة التيار الصدري، بئس الثورة هذه، بغض النظر عمن هو البادئ، هذه الثورة ما دام شابها العنف، ليست بثورة.
فور انتهاء ندائه، بدأ أنصاره ينسحبون من المنطقة الخضراء في العاصمة التي تضمّ المؤسسات الرسمية والسفارات وتعتبر محصنة أمنياً، وسكت صوت السلاح.
ووقعت المواجهات، بين "سرايا السلام" التابعة لمقتدى الصدر من جهة، وقوى أمنية وفصائل من الحشد الشعبي موالية لإيران، تشكل جزءاً من القوات العراقية الرسمية.
وندّد الإطار التنسيقي، القوة الثانية في البرلمان بعد التيار الصدري، والذي يضم ممثلين عن فصائل في الحشد الشعبي وأحزاب أخرى بينها ائتلاف "دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بمهاجمةِ عناوين الدولةِ المختلفة، بما فيها مجلس القضاء والقصر الحكومي ومقر مجلس الوزراء وغيره، وتعطيل ومهاجمة مؤسساتِ الدولةِ، في إشارة الى اقتحام أنصار الصدر هذه المؤسسات في مناطق مختلفة.
وأكد الوقوف، مع الدولة ومؤسساتها، ودعا جميع الفعاليات، دينيةً وسياسيةً واجتماعيةً، الى التدخلِ والمبادرة من أجل درءِ الفتنة، وتغليب لغة العقلِ والحوار، وتجنيب البلد مزيداً من الفوضى وإراقة الدماء، كما دعا التيارِ الصدري للعودةِ الى طاولةِ الحوار والعمل مع إخوانهم من أجل الوصول إلى تفاهماتٍ مشتركة.
ودعت الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة، إلى ضبط النفس.
ويشهد العراق، أزمة سياسية حادة منذ انتخابات 2021، بعد فشل أقطاب السياسة العراقية في الاتفاق على اسم رئيس جديد للحكومة، كما فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد.
ويلتقي مقتدى الصدر والإطار التنسيقي، على أن حل الأزمة يكمن في تنظيم انتخابات جديدة، لكن الصدر يريد حل البرلمان قبل كل شيء، بينما يريد أنصاره تشكيل حكومة أولاً.
وتصدّر التيار الصدري، نتائج الانتخابات الأخيرة ليشغل 73 مقعداً من 329 هو مجموع مقاعد البرلمان، لكن لم تكن لديه غالبية تمكنه من تشكيل حكومة، وبسبب الفشل في الاتفاق على صيغة حكومية، أعلن الصدر في يونيو الماضي، استقالة نوابه من البرلمان.
ومنذ قرابة الشهر، كان أنصاره يعتصمون قرب البرلمان مطالبين بحلّ مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل السير بالبلاد على طريق الإصلاحات.
ويدعو الصدر، إلى إصلاح أوضاع العراق من أعلى هرم السلطة إلى أسفله، وإنهاء "الفساد" الذي تعاني منه مؤسسات البلاد.
ورداً على سؤال، طرح عليه خلال المؤتمر الصحافي عما سيحصل لاحقاً، رفض الصدر الرد قائلاً: إنه لا يتعاطى السياسة.
وتشوب علاقة الصدر بإيران التي تتمتع بنفوذ كبير في العراق، الضبابية، فهو عاش لفترة طويلة في إيران، لكنه يتمسك في الوقت نفسه بشيء من الاستقلالية على الصعيد الوطني الداخلي.
واعتبر رناد منصور من مركز "شاتام هاوس" للأبحاث، أن قيام الصدر بإرسال أنصاره إلى المنطقة الخضراء ثم الطلب منهم الانسحاب، يظهر لمعارضيه سلطته الاجتماعية ومدى اتساع قاعدته الشعبية، وأضاف أن استراتيجية العنف وزعزعة الاستقرار تشكل جزءاً من تكتيك التفاوض لدى الصدر.