ابتكر مطعم إنجليزي في مدينة بريستول البريطانية، طريقة جديدة لتذكير زبائنه بأثر الوجبات التي يختارونها على البيئة، من خلال مبادرة يندر مثيلها، وتتمثل في إعلام رواده بالبصمة الكربونية لكل طبق من أطباقه، من خلال تدوين حجم أثرها البيئي في قائمته.
الشارقة 24 – أ ف ب:
يعرب إنيوما أنوميليشي عن ذهوله، عندما يطّلع على قائمة مطعم في مدينة بريستول البريطانية، بقوله "يا للهول! ثلاثة كيلوغرامات لبرغر"، وهو لا يعني بذلك ضخامة الوجبة، بل حجم البصمة الكربونية لهذا الطبق، إذ تشير اللائحة إلى مدى الأثر البيئي لكل من محتوياتها.
فمنذ منتصف يوليو الفائت، شرع "ذي كانتين" في مبادرة يندر مثيلها، وتتمثل في إعلام زبائنه بالبصمة الكربونية لكل طبق من أطباقه، من خلال تدوين حجم أثرها البيئي في قائمته المسائية.
وأراد هذا المطعم، الذي يقدم الأطباق النباتية حصراً في المدينة الواقعة بجنوب غرب إنجلترا، أن يساهم في جعل الناس يدركون ما يفعلون سعياً إلى تحقيق تحسّن.
ويتفحص أنوميليشي "37 عاماً" القائمة، لدراسة الخيارات المتاحة، فيما يرتشف مشروبه المفضّل مع مجموعة من أصدقائه على شرفة المطعم.
وتوضح قائمة الطعام، أن البصمة الكربونية لباكورا الجزر والشمندر مع صلصة اللبن تبلغ 16 غراماً، في حين تصل الحسبة إلى 675 غراماً للباذنجان مع صلصة الميسو والهريسة، مع التبولة والخبز المحمّص بالزعتر، أما تناول برغر من إنتاج بريطانيا فيوازي نحو 30.50 كيلوغراما من مكافئ الكربون، أي عشرة أضعاف البرغر النباتي.
ويقرّ إنيوما أنوميليشي، بأن الفرق "هائل"، لكنه يوضح عندما أقصد مطعماً، أرغب في أن أستمتع به، لا أريد أن أعرف السعرات الحرارية، لا أريد أن أعرف البصمة الكربونية، ويضيف في المقابل، إذا كان بإمكاني الحصول على هذه المعلومات في متجر السوبرماركت، فسأكون أكثر استعداداً للتغيير.
أما صديقته سالي رايت (32 عاماً)، فتوضح، قد لا يدفعنا ذلك بالضرورة إلى تعديل ما نطلبه، لكنه يؤدي إلى نقاش قبل الطلب، قد يؤثر على كيفية تبضعنا مستقبلاً.
وينتج كل بريطاني في المتوسط، أكثر من عشرة أطنان من المكافئ الكربوني سنوياً، وفقًا للأرقام الصادرة عن الحكومة التي تسعى إلى خفض الانبعاثات في المملكة المتحدة بحيث تصبح سنة 2035 أقل بنسبة 78 %، مما كانت عليه عام 1990، وهو هدف يحقق ما نصت عليه الاتفاقات الدولية للحد من ظاهرة الاحترار المناخي.
ومع أن التغيير في العادات الغذائية لا يكفي للوصول إلى هذا الهدف، فإن التحول إلى نظام نباتي سيكون أحد تغييرات السلوك الأكثر فاعلية للحد من بصمة الفرد الكربونية، وفق ما رأت في إبريل الماضي الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
ويؤكد مدير المطعم ليام ستوك، أن هذه المبادرة ترضي الزبائن، سواء أكانت تؤثر مباشرة على اختيارهم أم لا، ويلاحظ أنها "تولّد الكثير من الاهتمام"، مذكّراً بأن ثمة قانوناً في إنجلترا يُلزم المطاعم الكبيرة بذكر عدد السعرات الحرارية، ويضيف لكنّ العديد من الزبائن يخبروننا أنهم لا يكترثون بالسعرات، بل يهتمون أكثر بالكربون.
وترى رئيسة جمعية "فيفا!" المؤيدة للنظام الغذائي النباتي لورا هيلويغ، يجب أن المؤشر الذي ينبغي أن يكون إلزامياً هو ذلك المتعلق بالأثر البيئي، وتعتبر أن المستهلكين يجب أن يتمكنوا من اتخاذ خيارات مستنيرة في ظل حال الطوارئ المناخية الراهنة، وتوقعت أن يختار معظم الناس الكوكب عندما يرون أمامهم الفرق بين وجبة لحوم وطبق نباتي.
وأطلقت "فيفا!"، حملة وطنية لإقناع المطاعم بأخذ زمام المبادرة، وكان "ذي كانتين" أول المتجاوبين.
وإذ يشير ليام ستوك، إلى أن معظم المواد المستخدمة في مطبخه من نتاج المنطقة، يؤكد أن المبادرة "مطابقة" لسياسة مطعمه، وبالتالي يحقق نتيجة جيدة، إذا جرى تقييمه على أساسها، ويضيف لم يكن علينا تغيير أي شيء، لكنه يقرّ ببعض المفاجآت "مثل البهارات التي يتم استيرادها" ما يساهم في زيادة الانبعاثات.
وأرسل "ذي كانتين"، لائحة بوصفاته وبمصدر المواد المستخدمة فيها إلى شركة "ماي إميشنز" المتخصصة التي تحدد البصمة الكربونية للأطباق "من المهد إلى الصحن" آخذة في الاعتبار عوامل عدة كمصدر كل منتج ونقله وتغليفه.
ويؤكد نايثان جونسون (43 عاماً)، وهو زبون نباتي، إذا ترددت بين طبقين، وفي ضوء مدى شهيتي للطعام، يمكنني اختيار النوع الأقل بصمة كربونية.
وهو اختار مثلاً في ذلك اليوم، سلطة الشيف التي توازي 162 غراماً من المكافئ الكربوني في القائمة.
أما إيما هارفي، وهي زبونة تبلغ 29 عاماً، فتوضح قائلة: يأتي الناس إلى هنا لتناول وجبة خفيفة بعد العمل، لذلك من الجيد دمج انبعاثات الكربون في الحياة اليومية، ومن المهم أن ندرك ذلك.