نظم مجلس إرثي للحرف المعاصرة، جلسة حوارية، في جناح المرأة بإكسبو 2020 دبي، بالتعاون مع علامة "كارتييه" الفرنسية الفاخرة، تحت عنوان "مستقبل التراث الثقافي"، لمناقشة الدور المحوري للحرف اليدوية في حماية الموروث الثقافي، وتعزيز الهوية الاجتماعية.
الشارقة 24:
ناقش مجلس إرثي للحرف المعاصرة التابع لـ "نماء للارتقاء بالمرأة"، الدور المحوري للحرف اليدوية في حماية الموروث الثقافي، وتعزيز الهوية الاجتماعية، والمساهمة في إثراء التراث العالمي المشترك، من خلال الأعمال اليدوية من المطرزات والمنسوجات وغيرها من الحرف اليدوية.
جاء ذلك، خلال جلسة حوارية، نظمها "إرثي" مؤخراً، في جناح المرأة بإكسبو 2020 دبي، بالتعاون المشترك مع علامة "كارتييه" الفرنسية الفاخرة، تحت عنوان "مستقبل التراث الثقافي".
وهدفت الجلسة، إلى إبراز أهمية دور الحرفيين والحرفيات في إغناء البنية الثقافية والاجتماعية في الحاضر والمستقبل، من خلال ترسيخ تأثيرها المباشر وغير المباشر على تكوين الهوية الثقافية للمجتمعات، إلى جانب سبل دمج وسائل التكنولوجيا في صناعة الحرف اليدوية والحلول المقترحة لحماية التراث وتعزيز استدامته، بما يضمن نقله إلى أجيال المستقبل.
وشارك في الجلسة، التي أدارتها فرح نصري، مدير قسم التصميم والتقييم بالإنابة في مجلس إرثي للحرف المعاصرة المركز الرئيسي والنقطة المحورية لمدينة الشارقة ضمن شبكة اليونسكو للمدن العالمية المبدعة في الحرف والفنون الشعبية، كل من أليكسا أبيتول، مدير ورش المجوهرات الراقية لدى "كارتييه"؛ وفيصل طبارة، عميد مشارك وأستاذ مشارك في كلية الهندسة المعمارية بالجامعة الأميركية في الشارقة، والشريك المؤسس في استوديو "عمارة وأشياء أخرى"، وميهيرونيسا أسعد، المدير الفني لمؤسسة "ليل" (Lél) الفنية الباكستانية، إلى جانب المهندس المعماري عبد الله الملا، مؤسس استوديو "ملا" للتصميم.
التراث والتكنولوجيا
وحول مكانة التصميم والحرف اليدوية في مسيرة علامة "كارتييه" في مجال التحوّل الثقافي، أوضحت أليكسا أبيتول، مدير ورش المجوهرات الراقية لدى "كارتييه"، أن الحرف اليدوية تمثل جوهر صناعتنا وركيزة أساسية لعلامتنا التجارية، ولذلك يحرص الحرفيون على الاستمرار باستخدام الأدوات والتقنيات التقليدية القديمة لصناعة قطع فنية استثنائية، واستخدام التكنولوجيا في حرفتنا لم يؤدّ إلى تغيير جذري في آلية العمل بل ساعدنا على تطوير صناعة الحرف اليدوية وضمان استدامتها.
وأضافت على الرغم من أن المجوهرات المصنوعة يدوياً تتضمن عيوبًا طفيفة إلا أنها تضفي عليها بعداً عاطفياً قيّماً، مشيرةً إلى أن علامة "كارتييه" بادرت إلى إنشاء معهد لتزويد الأجيال القادمة بالمهارات الحرفية التقليدية ومساعدتهم على تطوير أساليب وتقنيات مبتكرة، انطلاقاً من رؤيتها الرامية إلى الحفاظ على تراث الحرف اليدوية الأصيل.
مستقبل الحرف
وأوضحت ميهيرونيسا أسعد، المدير الفني لمؤسسة "ليل" الفنية الباكستانية، يحرص الحرفيون لدينا على حماية هذا الفن التقليدي العريق وتقديمه بطابع عصري مبتكر من خلال تطوير تقنيات تجمع بين ممارسات مختلفة من جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يساهم في تعزيز مكانة الحرفة ودورها في تصور مستقبل الحرف واسترجاع الهويّة الثقافيّة التي ضاعت في خضمّ الحروب والصراعات، مشيدةً بالجهود الذي قام بها الحرفيون اللاجئون الأفغان للحفاظ على حرفة "بيترا دورا" وهي تقنية ترصيع بالحجر وحرفة يدوية يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر، والتي تعتبر مثالاً حيّاً على التراث المادي وغير المادي العابر للحدود.
كما استعرضت ميهيرونيسا، التجربة السابقة التي جمعت بين المؤسسة وحرفيات برنامج بدوة التابع لمجلس إرثي، مؤكدةً أن هذا التبادل الثقافي والمعرفي أسهم في تقديم الحرف بمنظور جديد وبعد أوسع من خلال استخدام تقنيات ومواد جديدة.
دور الحرف اليدوية في تعزيز الهوية الثقافية
وناقش عبد الله الملا، مؤسس استوديو "ملا" ومصمم مجموعة "السفيفة والفخار" التي أطلقها إرثي ضمن برنامج "حوار الحرف"، أثر المناظر الطبيعية على المجتمعات وصناعة الحرف اليدوية فيها، وأضاف تتمتع دولة الإمارات بتنوع بيئي فريد انعكس بقوة على صناعة الحرف اليدوية وعناصرها، فعلى سبيل المثال، يعمل سكان المناطق الجبلية في الحرف التي يستخدم فيها مادة الطين، فيما تتركز حرف سكان المناطق الساحلية على استخدام اللؤلؤ، ويعتمد سكان الصحراء على الحرف النسيجية.
وأضاف الملا، أن المصممين يتجهون اليوم إلى الاستثمار في الأساليب الحرفية التقليدية لتقديم منتجات مبتكرة تلبي الطلب المتزايد على المصنوعات اليدوية، مؤكداً أن العولمة أسهمت في إيجاد نوع من التوازن والتواصل الحضاري مع ثقافات جديدة وإتاحة الوصول إلى منتجاتها الحرفية، وأن الحفاظ على جوهر المهارات التقليدية أساسي لحماية التراث الحرفي اليدوي وضمان استدامته.
استدامة التراث
بدوره، أكد فيصل طبارة، أستاذ مشارك في كلية الهندسة المعمارية بالجامعة الأميركية في الشارقة، أن البحث في المراجع عن تاريخ الممارسات الحرفية والاستفادة من البيانات المتوفرة في مجال التصميم المتجدد، خطوة مهمة لتطوير ممارسات حرفية معاصرة وضمان استمراريتها، وأضاف من الضروري دمج تعليم الحرف اليدوية في مناهج كليات التصميم لتوعية الطلاب بالتحديات التي تواجهها التقنيات والمهارات الحرفية ومساعدتهم على ابتكار تصاميم مستدامة.
معرض الحرف اليدوية
وأقيم على هامش الجلسة معرض فني لمجموعة من القطع الفنية اليدوية من إنتاج مجلس "إرثي"، والتي تعكس الجهود التي يبذلها للحفاظ على التراث الحرفي في المنطقة، وتضمن المعرض ست قطع من "مجموعة الثاية" التي أطلقها إرثي بالتعاون مع مؤسسة "ليل" الباكستانية ونخبة من المصممات الإماراتيات، وتشمل مجموعة مبتكرة من الأدوات المنزليّة التقليدية التي كانت تستخدم في المنازل الإماراتية، وهي تركز على عناصر التصميم والألوان والمواد والأنماط وتجمع بين حرفة السفيفة الإماراتية وجلد الإبل، وتتضمن سلة سفيفة بقاعدة جلدية ومزهرية من الأحجار المرصوفة والسفيفة.