تعد تجارة البطاريات المنتهية الصلاحية، مصدر رزق للكثيرين في قطاع غزة، رغم أن جمع البطاريات التالفة التي باتت تتكدّس بالأطنان في مكب مفتوح في قطاع غزة، مهنة خطرة، لما تسببه من تلوث كبير للبيئة.
الشارقة 24 – أ ف ب:
يقود زكريا أبو سلطان عربة يجرها حصان، وهو ينادي عبر مكبّر الصوت "من لديه بطاريات تالفة للبيع"، وقد امتهن، لإعالة أسرته الفقيرة، عمل جمع البطاريات التالفة التي باتت تتكدّس بالأطنان في مكب مفتوح في قطاع غزة، متسببة بمخاطر تلوث بيئي كبير.
ويجول الشاب 27 عاماً أحياء وأزقة بلدة بيت لاهيا في شمال القطاع لشراء البطاريات المنتهية الصلاحية.
وجهّزت العائلات في قطاع غزة نفسها بالبطاريات لاستخدامها في تغطية ساعات انقطاع التيار الكهربائي، بعد تدمير إسرائيل محطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة في العام 2006، وتفرض إسرائيل حصاراً مشدداً على القطاع منذ 2007.
ويقول بينما يشد سرج حصانه لإيقافه تفادياً للاصطدام بسيارة أمامه، "أبدأ بالتجول منذ الفجر من أجل شراء البطاريات التالفة، أشتريها بأحسن الأحوال بـ 15 دولار، وأبيعها لتاجر الخردة مقابل نحو 21 دولاراً".
وانتهى اليوم ولم ينجح أبو سلطان إلا بشراء ثلاث بطاريات قديمة، قبل أن يذهب لبيعها لتاجر خردة في بيت لاهيا.
عند التاجر، تتكدّس أكوام من البطاريات تقدّر بالمئات، بالإضافة إلى أجهزة كهربائية وحديد في أرض مفتوحة، تقف عند مدخلها عربات تجرها الحمير.
في مدينة خان يونس في جنوب القطاع، تتكدس آلاف البطاريات المتهالكة في أرض محاطة بشقق سكنية، تبلغ مساحتها دونمين وترتفع الأكوام أمتاراً عدة عن سطح الأرض.
ويمكن رؤية السوائل السامة تتسرّب من البطاريات على الأرض.
ويقول إبراهيم بركة 28 عاماً، وهو نجل صاحب الأرض، "تراكم وتكدس كميات من هذه البطاريات يضر بصحة أصحاب هذه المهنة أولاً".
ويتابع "تجميع البطاريات مستمر منذ قرابة 15 عاماً بسبب إغلاق المعبر، وعدم سماح الجانب الإسرائيلي بتصدير البطاريات"، من أجل إعادة تدويرها.
ورغم وعي بركة لخطر تلك البطاريات، لا يعتمد إجراءات للوقاية منها، وكذلك لا يفعل أي من العمال أو الباعة المتجولين الذين ينقلون البطاريات بأيديهم.
ويقول مدير دائرة المصادر البيئية في حكومة غزة المهندس محمد مصلح "يضمّ قطاع غزة أكثر من 25 ألف طن من البطاريات، التي تحتاج إلى إعادة تدوير".
وتوجد هذه الكميات في "أماكن عدّة في مناطق مفتوحة، ووسط ظروف غير مناسبة لتخزينها".
ويضيف "تتكوّن البطارية من معادن ثقيلة ومواد سامة مثل الرصاص الذي يشكل 60 % من جسم البطارية بالإضافة إلى الزئبق".
ويشرح مدير المعهد الوطني للبيئة والتنمية أحمد حلس كيف أن عملية إعادة تدوير تلك البطاريات، يمكن أن تشكّل ثروة توفّر مردوداً اقتصادياً وتحافظ على البيئة.
لكن الواقع أن "أطناناً من البطاريات تتراكم في مكبات وصل ارتفاع بعضها الى أكثر من 40 متراً".
وبحسب حلس، "لجأ بعض النباشين لجمع البطاريات بشكل عشوائي من دون أن تكون لهم خبرة في التعامل مع المواد السامة، ودون الامتثال إلى القوانين" المتعلقة بهذا الجانب.
ويحذّر من أن تلك البطاريات تكون "محاطة ببلاستيك قوي، يعملون على تفكيكه في منازلهم وبين أطفالهم".
ويشير الى أن "البطاريات موجودة بين الناس وعلى عربات الحيوانات، ويحملها الأولاد ونجد الأب أو الابن يحاول فتحها بمفك براغ، وهذا بحد ذاته مهزلة وفوضى"، مضيفاً أن هذا يمكن أن يفسّر بعض الإصابات بالسرطان.
ويدعو حلس بلديات قطاع غزة إلى "تأسيس نظام لإدارة كل النفايات الخطرة، بما فيها البطاريات، وسن قوانين وتشريعات ومتابعتها على أرض الواقع".