الشارقة 24:
لم يكن يعلم الطفل حسين أن صورة واحدة التقطت له ستغير جانباً كبيراً من واقع حياته الصعبة، فبعد أن لجأت عائلته من سوريا إلى لبنان، وجد نفسه مجبراً على الانقطاع عن المدرسة، والعمل في جمع الخردة والبلاستيك لمساعدة عائلته، وفي أحد الأيام وبينما هو مندمج في البحث والتنقيب، عثر على كتاب فتناسى واقعه، وجلس على حافة الحاوية يقرأ، ويسبح في خياله.
ذلك كان المشهد الذي استوقف المهندس رودريغس مغمس، حيث تناول هاتفه والتقط صورة لحسين، ونشرها -بعد أن تحدث معه- على منصات التواصل الاجتماعي، لتصبح بعد ساعات قليلة حديث العالم، وتناقلتها كبرى القنوات الإعلاميّة العربيّة والأجنبيّة، لينكشف للعالم تعلّق حسين بالمعرفة والعلم وشغفه بالقراءة رغم ظروفه القاسيّة.
من هنا، أعلن (اكسبوجر) بالتعاون مع مؤسسة القلب الكبير، عن تحمل كامل تكاليف التعليم المدرسي للطفل حسين، ليجسد بذلك إلى جانب التأكيد على أهمية الصورة، رؤية الشارقة ومؤسساتها تجاه الكتاب والقراءة، وترسيخ أثرهما في تغيير واقع المجتمعات والأفراد، وفي السياق ذاته، كرّم المهرجان المهندس رودريغس مغمس خلال حفل افتتاح الدورة السادسة من المهرجان تقديراً لدوره في تقديم صورة حسين للعالم.
وهذه الصورة، حملت إحدى الرسائل المهمة التي يقدمها المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر"، فلطالما أكد المهرجان، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، أن الصورة قادرة على التغيير الايجابي، وقادرة على إحداث فرق في حياة الأفراد والمجتمعات.
وفي تعليقه على المبادرة، قال سعادة طارق علاي، مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة: "لم تزل تتعدد المواقف التي تثبت أثر الصورة في نقل معاناة الآخرين، ودورها في تعريف العالم بالأوضاع التي تحفل بها المجتمعات على تنوعها، بإيجابياتها وسلبياتها، محدثة أثراً بالغاً في قلوب الناس نحو من ترصدهم وتعايش واقعهم بكافة تفاصيله، ومن هذا المنطلق فإن المهرجان الدولي للتصوير اكسبوجر أراد أن تكون صورة الطفل حسين رسالة عالميّة تؤكد أن دور الصورة يتجاوز رصد الواقع والتعبير عنه إلى تغيير الواقع نحو الأفضل، واكتشاف حلول للمشكلات التي ترصدها عدسات المصورين".
وقالت سعادة مريم الحمادي، مديرة مؤسسة القلب الكبير: "تبرز المبادرة أثر التراحم الذي تقوم عليه دولة الإمارات وإمارة الشارقة في إيصال الرعاية والمعونة لكل محتاج، وهذا ما ينبع من جوهر رسالة مؤسسة القلب الكبير، التي تسعى إلى رفد المجتمعات والأفراد المحتاجين والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان والحياة المستقرة، وانطلاقاً من مركزية المعرفة والتعلم في تغيير حياة الآخرين، فإن أفضل ما يمكن أن نقدمه للطفل حسين هو تلبية شغفه الذي دفعه إلى التمسك بالقراءة في أصعب الظروف وأقساها، لهذا سنعمل مع الشركاء في لبنان على ضمان إتمام تعليمه بالتعاون مع (اكسبوجر)، الذي يقدم مثالاً مميزاً للفعاليات والمهرجانات الإبداعية وقدرتها على المساهمة في العمل الإنساني".
ومن جانبه، ثمن المهندس رودريغس مغمس مبادرة (اكسبوجر) في التكفل بتعليم الطفل حسين، مشيراً إلى أنه منذ التقط الصورة حاول العمل مع عدد من المؤسسات الخيرية والإنسانية لضمان عودة حسين إلى التعليم وفي الوقت نفسه توفير حياة كريمة لأسرته.
ولفت إلى أن جهود إمارة الشارقة في العمل الإنساني كبيرة، وواضحة ويمكن النظر إلى أثرها على أرض الواقع في العديد من البلدان والمجتمعات المحتاجة المتضررة من الصراعات والحروب الكوارث، معتبراً أن ما قدمه اكسبوجر هو تجسيد لواحدة من أهم قيم الفن في الارتقاء بالإنسان.