تتصف المقاصد السياحية بالصفة البيئية عندما تشمل عدداً من الممارسات البيئية في أوجه مختلفة مثل: الفنادق، والمطارات، والنقل الخ، وقد أصبحت الصورة الذهنية البيئية للمقاصد عاملًا أساسياً مؤثراً في اتخاذ السائحين قرارهم بزيارة المقصد السياحي، وتفضيله عن غيره مثلما هو الحال في اختيار الفنادق البيئية والنقل الأخضر مقارنة بالفنادق ووسائل النقل التقليدية.
وقد أكدت بعض الدراسات المتخصصة أن الصورة البيئية الإيجابية للمقصد السياحي أصبحت ضرورة لتحقيق المميزات التنافسية للمقصد السياحي وتكرار الزيارة له من قبل السائحين؛ وبناءً عليه فقد اكتسبت المقاصد السياحية البيئية مؤخراً أهمية كبيرة نظراً لتعدد عوائدها المختلفة والتي من أهمها العوائد الاقتصادية.
وفي هذا الإطار نستعرض عدداً من الممارسات البيئية في المقاصد السياحية منها النقل المستدام والمطارات الخضراء، والتي تعني باتخاذ التدابير اللازمة لتوفير الطاقة النظيفة، وترشيد الاستهلاك، والحد من التأثير على البيئة. وتشمل هذه التدابير الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتقليل الضوضاء والتلوث، واستخدام وسائل نقل صديقة للبيئة من وإلى المطارات، فضلاً عن أنماط الإنارة في المطارات، واستخدام تقنيات توليد الطاقة النظيفة، وإدارة النفايات، وسبل ترشيد استخدام المياه، وتنظيم الأنشطة التوعوية البيئية.
كما تتضمن الممارسات البيئية توافر الفنادق الخضراء والتي تتبع عدداً من التدابير التي تحافظ على البيئة ومنها تقليل استخدام الأشياء التي تستخدم لمرة واحدة (المناديل الورقية وغيرها)، وتشجيع النزلاء على ترشيد الاستهلاك من المياه، وإجراءات استخدام المفاتيح الذكية في الغرف وذلك للتحكم في استهلاك الطاقة ونظم الانارة، واستخدام المواد المحلية في الديكورات والأثاث الداخلي، وكذلك تقديم الوجبات المحلية وبخاصة العضوية منها.
وتنسجم الأنشطة والممارسات البيئية للمقاصد السياحية انسجامًا كاملاً مع أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها منظمة الأمم المتحدة، والتي تتضمن استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة، والمحافظة على البيئة، وحماية الموارد البيئية، والتي تعد أساساً جوهرياً للأنشطة السياحية. وقد ظهر مؤخراً مدى اهتمام فئة كبيرة من السائحين بالبيئة والسياحة المستدامة، والذي يطلق عليهم السائحين البيئيين. ويتصف السائحين البيئيين برغبتهم في التعرف على الأماكن الطبيعية في المقاصد السياحية والحصول على خبرات سياحية فريدة تعتمد في مجملها على الموارد البيئية إلى جانب رغبة السائح في الاندماج في ثقافة المجتمع المحلي المستقبل للسائح، واحترام خصوصية المجتمع الثقافية من عادات وتقاليد، وقيم، وأعراف.......إلخ.
ومن مشاركتنا في دراسة مقارنة متخصصة عن الممارسات البيئية في المقاصد السياحية بدولة الامارات العربية المتحدة (بالتطبيق على إمارة دبي)، ومصر (بالتطبيق على القاهرة)، والجزائر (بالتطبيق على الجزائر العاصمة)؛ لاستكشاف الصورة الذهنية البيئية للسائحين الوافدين إلى تلك المقاصد السياحية بالدول الثلاث، وتقييمهم للممارسات البيئية فيها خاصة ممارسات الفنادق الخضراء، النقل الأخضر، والمطارات الخضراء، أوضحت النتائج مدى فاعلية تلك الممارسات ودورها الفعال في اختيار السائحين للمقصد السياحي لقضاء اجازاتهم. ودلت المؤشرات الإحصائية على تأثير هذه العوامل في اختيار المقاصد السياحية البيئية وفي مقدمتها دولة الامارات العربية المتحدة، تليها مصر، ثم الجزائر.
وأفادت النتائج الإحصائية أن لدي السائحين الوافدين لتلك المقاصد السياحية صورة ذهنية جيدة جداً عن دولة الامارات العربية المتحدة، يليها مصر، ثم الجزائر. وجاء هذا الترتيب نتيجة لعدد من الأسباب التي وافق عليها السائحون الوافدون لهذه المقاصد السياحية منها: توافر المقومات السياحية البيئية، ووضوح الممارسات في النقل الأخضر، والمطارات، والفنادق البيئية، والتي تفاوتت في تقييم السائحين من دولة لأخرى. كما أفادت الدراسة بالتزام دولة الامارات بتطبيق معايير المطارات الخضراء والفنادق البيئة والتي تشابهت فيها مع مصر ولكن بنسب متفاوتة، أما الجزائر فرغم وجود المقومات والموارد الطبيعية بها إلا أنها لا تزال في حاجة إلى تعزيز تطبيق ممارسات النقل الأخضر.
وأوصت الدراسة بضرورة دمج البعد البيئي ضمن الأنشطة السياحية حتى تكتسب المقاصد السياحية صفة المقاصد البيئية ومن ثم استخدام الممارسات البيئية في التسويق لهذه المقاصد السياحية وتحقيق رغبات السائحين وتطلعهم لزيارة المقاصد البيئية، وهو ما يؤدي إلى اكتساب هذه المقاصد للميزات التنافسية التي تمكنها من المنافسة والبقاء في السوق السياحي. ويتبين من نتائج الدراسة أن الامارات العربية ومصر اكتسبتا صفة المقصد السياحي البيئي في أذهان السائحين، بينما لا تزال تحتاج المقاصد الثلاثة إلى التوسع في ممارسات النقل الأخضر، بالإضافة إلى الاهتمام بحملات التوعية البيئية وتدابير ترشيد الاستهلاك في الطاقة والمياه.