الشارقة 24:
صدر أخيراً العدد 60 لشهر أكتوبر من مجلة الشارقة الثقافية التي تصدر عن دائرة الثقافة بالشارقة، وجاء في الافتتاحية التي حملت عنوان "إسهامات الأدب العربي حضارياً"، أنّ إبداعات العرب الأدبية والفنية والعلمية، وإسهامات الأدباء في مسيرة الحضارة الإنسانية، ليست حدثاً عابراً أو أمراً هامشياً يمكن تجاوزه أو تجاهله، وإنما هي واحدة من مصادر قوتنا وحضورنا وتفوقنا وحضارتنا، إنها نتاج جهد وتعب وإبداع المئات من العباقرة والمبدعين الذين استطاعوا أن يصنعوا التاريخ بكل ثقة، ويسطروا صفحاته بأحرف من نور، ويصدروا إلى العالم ينابيع المجد والقيم، بقدرات وطاقات وإنجازات في مجال العلم والأدب والفكر والفلسفة، كان لها الفضل في التحول إلى الحضارة والتطور، وإلى الرشاد والضياء، إنها ليست مجرد إبداعات وإسهامات مرتبطة بزمن معين أو مكان محدد، فقد كتب لها الخلود بما حملت من تغيير ودهشة، كما كتب لها أيضاً التجدد والانبعاث بما امتزجت به من عبقرية وخيال، فمن دون عبقرية ما كان لهذا الإبداع أن يبقى ويستمر وينتشر، ومن دون خيال ما كان لهذه الحضارة أن ترتقي وترتفع وتشع أنوارها على العالم كله.
أما مدير التحرير نواف يونس؛ فتوقف في مقالته "حكايات عربية.. أشياء لا تباع ولا تشترى" عند القيم العربية الأصيلة مستشهداً بحكايات تراثية عدة تجسد فضائل هذه القيم ومآثرها، موضحاً أننا وسط المتغيرات والتحولات التي تجتاح عالمنا المعاصر، بدأ البعض منا يتخلى تدريجياً عن القليل أو الكثير من منظومة القيم، التي كانت تتسم بها الشخصية العربية بخصوصية هويتها ووجودها الإنساني، ومن هذه القيم العربية الإسلامية الأصيلة والعديدة: الكرم والأنجاد والشجاعة والفروسية والأمانة وبلاغة اللغة وعبقرية الشعر، وغيرها من القيم التي زينت مسيرة إنسانية حضارية، أتاحت لنا شرف الوجود في حضرتها، وأن نفتخر بها ردحاً من الزمن ومازلنا، برغم كل صروف الحياة بتقلباتها المادية والاجتماعية القاهرة، وكثيراً ما تطلعنا كتب التراث العربي الإسلامي، على حكايات تنضح بالكثير من تلك القيم، التي أدى تمسكنا بها إلى أن نتبوأ مسيرة الحضارة الإنسانية، إلى جانب ما جادت به العقول العربية من معارف وعلوم واكتشافات واختراعات.
وفي تفاصيل العدد، يواصل يقظان مصطفى الاحتفاء بإسهامات العلماء العرب، من بينهم "الخوارزمي" الذي يعدّ من أعظم علماء الرياضيات في كل العصور، بينما سلط وليد رمضان الضوء على انتشار اللغة العربية في شبه الجزيرة الإيبيرية مع فتح الأندلس، إذ من دون الإسلام لا يمكن فهم تاريخ إسبانيا، وبيّنت نوال يتيم اهتمام علماء الغرب بدراسة علوم العرب، ومن بينهم المستشرق توماس إربنيوس الذي كان متيماً باللغة العربية، فيما جالت سليمى حمدان في مدينة دير القمر اللبنانية التي تشتهر بغزارة وعذوبة مياهها، وروى عمر شريقي حكاية مدينة معلولا السورية التي حافظت عبر التاريخ على ملامحها وأسرارها ولغتها الآرامية.
أمّا في باب "أدب وأدباء"؛ فتابع خليل الجيزاوي فعاليات الدورة السادسة من "ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي"، الذي احتفى بأربعة أدباء مصريين في القاهرة، وقدم علي البشلي إضاءة على مسيرة الأخطل الصغير الذي أولى النغم الموسيقي جل اهتمامه الشعري، وتناولت فاطمة سمير الأديب علي الدوعاجي رائد الأدب القصصي التونسي الذي جمع بين الأدب والترجمة والإعلام، وحلق حاتم عبدالهادي في آفاق الخيال العلمي وعلاقة العلم بالأدب والمستقبل، فيما حاور ممدوح عبدالستار الروائي محمد الأصفر الذي اعتبر أن اللغة هي أسلوب الحياة، وكتبت عبير محمد عن الشاعر عمر أبوريشة الذي امتلك أناقة التعبير والصورة الشعرية وهو يعد شاعر الجمال وسفير الكلمة، بينما التقت د. أميمة أحمد البروفيسور صالح بلعيد الذي أكد أن لغتنا العربية أكثر لغات العالم ثراء بمفرداتها، وحاور وفيق صفوت مختار الأديبة سكينة فؤاد التي اعتبرت أن القصة ليست حكراً على الغرب، وتناول د. رضا عطية مشروع جبور الدويهي السردي الذي قدم ما يشبه سيرة خاصة للبنان، وقرأ د. يحيى عمارة في سيرة الشاعر المغربي محمد الطوبي الذي شكلت قصيدته غناء للوطن الجميل، وتناولت د. بهيجة إدلبي الشاعر محمود حسن إسماعيل الذي جدد في أدواته الشعرية ورؤيته للوجود، والتقت ساجدة الموسوي الشاعرة رشيدة محمدي التي تكتب الشعر بكل شروط الوحدة والصمت، وكتب عبده وازن عن جائزة (نوبل للآداب) التي تحتفي بالذكرى (120) لتأسيسها، حيث استعادت مكانتها كرسالة أدبية إنسانية برغم كل العوائق، كذلك سلط خلف محمود أبوزيد الضوء على المستعرب نوبوأكي نوتوهارا الذي يعد أهم من ترجم الرواية العربية إلى اليابانية، وتناول حواس محمود الشاعر المصري علي محمود طه الذي جمع بين الأدب والهندسة، وكتب أحمد الماجد عن الكاتبة أليسا جانيفا التي تتربع على قائمة أكثر الكتب مبيعاً في روسيا، وتعيش في جلباب رجل اسمه غولا خيراشيف، فيما تطرق عزت عمر إلى الرواية الخالدة ( دون كيشوت) التي نهضت على المفارقة، وأجرى عبدالعليم حريص استطلاعاً بمرور خمسة أعوام وستين عدداً على انطلاقة مجلة الشارقة الثقافية حاضنة الإبداع ونافذة الثقافة العربية.
وفي باب "فن. وتر. ريشة" نقرأ الموضوعات الآتية: ليلى طه.. أعطت العمارة المحلية طابعها العربي– بقلم أديب مخزوم، فيلم (الفارس الأخضر) أسطورة ملحمية لقصيدة عن الفروسية– بقلم أسامة عسل، بيرم التونسي شاعر الشعب– بقلم عمر إبراهيم محمد.
من جهة ثانية؛ تضمّن العدد مجموعة من المقالات الثابتة، وهي: إسهامات علمية عربية حضارية– بقلم د. عماري محمد، متى يعنى العرب بوثائقهم التاريخية– بقلم د. محمد صابر عرب، الأدب والفن ودورهما الاجتماعي– بقلم مفيد أحمد ديوب، وفاء عبدالرزاق وروايتها (رقصة الجديلة والنهر)– بقلم د. محمد منصور الهدوي، نجيب محفوظ لم يخرج في رواية (اللص والكلاب) عن النمط التقليدي– بقلم مصطفى محرم، متاهة الزمن في الرواية الحديثة– بقلم سوسن محمد كامل، علي أبوالريش ورحلته الملحمية في أعماق الإنسان– بقلم علي كنعان، ما الذي يبقيك حياً.. إنها الكتابة– بقلم وحيدة المي، أسواق العرب القديمة.. أفرزت لنا نوابغ الأدب العربي الشعرية والنثرية– بقلم د. محمد خليل محمود، أنا خائف.. إذاً أنا موجود– بقلم نبيل سليمان، ممدوح عدوان الأكثر مرحاً وجدية– بقلم فرحان بلبل، فرويد.. وثقافة الاختلاف– بقلم شعيب ملحم، الكمامة.. بين الأنف والفن– بقلم منصف المزغني، تطور النقد الأدبي على مر العصور المختلفة– بقلم الأمير كمال فرج، عزت القمحاوي وكتابه ( غرفة المسافرين) – بقلم اعتدال عثمان، البنى المؤسسة لطبيعة الأدب– بقلم د. مازن أكثم سليمان، مكتبتي.. والمصير المنتظر– بقلم غسان كامل ونوس، في بلاغة (القوة) مقترحات وبدائل– بقلم د. حاتم الفطناسي، أحمد نجيب.. من رواد الكتابة في أدب الطفل– بقلم رويدا محمد، وتناول محمد العساوي ثريا جبران الفنانة والوزيرة المثقفة التي وظفت الفن للتعبير عن أحلام المغاربة، الهوية الثقافية بين المحو والعزلة– بقلم د. حاتم الصكر، بين واقع التواصل البصري والذهني– بقلم نجوى المغربي، منير الشعراني.. في يمين الفنان ينبض العالم– بقلم خوسيه ميغيل بويرتا.
وفي باب "تحت دائرة الضوء" قراءات وإصدارات: (الشجرة).. رحلة بحث عن المعنى– بقلم سعاد سعيد نوح، دراسة تفصيلية مشوقة لتاريخ الأواني الحجرية في مصر– بقلم ناديا عمر، دراسة في (أدب الصورة القلمية)– بقلم أبرار الآغا، إيجابية الاختلاف في (الضفيرة والألوان)– بقلم مصطفى غنايم، النقد والنقاد المعاصرون– بقلم نجلاء مأمون، المنحى الفلسفي وتموجات التخاطب مع الآخر في (ليس لي سواي وأنت) لـ (فوزي صالح)– بقلم انتصار عباس.
وأفرد العدد مساحة للقصص القصيرة والترجمات لكوكبة من الأدباء والمبدعين العرب، وهي: ريم خيري شلبي (امرأة غير عادية) قصة قصيرة- (جدل الواقع والطموح في امرأة غير عادية) نقد / بقلم عدنان كزارة– أحمد مصطفى حسين (قصص قصيرة جداً) قصة قصيرة– هشام أزكيض (يميناً.. على الهامش) قصة قصيرة- أميرة الوصيف (المرأة حاملة الأحزان) قصة مترجمة- إضافة إلى (أدبيات) من إعداد فواز الشعار تضمنت جماليات اللغة وقصائد مغناة وواحة الشعر وينابيع اللغة.