يستخدم المزارعون في بوليفيا كما في البيرو، تقنية تُعرف بالـ "تشونيو" تتيح الحفاظ على درنات البطاطا لعقود، من دون أن تفقد خصائصها الغذائية، من نشويات وألياف وفيتامينات ومعادن، وتعود طريقة الحفظ هذه "على الأرجح إلى الحقبة التكوينية".
الشارقة 24 – أ ف ب:
يلجأ المزارعون في بوليفيا كما في البيرو، إلى تقنية تُعرف بالـ "تشونيو" تتيح الحفاظ على درنات البطاطا لعقود، من دون أن تفقد خصائصها الغذائية، من نشويات وألياف وفيتامينات ومعادن.
بُسطت الآلاف من حبات البطاطا المجمدة كالحجار على الأرض القاحلة في مزارع ماتشاكاماركا "غرب"، في السهل المرتفع في بوليفيا الذي يغطيه الضباب، وتروي برودينسيا هوانكا "بهذه الطريقة نصنع التشونيو"، وهي تلجأ مع زوجها إغبرتو ماماني إلى هذه الوسيلة الضاربة في القدم، التي لا تُعرف أصولها بالتحديد للحفاظ على البطاطا التي يزرعانها في قطعة الأرض التي يملكانها، وتبعد ساعة عن العاصمة لاباز حيث كانا يعيشان قبل تفشي وباء كوفيد-19.
وقد قرّر الزوجان اللذان كانا يعملان في قطاع السياحة قبل الأزمة الصحية، العودة إلى بلدتهما، على ارتفاع 3900 متر، لمزاولة الزراعة، وهو تقليد سائد في العائلة.
ويخبر إغبرتو "ما زلت أحتفظ بتشونيو من والديّ، وهما توفيا قبل أكثر من 20 سنة، لكن التشونيو الذي صنعاه ما زال موجوداً".
وبحسب عالم الآثار البوليفي خيدو ساغارناغا، تعود طريقة الحفظ هذه "على الأرجح إلى الحقبة التكوينية"، أي ما بين 2000 و200 عام قبل الميلاد، وقد أظهرت دراسة في العام 2017 أن بقايا تشونيو عُثر عليها تلك السنة في البيرو يتخطّى عمرها 5 آلاف سنة.
ومع طلوع الشمس وتبدّد الضباب، يُفرغ الزوجان عدّة أكياس بطاطا على الأرض، مشكّلين فسيفساء من عشرات الأصناف.
وقبل أن يقع الخيار على تلك التي ستحفظ لسنوات طويلة، يختار الزوجان تلك الواجب إعادة زرعها أو استهلاكها بسرعة.
وتبسط حبات البطاطا أرضاً وتتعرض للجليد طوال ثلاث ليال ثمّ للشمس خلال ثلاثة أيام، لتفقد مياهها وحجمها، فتدوم طويلاً، ويجمع المزارعان البطاطا التي تركت في الهواء الطلق قبل ثلاثة أيام، وقد تبخّر الجليد الذي تكدّس في الدرنات عند تعرّضها للشمس، لكنها ما زالت تحتوي على بعض المياه، فيغسلان أرجلهما ويتناوبان على دوس البطاطا.
وبعد الانتهاء من هذه الخطوات، تترك الدرنات على الأرض لمدّة أسبوعين تقريباً فيما يشبه عملية "التحنيط".
وتدوم العملية برمّتها نحو عشرين يوماً، وفي نهاية المطاف، لم يبق من البطاطا سوى خمس حجمها الأصلي، وهي تكتسي صبغة بنية أو سوداء وتصبح مقاومة لهجمات الحشرات.
ويمكن تطوير هذه التقنية في سياق ما يعرف بـ "تونتا" التي تبقى فيها الدرنات بيضاء اللون، وتوضع البطاطا في أكياس بلاستيكية تنفذ إليها المياه في نهر أو بحيرة، بمنأى عن الشمس لمدة 20 إلى 30 يوماً.
ويُصنع التشونيو بين يونيو ويوليو خلال فصل الشتاء في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، عندما تكون الحرارة منخفضة، بما فيه الكفاية لتتجمد البطاطا "5 درجات تحت الصفر".
ويتيح فارق الحرارة الكبير بين مستوياتها الدنيا والقصوى للطبيعة بأن تفي بالمطلوب، ويسمح بالاستعاضة عن تقنيات التجفيف بالتجميد.
وتحفظ هذه البطاطا بعيداً عن الرطوبة لاحقاً ولاستهلاكها، لا بدّ من نقعها في الماء لساعات طويلة قبل غليها لبضع دقائق، وغالباً ما تقدّم صحبة مـأكولات أخرى أو تؤخذ إلى الحقول كوجبات خفيفة يتناولها المزارعون.
لا يستطيب إغبرتو طعم البطاطا هذه، لكن في هذه المنطقة حيث تبخل الأرض بخيراتها لمواسم طويلة، "نخزّن هذه الأطعمة لأوقات الضيق"، على ما يقول.