واصلت أيام الشارقة التراثية الـ18 فعالياتها في المنطقة التراثية بخورفكان، لليوم الرابع، بتشكيلة من العروض والرقصات الشعبية، لاقت إقبالاً جماهيرياً لافتاً، في ظل الالتزام بكافة الإجراءات الوقائية والاحترازية للحفاظ على سلامة وصحة الجميع.
الشارقة 24:
تتواصل فعاليات أيام الشارقة التراثية في المنطقة التراثية بخورفكان، والتي ستبقى عالقة في الأذهان لدى كل من حضرها، خصوصاً من أبناء الأجيال الجديدة، لأنها وثقت لهم تاريخ الآباء والأجداد، فهم جيل لم يشهد تلك الأيام بحلوها ومرها، إنما رأوها تتجلى هنا في المنطقة التراثية بمدينة خورفكان التي قدمت لهم الماضي على طبق من فضة، لتشكل هذه الأيام خارطة طريق في أذهانهم، وتمدهم بالعزيمة والإرادة، فجهود وعطاء ذلك الجيل كانت هي السبب في وصول الجيل الحالي إلى ما هو عليه من حضارة وتطور، فما أجمل أن تحيا في ركن من أركان الماضي وأنت في حاضرك الجميل لتدمج الجمال بالعطاء وتتحقق الرسالة في بقاء التراث، حاضراً وفاعلاً وحيوياً ما امتدت الأيام.
وتميزت فعاليات اليوم الرابع، بتشكيلة من العروض والرقصات الشعبية، لاقت إقبالاً جماهيرياً لافتاً، في ظل الالتزام بكافة الإجراءات الوقائية والاحترازية من أجل الحفاظ على سلامة وصحة الجميع، وشهدت الفعاليات لوحات استعراضية فنية لـ "فن الروح" وفن الندبة، قدمتها فرقة الشحوح، إذ شكلت الرقصات والعروض الفنية للفرقة لوحة إبداعية جميلة، باستخدام الطبول والإيقاعات المميزة، ترحيباً بضيوف أيام الشارقة التراثية، كما قدمت فرقة "بركونا" الفلسطينية على مسرح المنطقة التراثية فن "الدبكة" وتشكيلة من الأغاني الفلسطينية الحماسية.
زيارة أبطال فيلم "خورفكان"
وزار الأيام، أبطال فيلم "خورفكان"، الملحمة التاريخية المقتبسة عن مؤلف تاريخي لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهو الفيلم الذي سلط الضوء على بطولات أهل خورفكان، من خلال سلسلة من الأحداث البطولية التي جسّدها أهل المدينة من أبناء الساحل الشرقي لدولة الإمارات، خلال الفترة من 1507 وحتى 1534 في صدّ الغزو البرتغالي.
إنجازات معهد الشارقة للتراث في جلسة ثقافية
وتحدث الدكتور مني بونعامة، رئيس اللجنة الثقافية في أيام الشارقة التراثية بدورتها الـ18، في جلسة ثقافية عن إنجازات معهد الشارقة للتراث منذ تأسيسه في العام 2014، في بيت الشباب في المنطقة التراثية، بعنوان "إنجازات معهد الشارقة للتراث"، بحضور الدكتور راشد النقبي رئيس المجلس البلدي بمدينة خورفكان، وعيسى هلال الحزامي رئيس مجلس الشارقة الرياضي، وخالد الشحي مدير معهد الشارقة للتراث، فرع خورفكان، وعدد من المهتمين ومحبي التراث، حيث أدارت المحاضرة، الإعلامية صفية النقبي.
وأوضح الدكتور مني بونعامة، تطرقنا إلى إنجازات المعهد ودوره وأثر هذه الإنجازات في تعزيز الوعي بالتراث الثقافي الإماراتي، وفتح قنوات التواصل مع المنظمات الدولية، ما نتج عنه تتويج المعهد بحصوله على مركز من الفئة الثانية التابعة لليونسكو، حيث ارتكزت هذه الإنجازات على عدة مرتكزات يقوم عليها عمل المعهد وهي: المسار الأكاديمي ودوره في ترسيخ قيم تدريس التراث الإماراتي وتعليمه وإيصاله من خلال الدبلومات المهنية التي أطلقها المعهد منذ عام 2016، بالإضافة إلى الدورات التدريبية والورش التكوينية التي يقوم المعهد بتنظيمها تباعاً وموسمياً.
وأضاف بونعامة، أن من بين تلك المرتكزات البرامج والفعاليات والأنشطة التي أطلقها المعهد، وهناك 4 فعاليات رئيسية يقوم المعهد بتنظيمها سنوياً، هي: ملتقى الشارقة الدولي للراوي، وملتقى الشارقة للحرف التقليدية، وأيام الشارقة التراثية، وبرنامج أسابيع التراث العالمي في الشارقة، بالإضافة إلى الفعاليات الشعبية مثل: بشارة القيظ، وليلة النصف من شعبان، والفعاليات الرسمية التي يحتفي فيها المعهد بالمنجزات الكبرى لدولة الإمارات، كاليوم الوطني للدولة، ويوم العلم، بالإضافة إلى الأيام الأخرى، كيوم التسامح ويوم السعادة واليوم العالمي للتراث السمعي والبصري، وغيرها من الأيام العالمية التي يقوم المعهد بالاحتفاء بها اتساقاً مع مواثيق الأمم المتحدة.
وتابع بونعامة، أن المرتكز الآخر، فهو النشر الذي يسعى المعهد من خلاله إلى نشر الأعمال الموسوعية والمعجمية والكتب والكتيبات والمجلات، سواء المحكمة أو غير المحكمة، من أجل رفد المكتبة الإماراتية والعربية بالعديد من الكتب والإنتاجات القيمة التي تشكل بصمة مهمة وإضافة نوعية لهذه المكتبة.
وأكد رئيس اللجنة الثقافية في أيام الشارقة التراثية، أن المعهد حقق نجاحاً كبيراً عبر السنوات الماضية، حيث تحقق له إصدار أكثر من 300 عنوان في شتى ميادين التراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي، بالإضافة إلى الأنثروبولوجيا والثقافة والأدب والتاريخ، وغيرها من الموضوعات الحيوية التي كانت حاضرة بقوة على صفحات إصدارات معهد الشارقة للتراث.
وأشار بونعامة، إلى مدى وأهمية المشروع الثقافي لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي يعتبر الأساس الذي تفرع منه هذا الاهتمام بالتراث، فهو الأساس في تنظيم أو إنشاء معهد الشارقة للتراث، وهو الأساس كذلك في إيلاء التراث مكانة معتبرة حتى أصبح حاضراً بقوة في المحافل الدولية بفضل جهود صاحب السمو حاكم الشارقة، ودعمه ورعايته المستمرين للثقافة والتراث بإمارة الشارقة.
وجاءت هذه الجلسة الثقافية، لاطلاع جمهور خورفكان على ما تحقق من إنجازات قيمة وهذا الجمهور هو جزء من هذه الإنجازات وهذا النجاح، وهناك دوماً حركة مستمرة للإنتاج الثقافي والأنشطة الثقافية على كافة المستويات، برئاسة سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العُليا المنظمة لأيام الشارقة التراثية الـ18، فهو الموجه الرئيس وربان السفينة الذي يوجهنا لرسم الخطط الاستراتيجية للمعهد من أجل تحقيق النجاحات.
ندوة عن ترميم المخطوطات وصيانتها
من بين فعاليات الأيام في خورفكان، جاءت المحاضرة بعنوان "ترميم المخطوطات وصيانتها"، التي نظمتها اللجنة الأكاديمية في معهد الشارقة للتراث، إذ يسعى المعهد دوماً للعمل على توفير عدد من الخريجين في مجال ترميم المخطوطات من خلال برنامج الدبلومات المهنية.
وأوضح الدكتور عبد الله بن حموده الكتبي رئيس اللجنة الأكاديمية لأيام الشارقة التراثية الـ18، أن المعهد يسعى دوماً إلى رفد الميدان الثقافي والتربوي والسياحي بأطر مزودة بالمعارف والمهارات اللازمة لإدارة فعالة للتراث الثقافي وحفظه وصونه، وتعزيز الوعي بأهميته؛ من أجل دفع الأجيال القادمة للإسهام في بناء المعرفة الإنسانية.
من جانبه، أشار المهندس حسن مملوك، عضو اللجنة الأكاديمية في أيام الشارقة التراثية، إلى أنه من منا لا يعرف قيمة الكتب القديمة؟ ومن منا لم يبحث يوماً عن مخطوط قديم؟ وكم من باحث جال بين المكتبات من أجل صحف قديمة أو لجلب معلومات من مجلدات كتبها الأقدمون، ذلك هو عالم المخطوطات الذي أصبح علماً قائماً بحد ذاته له أصوله وأدواته ومنهجه، حيث تطرقنا في هذه المحاضرة إلى المكونات الأساسية للمخطوط، والهدف من ترميم المخطوط، وعلم ترميم المخطوطات، والمراحل التي يمر فيها المخطوط، من بداية عمليات الترميم حتى نهايتها، وفائدة كل مرحلة.
ولفت إلى أهمية نشر ترميم المخطوطات لأكبر شريحة ممكنة من طالبي هذا العلم، وعرف المخطوط بأنه كل شيء تم خطه باليد، مشيراً إلى أننا أصبحنا نطلق كلمة مخطوط على الكتاب القديم فقط، الذي تم خطه باليد، وباقي المخطوطات بتنا نسميها بمسمياتها، سواء وثيقة أو خريطة، أو جريدة أو مجلة.
وأضاف هناك مطبوعات قديمة ونادرة لا نستطيع أن نسميها مخطوطات كونها طبعت طباعة، لكنها لا تقل أهمية عن المخطوطات القديمة، وهي أيضاً تصاب بـ "أمراض" وتحتاج إلى عمليات حفظ وصيانة ومعالجة.
وبيّن مملوك، أن أعمال الترميم يرافقها صناعة صناديق حفظ لحماية هذه المخطوطات، وصناعة ورق الترميم الواجب صناعته بنفس المواد التي صنعت منها المخطوطات الأصلية، بالإضافة إلى موضوع "الرقمنة"، وهي عملية تحويل المخطوطات من مادة فيزيائية إلى مادة إلكترونية لحفظ المحتوى العلمي لهذه المخطوطات من أي احتمال لفقدها.
ركن الأقمشة يعرض تاريخها وأنواعها في الإمارات
أوضحت شيخة علي عبيد (أم سالم)، مسؤولة ركن الأقمشة في أيام الشارقة التراثية بالمنطقة التراثية بمدينة خورفكان، أن مسميات وأنواع الأقمشة مستوحاة من البيئة الإماراتية المحلية ومن الأشكال والزخارف، ولكل عصر أدواته وتقنياته، ولكل جيل أدواته وآلياته، وتختلف الحياة وصورها، حتى في مجال الأقمشة، كما أن أنواع الأقمشة تختلف من جيل إلى جيل، ومن زمن إلى آخر.
وتابعت تعتبر الأقمشة واحدة من أهم الأشياء التي يهتم بها الإنسان عبر العصور، لأنها تشكل المظهر الخارجي للإنسان، وهي التي تعطي الانطباع الأول لكل من يتعامل معه، ومن هنا فإن ركن الأقمشة القديمة الموجود على مدخل ساحة المنطقة التراثية بمدينة خورفكان يعيدنا إلى الماضي، لنتعرف على تلك الأقمشة التي كانت موجودة سابقاً، والتي كانت الجدات والأجداد يرتادونها.
ولفتت إلى أن ركن الأقمشة القديمة يضم العديد من أنواع وأشكال الأقمشة التي كان الأهالي يجلبونها من مختلف أسواق الساحل في الشارقة ودبي، عن طريق الرحلات التجارية، إذ كان يذهب عدد من الأهالي بواسطة الجِمال المحملة بالتمور وبعض المنتجات الزراعية والعسل ومنتجات الماشية إلى تلك الأسواق، وعند بيع البضاعة يتم شراء بعض الأقمشة وملابس النساء التي كانت تأتي إلى تلك الاسواق من الهند وبلاد فارس، كما يضم البرقع الإماراتي القديم، وبعض أدوات الزينة للمرأة في الماضي والإكسسوارات التي كانت تتزين بها النساء في تلك الفترة، ويضم الركن بعض العطور و"صندوق المندوس" الذي كان يوضع فيه ملابس العروس، وبعض احتياجاتها، كما يضم الركن صندوق "السحارة" القديم الذي كان موجوداً في كل بيت، حيث توضع فيه الأقمشة والملابس.
وأضافت أم سالم، في فترة الثمانينات من القرن الماضي كانت النساء يقمن بتفصيل الملابس وتطريزها بأنفسهن، وما زال بعض هذه الأقمشة يباع في الأسواق القديمة في الإمارات، خصوصاً في أسواق إمارة الشارقة، مؤكدة أن الأقمشة وملابس النساء المطرزة بالزري والنقوش والرسومات يكون ثمنها أعلى من ثمن الأقمشة الأخرى.