أوضح الدكتور إسماعيل عبد الغفار إسماعيل، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، في مقابلة حصرية مع "الشارقة 24"، أن انتهاء أزمة ناقلة الحاويات البنمية "إيفر جرين" في قناة السويس، برهن للعالم أهمية القناة وكفاءة إدارتها في مجابهة التحديات، انطلاقاً من إرادة سياسية صلبة، ومنهج علمي في التعاطي مع الأزمات.
الشارقة 24 – وليد الشيخ ومحمود سليم:
أكد الدكتور إسماعيل عبد الغفار إسماعيل، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، أن حوادث السفن واردة في كافة الممرات البحرية على مستوى العالم، لافتاً إلى أن حادثة جنوح ناقلة الحاويات البنمية "إيفر جرين" في قناة السويس، ليست الأولى عالمياً ولن تكون الأخيرة.
وأوضح إسماعيل، في مقابلة حصرية مع "الشارقة 24"، أن السفينة موضع الحديث ليست الأكبر رغم ضخامتها، وسبق أن عبرت قناة السويس السفينة نفسها، وسفن أضخم منها بسلام، عازياً الحادث إلى عوامل عدة سوف تكشف عنها التحقيقات.
ولفت رئيس الأكاديمية التابعة لجامعة الدول العربية، إلى أن قناة السويس لم تشهد حوادث مماثلة منذ عقود طويلة تمر عبر القناة سنوياً نحو 19 ألف سفينة، وتعد القناة معبراً بحرياً كفؤاً وآمناً لنحو 12% من قوام التجارة العالمية.
وأكد أن القناة واحدة من أهم الممرات المائية الآمنة عالمياً، وتتمتع بسمعة دولية مرموقة، وكفاءة مشهودة لإدارتها وطاقم العمل بها من عقول وأيادي مصرية، مشدداً على أن القيادة السياسية المصرية تولي القناة جل اهتمامها ودعمها لأهميتها الدولية منذ التأميم في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
تداعيات اقتصادية
أكد رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، أن حادث سفينة "إيفر جيفن" برهنت للعالم القيمة الثابتة لقناة السويس وكفاءة إدارة هيئة القناة التي تقدم خدمات مشهودة للتجارة العالمية منذ عقود.
وأوضح إسماعيل أن للحادث بالطبع تداعيات باهظة على الاقتصاد الدولي، نظراً لتوقف حركة الملاحة بقناة السويس، وهو ما سيكشف عنه تفصيلاً من قبل جهات الاختصاص التي لا شك ستقف على الأسباب والتداعيات والخسائر التي قدرها الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس يومياً بنحو 12 إلى 15 مليون دولار في اليوم الواحد، بالنسبة للقناة نفسها.
كفاءة إدارة الأزمة
وأشاد بخلية إدارة الأزمة منذ اللحظات الأولى حتى تحريك السفينة وعودتها لمسارها الملاحي، معتبراً أن إدارة هيئة قناة السويس تعاملت مع الموقف باحترافية عالية، قياساً لحجم السفينة وملابسات الحادث، معتبراً أن تعديل مسار السفينة دون تفريغ حمولتها أمر مذهل وغير مسبوق، منوهاً إلى أن جزء هام من إدارة الأزمة كان يتركز على وضع خطة لفض تكدس السفن العالقة ويقدر عددها بـ 422 سفينة.
وأكد الدكتور إسماعيل، أن المجرى الملاحي المستحدث "التفريعة الجديدة" والتي افتتحت عام 2015، سوف تلعب دوراً مؤثراً في سرعة استئناف حركة الملاحة وعودتها لطبيعتها في أقرب فرصة ممكنة، وفي غضون أيام قليلة.
وأوضح أن عملية التكريك لحلحلة السفينة، سيكون لها تداعيات على ضفتي القناة في موقع الجنوح، وهو ما سوف تعمل على معالجته إدارة هيئة القناة في أسرع وقت، مؤكداً أن إدارة الأزمة من النواحي الفنية والاقتصادية تعمل بشكل علمي مستعينة بعقول وسواعد وتقنية مصرية خالصة، باستثناء الاستعانة بقاطرتين من هولندا وإيطاليا، ويحسب لخلية إدارة الأزمة وطواقم العمل الدقة في عملية التكريك دون أضرار في جسم السفينة ودون تفريغ حمولتها التي تصل لـ 20 ألف حاوية، يقدر وزنها بـ 223 ألف طن.
ورأى أن الحادث وما له من تداعيات، فرض دراسة مستفيضة حول كيفية تفادي مثل هذه الحوادث مستقبلاً، مؤكداً أن إدارة القناة تعتمد على أحدث التقنيات والتكنولوجيا البحرية ومنها تقنيات الذكاء الاصطناعي في تسيير الملاحة، وتواكب بشكل آني المستجدات العلمية في هذا السياق، ولا شك أن الحادث سيدفع بزيادة قاطرات هيئة القناة بقدرات أعلى.
مكانة دولية راسخة
في ضوء المتغيرات والتوسعات التي تشهدها التجارة العالمية، والحديث عن بعض المشاريع الموازية، أكد أن قناة السويس لا تزال المجرى الملاحي الأكثر أماناً وسرعة في العالم، مشيراً إلى أن الإدارة المصرية تعمل دائماً على تعزيز إمكانيات القناة وطاقتها الاستيعابية، وهناك مشروع ضخم لتنمية محور قناة السويس والمنطقة الاقتصادية في شرق بورسعيد وخليج السويس، من شأنه تعزيز وترسيخ مكانة القناة وأهميتها للتجارة العالمية.
وشدد الدكتور إسماعيل عبد الغفار على الأهمية القصوى التي توليها مصر وبعض الدول العربية ومنها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات لاقتصاد المعرفة، معتبراً أن هذه التوجهات تخدم حاضر ومستقبل وطننا العربي والأجيال القادمة، مشيداً بما حققته موانئ دبي العالمية من إنجازات اقتصادية متمثلة في صناعات القيمة المضافة والخدمات اللوجيستية، رسخت من مكانة الإمارات على خريطة التجارة العالمية، فضلاً عن تحقيقها حلم الوصول للمريخ وغيرها من مشاريع تنموية عملاقة.
وعن تداعيات الأزمة على الاقتصاد المصري، أكد إسماعيل أن مصر دولة تواجه العديد من التحديات وكان آخرها أزمة وباء "كورونا" العالمية، والتي أسفرت عن توقف السياحة التي تعد من أهم عناصر الدخل في مصر، إلا أن مصر كانت من أكثر البلدان التي حققت نمواً اقتصادياً خلال الفترة الماضية.
واعتبر أن مصر بإرادة سياسية كبيرة، قادرة على تجاوز كافة الأزمات والصمود أمام التحديات التي تواجهها، وهو ما يتحقق كل يوم حيث نرى ما شهدته من طفرة ومشاريع ضخمة ومنها العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، وتحديث شبكات الطرق وغيرها من مشاريع للنهوض بالبنية التحتية والتعليم، في خطوات تعبر عن إرادة حديدية تهدف لمستقبل مشرق.