ضمن فعاليّات الدورة الـ18 من "أيام الشارقة التراثية"، يقدم خبراء من إدارة الترميم والمخطوطات بمعهد الشارقة للتراث عروضاً للرسم على الماء، أو ما يعرف بفن الإيبرو، لإنتاج أشكال ملونة تطبع على الورق، بغرض استخدامها في تزيين أغلفة المخطوطات.
الشارقة 24:
يقدم خبراء من إدارة الترميم والمخطوطات بمعهد الشارقة للتراث عروضاً للرسم على الماء، أو ما يعرف بفن الإيبرو، ضمن فعاليّات الدورة الـ18 من "أيام الشارقة التراثية"، لإنتاج أشكال ملونة تطبع على الورق، بغرض استخدامها في تزيين أغلفة المخطوطات وصفحاتها الداخلية بعد ترميمها.
ولتنفيذ لوحات من هذا النوع، تستخدم مواد خاصة تساعد على طفو قطرات الألوان على الماء، ثم تحريكها وتشكيلها لتحديد نقاط التداخل والحدود بين دوائر وخطوط كل لون، في عملية خلق فني بديع، تعتمد على الحس الجمالي لإنتاج أشكال تجريدية، تحظى مراحل رسمها بدهشة الجمهور.
في هذا السياق وضمن أنشطة البرنامج الأكاديمي المصاحبة للأيام التراثية، قدم المهندس حسن مأمون مملوك، رئيس قسم الترميم والمخطوطات بمعهد الشارقة للتراث، عرضاً لخطوات إنقاذ وترميم المخطوطات، وصولاً إلى عملية تزيينها بواسطة الورق المجزع، أو فن الإيبرو، الذي ذكر أن استخدامه بدأ منذ عصر السلاجقة، واستمر الاهتمام بهذه المهنة لتزيين المخطوطات بما يلائم حساسية أوراقها، باستخدام ألوان مشتقة من مواد طبيعية غالية الثمن.
وذكر مملوك أن من بين المواد التي يعتمد عليها فن الإيبرو مادة مرارة العجل، لأنها تعمل على منع تداخل الألوان أو امتزاجها بالماء، حيث يقوم الفنان بالعمل على اللوحة السائلة، من خلال تحريك وتوسيع قطرات الألوان على الماء بفرشاة مخصصة، تصنع من شعر ذيل الحصان، وتطوى بطريقة معينة على عود من ساق أوراق الجوري.
واستعرضت موزة زعل، الخبيرة المختصة بتنفيذ رسوم الإيبرو، في ورشة قدمتها لجمهور "الأيام" فن الرسم على الماء والتقاط الدوائر اللونية بواسطة الورق، حيث تابع الجمهور اللوحات عند اكتمالها في حوض من الزنك، ثم مرحلة التقاط الشكل المرسوم بخفة ورشاقة على الأوراق.
وعن مراحل الترميم، أوضح حسن مملوك، أن الخطوة الأولى تبدأ بتعقيم المخطوطات وتنظيفها لإزالة الآفات البيولوجية، وتقييم حالتها، قبل الانتقال إلى مرحلة الترميم، التي بدورها تنقسم إلى نوع يدوي لترميم المخطوطات المكتوبة باليد، وآخر آلي يناسب الكتب المطبوعة فقط.
ثم تأتي مرحلة التغليف والتجليد، التي تعتبر فناً قائماً بذاته، وتتطلب من خبير الترميم أن يكون على دراية بتاريخ المخطوط، وأن يراعي الفترة التي ينتمي إليها، لتجليد كل كتاب بما يلائم حقبته الزمنية وموضوعه، وبما يحافظ على هويته وتجانسه الموضوعي والجمالي.
وأوضح مملوك أن مهنة التعامل مع المخطوطات ومعالجتها وترميمها ظهرت عند العرب والمسلمين قبل انتقالها إلى الآخرين، وأشار إلى أن الخبرات العربية في هذا المجال تضاهي غيرها، وأن الهدف الأسمى لهذه المهنة هو الحفاظ على التراث الإنساني للمخطوط، لأنه يمثل همزة وصل ما بين الأجيال، ويكتسب صفة التراث المادي وغير المادي في الآن ذاته. فجسد المخطوط يعتبر تراثاً مادياً، فيما يمثل النص الذي يحتويه التراث غير المادي، مما يضاعف من قيمته وأهمية الحفاظ عليه.