جار التحميل...
ويُعرف التضخُّم "Inflation" بأنَّه ظاهرة اقتصاديَّة تُشير إلى الارتفاع المُستَمِرّ في المُستَوى العامّ للأسعار في فترة زمنيَّة مُحدَّدة، ممّا يُؤدّي إلى انخفاض القُوَّة الشرائيَّة التي تُعبِّر عن كمِّيّة السِّلَع والخدمات التي يستطيع الفرد شراءها بأمواله، ويحدث التضخُّم عندما تزيد كمِّية النقود المُتَداولة بمُعدَّلٍ أسرع من زيادة حجم الإنتاج، ممّا يُؤدّي إلى ارتفاع أسعار السِّلَع والخدمات، الأمر الذي قد تكون له تأثيرات واسعة في الاقتصاد والمجتمع إذا لم تُوضَع خُطَط واستراتيجيّات فَعّالة لمُواجَهَته.
يُقسَم التضخُّم إلى أنواع عِدَّة حسب معايير مُحدَّدة، وهي مُوضَّحة على النحو الآتي:
وتتضمَّن هذه الأنواع ما يأتي:
ويُطلَق عليه أيضاً "التضخُّم المُعتَدِل"، وهو نوعٌ ترتفع فيه الأسعار ببُطء ولكن بشكل مُستَمِرّ خلال فترة مُعيَّنة، وبمُعدَّل يصل يتراوح بين 2%-3%، ويُعَدّ هذا المُعدَّل طبيعيّاً، وقد يختلف قليلاً من دولة إلى أخرى؛ فزيادة أسعار السِّلَع بنِسَب قليلة يزيد من طلب المُستَهلِك عليها في الوقت الحاليّ؛ خوفاً من ارتفاعها أكثر في المُستَقبَل، لذلك يُعَدّ التضخُّم الزاحف مُهِمّاً للاقتصاد ومُفيداً إلى حدٍّ ما؛ فهو يُسهِم في النُّمُوّ الاقتصاديّ.
ويُشير هذا المصطلح إلى التضخُّم الذي يحدث بوتيرة أسرع قليلاً من التضخُّم الزاحف، وترتفع فيه الأسعار تدريجيّاً لكن دون زيادات كبيرة؛ أي بمُعدَّل يتراوح بين 3%-10%، لكنَّه ليس مفيداً للنُّمُوّ الاقتصاديّ كما هو الحال بالنسبة إلى النوع السابق، ويحتاج هذا النوع إلى مُعالَجَته من قِبَل الجهات المَعنِيَّة في الدولة، والمُتمثِّلة -في الأساس- بالبنك المركزيّ.
وفي هذا النوع من التضخُّم، ترتفع أسعار السِّلَع والخدمات بسرعةٍ وبمُعدَّلٍ يفوق 10% خلال العام الواحد، فلا يُغطّي دخلُ الأفراد هذه الزيادةَ الكبيرةَ، ممّا يُؤدّي إلى تراجُع القُوَّة الشِّرائيَّة بشكل كبير، الأمر الذي يضرُّ الاقتصاد كثيراً، ممّا يعني أنّ مُواجَهة هذا النوع من التضخُّم أمرٌ مُهِمّ.
ويُعرَف أيضاً بالتضخُّم المُفرط، وهو أخطر أنواع التضخُّم وأكثرها تأثيراً في الاقتصاد؛ إذ تتضاعف الأسعار بنسبة كبيرة وبسرعة هائلة تصعب السيطرة عليها، وبمُعدَّل يصل إلى 50% في الشهر الواحد، وقد يتسبَّب التضخُّم المُفرط في انهيار النظام النقديّ والاقتصاديّ للدولة المُتأثِّرة به، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع نادر الحدوث، وغالباً ما يرتبط بالأزمات الماليَّة الحادَّة في الدولة، أو بالحروب.
ويمكن توضيح هذه الأنواع على النحو الآتي:
يُشير هذا النوع إلى حالة التضخُّم التي تحدث نتيجة زيادة الطلب على السِّلَع والخدمات بشكل مُفرط، ممّا يُؤدّي إلى ارتفاع الأسعار؛ إذ يزيد طلب المُستَهلِكِين على السِّلَع المختلفة عن العرض المُتاح في السوق أو حجم الإنتاج، ممّا يدفع المُنتِجِين والمُورِّدِين إلى رفع الأسعار؛ لتلبية الطلب الزائد.
وفي هذه الحالة من التضخُّم، تتَّجِه الشركات نحو توظيف المزيد من العُمّال لتلبية الطلب المُتَزايِد، وبالتالي زيادة أسعار سِلَعها وخدماتها؛ لتغطية تكاليف العَمالة المُرتَفِعة، وبذلك يستَمِرّ التضخُّم بالارتفاع.
ويُقصَد به التضخُّم الذي يحدث نتيجة زيادة تكاليف عملية إنتاج السِّلَع المختلفة؛ كتكاليف الموادّ الخامّ، أو أجور العامِلِين، أو الوقود المُستَخدَم في عمليَّة التصنيع، وغيرها، ممّا يُؤدّي إلى رفع أسعار السِّلَع بصورتها النهائية؛ لتغطية تكاليف الإنتاج المُرتَفِعة، ممّا ينعكس على المُستَهلِكِين بصورة مباشرة.
فعلى سبيل المثال، ستُؤدّي الزيادة في سِعر النفط -وهو يُعَدُّ مادَّةً رئيسةً في العديد من القطاعات الاقتصاديَّة- في البداية إلى ارتفاع أسعار البنزين، وهذا يجعل عمليّة نقل البضائع من مكانٍ إلى آخر أكثر تكلفةً، ممّا سيُؤدّي بدوره إلى زيادة أسعار السِّلَع في محلّات البقالة والموادّ التموينيّة.
يُشير هذا النوع من التضخُّم إلى ارتفاع أسعار السِّلَع المُستَورَدة في السوق المَحلّي؛ نتيجة انخفاض قيمة العملة المَحلِّية للدولة مقابل العملة الأجنبيَّة، فيتحمَّل المُستَهلِك تكلفة هذا الانخفاض في قيمة العملة عند شراء سِلعَة مُستَورَدة، ويزداد هذا التضخُّم عند زيادة نسبة مُدخَلات الإنتاج المُستَورَدة من الخارج.
وتُعرف بأنَّها التوقُّعات التي يبنيها الأفراد والشركات حول زيادة الأسعار في المُستَقبَل بناء على الظروف الاقتصادية الحالية؛ فعلى سبيل المثال، قد تكون لدى بعض الشركات توقُّعات بارتفاع مُعدَّلات التضخُّم مع مرور الوقت، فترفع أسعارَ سِلَعها وخدماتها أكثر بناء على هذه التوقُّعات، وقد تكون لدى الأفراد والمُوظَّفِين التوقُّعات نفسها، فيُطالِبون بأجور أعلى للتعويض عن الخسارة المُتوقَّعة في قدراتهم الشِّرائيَّة.
ويُقسَم التضخُّم حسب هذا المِعيار إلى نوعَين، وهما كما يأتي:
ويُعرف بأنَّه التضخُّم الذي يحدث على نطاق واسع، إذ تستَمِرّ الأسعار فيه بالارتفاع دون أن تبذل الجهات المسؤولة في الدولة جهوداً لمُواجَهَته؛ ولذلك يمكن أن يُطلَق عليه "التضخُّم المفتوح"، وهذا الموقف السلبي تجاه التضخُّم يُؤدّي إلى تسارُعه وزيادة آثاره السلبية في الاقتصاد العامّ والمُجتَمَع كُلِّه.
يُعَدّ التضخُّم المكبوت حالةً عكسيّةً للنوع الأوَّل؛ إذ تتَّخِذ فيه الجهات المسؤولة في الدولة إجراءات وقرارات حاسمة تجاه ارتفاع الأسعار، فتضع حَدّاً لها؛ لمَنعها من الزيادة المُستَمِرَّة غير المضبوطة، ولتجنُّب الآثار السلبيَّة للتضخُّم.
يترك التضخُّم آثاراً واضحة على الاقتصاد العامّ للدولة، وبالتالي على الأفراد، وخاصّةً إن كان التضخُّم الحاصل في الدولة كبيراً ومن الأنواع الخَطِرة، وبصورة عامَّة، تتضمَّن تأثيراته في الاقتصاد ما يأتي:
في ميزان الأولَوِيّات لدى أيّ فرد، يحتلّ الإنفاق على شراء السِّلَع والخدمات الأساسية التي يحتاج إليها المرتبة الأولى؛ إذ يُخصِّص الجزء الأكبر من دخله لها، وعندما يحدث التضخُّم، ستزيد الحِصَّة المُخصَّصة من الدخل لشراء السِّلَع والخدمات، ممّا يُقلِّل من فُرَص الاستثمار والادِّخار للمستقبل، الأمر الذي يُؤثِّر بطريقة أو بأخرى في الاقتصاد العامّ.
ويُلاحَظ هذا التأثير بصورة أكبر على الأفراد ذوي الدخل المحدود، ممّا يُؤثِّر في مُستَوَياتِهم المعيشيَّة بنسبة كبيرة.
تُعرف القُوَّة الشِّرائيَّة بأنَّها كمِّية السِّلَع والخدمات التي يتمكَّن الفرد من شرائها بماله خلال فترة زمنية مُحدَّدة، فعندما يحدث التضخُّم وتستَمِرّ الأسعار بالارتفاع، ستفقد النقود قُوَّتها الشِّرائيَّة مع مرور الوقت، وهذا يعني أنّ القدرة لدى الفرد على شراء سِلَع وخدمات بالمبلغ الماليّ نفسه ستكون أقلّ مُقارَنة بما كان يستطيع شِراءه به في وقت سابق.
يُؤدّي الارتفاع في أسعار السِّلَع المَحلِّيَّة إلى انخفاض قدرتها التنافُسِيَّة في الأسواق الدولية مُقارَنةً بالسِّلَع التي تُنافِسها دوليّاً ذات الأسعار الأقلّ، ممّا يُؤدّي إلى تراجُع صادرات الدولة، وبالتالي زيادة المدفوعات مقابل نقص الإيرادات، الأمر الذي يُسبِّب عَجزاً في الميزان التجاريّ.
في خُطوة نحو مُواجهة التضخُّم وزيادة مُعدَّلَه، قد يلجأ البنك المركزيّ في الدولة إلى رفع أسعار الفائدة على قروض الأفراد والشركات؛ بهدف خفض مُستَوَيات الطَّلَب على السِّلَع والخدمات، والذي سيُؤدّي بدوره إلى تراجُع التضخُّم، كما يمكن أن تُؤدّي هذه الخطوة من البنك المركزيّ إلى تقليل فُرَص الاستثمارات المَحفوفة بالمخاطر أو المُتَقَلِّبة.
وفي الختام، بالرغم من الآثار السلبيَّة العديدة للتضخُّم، إلّا أنَّه قد يكون مفيداً -بالتحديد التضخُّم الزاحف- للدُّوَل التي يعاني اقتصادها من الانكماش؛ وهو التراجُع العامّ في أسعار السِّلَع والخدمات نتيجة انخفاض الطَّلَب عليها، ممّا يُؤثِّر في النُّمُوّ الاقتصاديّ؛ لذلك تتَّخِذ الدولة إجراءات من شأنها زيادة نِسبَة الطَّلَب على السِّلَع والخدمات ورفع أسعارها.
المراجع
[1] amf.org.ae, التضخم أسبابه، آثاره، وسبل معالجته
[2] iisbf.gelisim.edu.tr, WHAT IS INFLATION and WHAT ARE THE TYPES OF INFLATION?
[3] rba.gov.au, Causes of Inflation
[4] investopedia.com, 10 Common Effects of Inflation
[5] unacademy.com, Inflation, Stages and Types of Inflation