يواصل ملتقى الشارقة الدولي للراوي في نسخته العشرين، فعالياته وأنشطته وبرامجه لليوم الثالث على التوالي على المنصة الافتراضية لمعهد الشارقة للتراث، حيث لاقت الفعاليات المتنوعة تفاعلاً حيوياً لافتاً من قبل المتابعين.
الشارقة 24: لليوم الثالث على التوالي يواصل ملتقى الشارقة الدولي للراوي في نسخته العشرين فعالياته وأنشطته وبرامجه على المنصة الافتراضية لمعهد الشارقة للتراث، حيث لاقت الفعاليات المتنوعة تفاعلاً حيوياً لافتاً من قبل المتابعين.
وتضمنت الفعاليات ندوة افتراضية من المغرب حول توثيق التراث الشفهي وعرضاً عن حكايات من تراث الشعوب قالوا عن الراوي "شهادات وتجارب"، وفيلماً من ذاكرة ملتقى الشارقة الدولي للراوي، وسيرة راوي "جمعة بن حميد" وبين دفتي كتاب "تسليط الضوء على إصدارات الملتقى"، بالإضافة إلى حكايات على لسان أطفال "الراوي الصغير".
وركز المتحدثون في الندوة على محاور أساسية هي " توثيق التراث الشعبي المغربي بين الإقدام والإحجام وتوثيق التراث الشعبي ونماذج من المغرب والفيلم الوثائقي في خدمة الموروث الثقافي الشعبي والمغرب نموذجاً.
وقال سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة العليا للملتقى،: "ملتقى الشارقة الدولي للراوي معه تبدأ حكاية التراث في الشارقة ومنه انطلقت الشرارة الأولى التي أشعلت قنديلاً يضيء بيت الثقافة ويسرد قصة الأرض والناس بالكلمة واللحن والنغم والآلة البسيطة وبالمعرفة الشعبية والتقاليد السامية فهنا في الشارقة عمليا وميدانيا وافتراضيا يلتقي حكواتيون وقوالون ورواة من مختلف بلدان العالم ليضيفوا أجمل ما يستحق الإضافة للمشهد التراثي والثقافي الذي يشكل الراوي وإبداعاته جوهر الحكاية وعمقها ووجدانها".
وأكد استمرار سعي المعهد في تطوير هذه الفعالية التراثية في مختلف المجالات خاصة أنها كما غيرها من الأنشطة والبرامج والفعاليات الثقافية والتراثية تحظى بدعم لا محدود من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كما يسعى الملتقى دوماً إلى لفت الأنظار لأهمية الموروث الشفاهي وضرورة الاهتمام بحملته من الكنوز البشرية الحية، حيث يأتي في كل عام ليؤكد أهمية التراث الشفهي والخبرات التقليدية والمعارف والممارسات الشعبية لتكون ضمن قائمة الأولويات في العمل الوطني.
سيرة راوي- راشد الشوق
هو راشد عبيد راشد الشوق، من قبيلة آل علي، ولد في إمارة الشارقة عام 1937، على وجه التقريب، كانت طفولته عادية عاشها بين أب وأم وأخوين وثلاث أخوات، في طفولته المبكرة أُرسل إلى الكتاتيب (المطوع)، ليدرس القرآن الكريم، ويتعلم بعض مبادئ الحساب والقراءة والكتابة، وفي هذه المرحلة ختم القرآن الكريم. ويروى أن الشوق درس في المدرسة المحمودية لفترة قصيرة من الزمن، وهي من أوائل المدارس النظامية التي كانت تعنى بتدريس العلوم الدينية والمعارف الإسلامية والفقه والعربية وآدابها، ارتاد مهنة الغوص، كغيره من شباب زمانه، نظراً للظروف المعيشية الصعبة، واستمر فيها فترة مارس خلالها العديد من الأعمال، فعمل "وليد"، ثم "يلاس" ثم "سيب"، بعدها أصبح مسؤولاً عن إعداد الطعام في السفينة، أي بمثابة مساعد "مجدمي"، والمجدمي هو مساعد الربان (النوخذة).
أنهى الشوق حياته العملية بالعمل لدى دائرة الثقافة والإعلام بإدارة التراث كمرجع تراثيّ يملك حصيلةً كبيرةً من المأثورات الشعبية، التي وعاها واستقاها من البيئة التي عاشها فيها، بما تضمنته من قيم وتقاليد الآباء والأجداد، وشكلت لديه في مجموعها تراثاً جمعه منذ طفولته المبكرة، وقد ازداد تأثره ووعيه بها كلما تقدمت به السن، حتى وصل إلى مرحلة النضج التي أصبح فيها قادراً على إعادة ما تمثله منها. ولعل ما تركه الشوق من مأثورات أكبر شاهد على ذلك، حيث أكد أهمية الحكايات الشعبية، ودورها في تربية الطفل وتوسيع خياله، وتعليمه الحكم والعظات، وفعل الخير والمعروف. توفي الشوق في 26 سبتمبر عام 2000 وكانت وفاته إيذاناً بميلاد جديد للراوي والرواة جميعاً والمعارف الشعبية المستقاة مما اختزنوه في صدورهم، حيث سنّت إدارة التراث في ذلك الوقت سنّة حسنة للاحتفاء بأوليك النجوم الأعلام من خلال فعالية "يوم الراوي"، والتي انطلقت أولى دوراته في 27 سبتمبر 2001، كحدث سنوي دائم تكريماً له ولحملة الموروث الشعبي، بمشاركات محلية وخليجية فقط.
سيرة راوي- جمعة بن حميد
إنها سيرة الراوي جمعة بن حميد، الذي ولد في الشارقة في عشرينيات القرن الماضي وتوفي في العام 2010 عن عمر ناهز 85 عاماً، وهي سيرة مجبولة بإسهامات عديدة ومتنوعة في عالم الحكايات والمرويات والقصص عن البحر والغوص، والعادات والتقاليد في الماضي، والحياة السياسية في الإمارات، وغيرها. وهو أحد الرواة الموسوعيين الذين وعوا تراث المنطقة وحفظوه بكل جوارحهم، وأدوه عبر رواياتهم الكثيرة عن تاريخ البلاد، وأنواع الحرف والمهن التي كان يمتهنها السكان قبل قيام الدولة. هو ذاكرة الشارقة، هكذا قال عنه ذات زمن مضى سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، فقد شهد تغيرات مهمة وتطورات عميقة، مرت بها الشارقة في القرن العشرين، وتاريخ رجالاتها، الذين تركوا بصماتهم في مجالات السياسة والأدب والثقافة والتجارة والاقتصاد.
لعله كان أيضاً شاهداً على ثلاث فترات مهمة من تاريخ الإمارات: الفترة القديمة، حيث المجتمع التقليدي وأنماط عيشه التي كان يمارسها، وكيف انحسرت تلك الأنماط شيئاً فشيئاً، مع ظهور النفط وبداية التغير، حيث تشكلت الفترة الوسطى التي بدأ فيها المجتمع ينتقل إلى حياة التحضر، أما الفترة الثالثة فهي فترة تأسيس الاتحاد واستقرار الدولة والدخول في عصر التطور، ولقد استطاع أن ينقل، بوعيٍ ثاقب، تفاصيلَ الفترتين السابقتين، ويرويهما للأجيال اللاحقة، ووثّقت دائرة الثقافة في الشارقة مروياته، وحفظتها لتكون وثيقة تاريخية، تسهم في إبقاء معالم الحياة التقليدية للمجتمع، حاضرةً في أذهان الأجيال اللاحقة.
توثيق التراث الشفهي في المغرب
شكلت ندوة توثيق التراث الشفهي في المغرب محطة وعنواناً مهماً في اليوم الثاني للملتقى بنسخته العشرين، وشارك في الندوة التي قدمها الدكتور يحيى لطف العبالي، ثلاثة باحثين ومختصين في التراث المغربي، هم: الدكتور سعيد يقطين، والباحث ناسمي محمد، والدكتور الحبيب الناصري.
وتفصيلاً قال الدكتور يحيى لطف العبالي، هذا الملتقى الذي يفتخر فيه معهد الشارقة للتراث، ويفتخر فيه كل التراثيين في العالم العربي، اعتاد على الحضور الوازن للباحثين من المغرب لإثراء برامج الملتقى مع أشقائهم من الإمارات والعرب عموماً في دوراته السابقة، ونظراً لظروف هذا الوباء الذي عم العالم ونأمل بتجاوزه قريباً، ارتأت إدارة معهد الشارقة للتراث عبر مكتبها الإقليمي في المغرب، أن يكون هناك ندوة حول صون التراث الثقافي المغربي غير المادي ضمن برامج هذه الدورة.
ومن جانبه، تحدث الدكتور سعيد يقطين، الباحث في الأدب الشعبي، حول توثيق التراث الشعبي المغربي بين الإقدام والإحجام، حيث اعتبر هذا الموضوع من أهم الموضوعات التي تتصل بالثقافة الشعبية، فهي غنية ومتنوعة، لكنها لم تلق الاهتمام الملائم لأهميتها وقيمتها التاريخية.
في حين تناول الدكتور ناسمي محمد، الباحث في التراث الثقافي، توثيق التراث الشعبي، نماذج من المغرب، مشيراً إلى أن هناك في المغرب تنوع بيئي طبيعي، وتنوع إثني، عرب وأفارقة وأندلسية وأمازيغي، وبالتالي هناك تنوع وثراء في التراث المغربي، وقد مر في مراحل عدة: ما قبل التوثيق، حيث تنطلق من القرون الوسطى، والحضارة الإسلامية في عزها، مرحلة زاخرة بالكتاب والإنتاج المعرفي. ومرحلة العلاقة مع الأجنبي، التجار والدبلوماسيين، فقد كتبوا الكثير عن المغرب، يمكن العودة إليه والاستفادة منها، ومن ثم هناك مرحلة الاستعمار، فبعد احتلال فرنسا للجزائر، جندت فرنسا عدداً من الجواسيس والمخبرين والباحثين لكتابة تقارير عن المغرب لتسهيل عملية الاستعمار، وقد ركزت على الحياة الثقافة للمغاربة، ووثقت مادة فولكلورية ضخمة، كما أسسوا مجموعة من المجلات وثقت لجانب كبير من الثقافة الشعبية المغربية، بالإضافة إلى إنتاج معرفي وإصدار كتب ومعاجم، ومبادرات استعمارية أخرى ركزت على توثيق التراث المادي، أما غير المادي فكان الاهتمام به أقل.
وبدوره شارك الدكتور الحبيب الناصري، الباحث في الأدب الشعبي بمداخلة بعنوان: الفيلم الوثائقي في خدمة الموروث الثقافي الشعبي، المغرب نموذجاً، حيث تطرق إلى تبيان ثقافة الصورة ككل في شأن الموروث الثقافي الشعبي، نحن اليوم في عصر الصورة، والصورة اليوم لغة وأداة من الأدوات التي يمكن أن نراهن عليها في خدمة الموروث الثقافي المغربي والعربي والإنساني. حكايات من تراث الشعوب
تابع جمهور وعشاق الملتقى والحكاية عبر منصات ووسائل التواصل الاجتماعي لمعهد الشارقة للتراث تشكيلة من الحكايات من تراث الشعوب، حيث استمتع رواد منصات التواصل الاجتماعي وتفاعلوا مع الحكايات التي قدمها كل من الرواي عبد الرحيم المقوري، من المغرب، والحكواتية دورة سالم من تونس، والحكواتية المغربية حاجية المقوري.