جار التحميل...
وأوضح صاحب السمو حاكم الشارقة أن إصدار مجمع التواريخ لشبه الجزيرة العربية وفارس هو تكملة لإصدار البرتغاليون في بحر عُمان، ويبدأ بعرض تاريخ المنطقة كاملاً في صورة حوادث في حوليات، ويأتي في 33 مجلد باللغة العربية ومثلها باللغة الإنجليزية، وتحتوي على 1473 وثيقة، وتم وضعه أيضاً في إصبع ذاكرة.
وبين سموه أنه وبعد وصول البرتغاليين إلى المنطقة والسيطرة على مدخل الخليج وعلى مدخل البحر الأحمر وصولاً إلى سقوط هرمز سنة 1622م، انتقل البرتغاليون إلى السيطرة على بعض المدن على سواحل عُمان، لتأتي بعدها عدة دول تريد الاستفادة من المنطقة للتجارة، وكانت المرة الأولى لطرد البرتغاليين على يد الإنجليز، والمرة الثانية على يد الهولنديين الذين استنجد بهم الإنجليز، موضحاً سموه أن الإنجليز والهولنديين أخذوا إعفاء من شاه عباس للحصول على الحرير، وتأسيس مراكز لهم في غمبرون التي أصبحت لاحقاً بندر عباس، وذلك مقابل إخراج البرتغاليين، ويأتي اختيار غمبرون وليس هرمز بسبب انفصال هرمز عن فارس، ولقلة المؤونة والماء وملوحته فيها مما يؤثر على التجارة.
وتساءل صاحب السمو حاكم الشارقة عن التجارة التي تهافتت عليها الدول في المنطقة، موضحاً سموه أن أوروبا كانت تحتاج إلى الحرير والقطن لمنتجات الألبسة حيث كان لديها الصوف فقط، ولا يستطيعون لبسه في الصيف، وكانت تحتاج البهارات التي تأتي من الهند لإزالة رائحة العفونة من اللحم، لأنه لا توجد في تلك الفترة ثلاجات لحفظ اللحم، وكانوا يعملون من اللحم البسطرمة، ونوع آخر يسمى لنجن وهو ما يتم إفراغ الماء منه بالدق، ولكن تبقى به رائحة عفونة التي تزيلها البهارات.
واستعرض سموه الوثائق التي يمتلكها والتي معظمها موجود في مجمع التواريخ، وهي موجودة كذلك للباحثين في دارة الدكتور سلطان القاسمي، وشملت الوثائق الهولندية والإنجليزية والفرنسية والعثمانية، منها وثائق أرشيف يوميات المكتب الإنجليزي في البصرة، والتي تأخذ محتوياتها من البصرة وما حولها والجزيرة العربية وما يتليها وما في العراق، وأرشيف يوميات مكتب الشركة الإنجليزي في غمبرون، حيث جمع سموه وثائق المكتبين خلال مرحلة الجمع الأولي للوثائق الإنجليزية، مبيناً أنه لا يوجد بينهما تعارض أو فروق حيث أن لكل مكتب منهما مسؤوليته في التسجيل إما مدخل الخليج أو مخرج الخليج، موضحاً سموه أن مكتب البصرة كانت تحصل لديه الكثير من المشاكل التي تتسبب في إغلاقه، مما جعلهم يفكرون في الانتقال إلى الكويت وإلى قطر، ومن المشاكل التي حصلت احتلال البصرة من قبل كريم خان زند، والمشاكل مع القبائل الموجودة، أما مكتب غمبرون لم تكن لديه الكثير من المشاكل والمعارضات لأنه كان في فترة حكم شاه عباس.
وأشار سموه إلى الأرشيف العثماني الذي يتناول الجزيرة العربية، وفي العراق البصرة وما حولها والجزيرة الوسطى بين الفرات ودجلة بدون المناطق الجبلية والأكراد، لافتاً سموه إلى أن الوثائق العثمانية صعبة المنال، وهي باللغة التركية وتسمى "سيقه" حيث تعلمها سموه لقراءة الوثائق وبعدها تترجم إلى اللغة العربية، مبيناً أن مصدر الوثائق رئاسة الوزراء وتكون الملفات بحسب الوزارة، بالإضافة إلى مصدر آخر وهو قصر طوب كابي، وهو قصر الملك الذي تأتي منه المراسيم والأوامر والمراسلات بين الملك والبشاوات المعينين في الأقاليم.
وتطرق صاحب السمو حاكم الشارقة إلى الملفات الفرنسية ومصدرها وزارة الخارجية، وهي قليلة بسبب الاصطدام الذي كان بين الإنجليز والفرنسيين عند قدومهم إلى المنطقة، ومن ثم رحلوا وعادوا ودخلوا إلى الخليج بعد فترة متأخرة ولكن كعلاقات سياسية وتجارية فقط، مشيراً سموه إلى ملفات مدينة كان، هي ملفات ديكان القائد الفرنسي على الجزر الفرنسية على المحيط الهندي مثل موريشيوس، وقد ألقي القبض عليه بعد احتلال بريطانيا للجزر، ليأخذ ديكان الملفات ويضعها في بلدية كان.
ولفت سموه إلى أن الوثائق الألمانية وصلت إلى المنطقة متأخراً، وذلك في أيام دخول العثمانيين حيث كان للألمان قنصل يسجل الحوادث، وتوجد هذه الوثائق في وزارة الخارجية، مشيراً سموه إلى أنه طلب من وزارة الخارجية الاطلاع على أرشيف الوزارة، والذي استقبله فيها عند زيارته القنصل الألماني في دبي، والذي كان سابقاً يجالس سموه وهو صديق له، وسهل على سموه العناء بأنه وفريقه عملوا على البحث في الأرشيف والترجمة وإرسال الوثائق إلى سموه، ولكنها كانت لحقبة متأخرة في 1910م.
وشدد سموه على الباحثين بضرورة ذكر مرجع الوثيقة الأصلية في أبحاثهم وليس مجمع التواريخ، حيث أن سموه بإصداره مجمع التواريخ يضع الوثائق الأصلية في خدمة الباحثين ولتكون هي مرجعهم الأساسي، ومن باب الأمانة العلمية بإمكان الباحثين الإشارة في مقدمة أبحاثهم فقط إلى أن الوثائق معظمها كان مصدرها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ودون تكرار الاسم مع كل وثيقة.
وفند سموه أقوال الكثير من المؤرخين عن قلة المصادر حول تاريخ النبهانيين بأنه ومع بحثه الكبير وحصوله على المصادر والوثائق الكثيرة عمل مشجر عائلة النبهانيين، وكان لهم كتاب خاص في سلطان التواريخ.
واختتم سموه اللقاء متمنياً أن يكون في كل بلد إشعاع علمي وثقافي، فمع وجود الجامعات في الدول العربية والخليجية يستطيع أبناؤها وبناتها الآن الاستفادة من هذه الأبحاث والوثائق ومصادر التعلم لدراسة وتوثيق تاريخ المنطقة بجهود أبنائها، والتمكن المعرفي في مختلف المجالات، والحفاظ على الهوية العربية الأصيلة ونشرها.