أطلقت مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة بالتعاون مع مؤسسة "سباركل" الإنسانية في جمهورية ملاوي، مبادرة دولية تحت عنوان "شرارة النجاح: تمكين النساء نحو الاكتفاء الذاتي"، تهدف إلى تعزيز قدرات النساء والشباب في مدينة زومبا عبر برامج تدريبية في المهارات المهنية والتثقيف المالي، وتمكينهن من إطلاق مشاريع صغيرة لكسر دائرة الفقر.
الشارقة 24:
أعلنت مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة عن إطلاق مبادرة دولية في جمهورية ملاوي تحت عنوان "شرارة النجاح: تمكين النساء نحو الاكتفاء الذاتي"، وذلك بالشراكة مع مؤسسة "سباركل" الإنسانية في ملّاوي، بهدف تعزيز دور النساء والشباب في مدينة زومبا عبر برامج تدريبية متخصصة في المهارات المهنية والتثقيف المالي، إلى جانب توفير التمويل والإرشاد، بما يضمن تحقيق الاستقلال الاقتصادي والمشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية المجتمعية المستدامة.
وتُنفذ المبادرة على مدى عامين من سبتمبر 2025 حتى أغسطس 2027، تستثمر خلالها "نماء" في بناء القدرات وتمويل المشروعات الصغيرة، حيث سيستفيد منها بشكل مباشر 200 امرأة وشابة بواقع 100 مستفيدة سنوياً، بينما يتجاوز أثرها المباشر حدود الأفراد ليصل إلى أكثر من 1200 شخص من أسرهم وأفراد مجتمعهم، بما يرفع مستويات الدخل ويحسن نوعية الحياة ويعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وتنطلق مبادرة "شرارة النجاح" من دراسة واقعية للتحديات التي تواجه النساء والشباب في المناطق الأقل حظًا بملّاوي، حيث لا يلتحق بالتعليم الثانوي سوى 16% من الأطفال، ولا يتخرج منهم إلا ربع هذا العدد.
كما يقف ضعف المهارات المهنية، ومحدودية الوصول إلى رأس المال، وغياب التثقيف المالي، إلى جانب العوائق الثقافية والاجتماعية، حائلاً دون اندماجهم الفاعل في سوق العمل وبناء مستقبل اقتصادي مستقر.
فرص للانتقال نحو الاستقلال الاقتصادي
واستناداً لهذه الدراسة، تضع "نماء" أهدافاً واضحة تسعى من خلالها إلى إحداث تحول ملموس ومستدام، عبر تمويل برامج تدريبية متخصصة في الخياطة وتكنولوجيا المعلومات والزراعة المستدامة والنسيج والطاقة الشمسية، ورفع مستوى الوعي المالي للنساء وتمكينها من إدارة مواردها بكفاءة، إلى جانب تقديم التمويل الأولي والإرشاد لتأسيس مشروعات صغيرة، فضلاً عن الإرشاد المهني وخدمات إعداد السير الذاتية والتدريب على مهارات المقابلات الوظيفية، بما يفتح أمام المشاركين أبواب العمل والريادة، ويمنحهم فرصة حقيقية للانتقال نحو الاستقلال الاقتصادي وبناء مستقبل أكثر ازدهاراً.
وتقوم المبادرة على برنامج عمل متكامل يشمل ثلاثة محاور رئيسية، حيث تعمل المبادرة في المحور الأول "التخطيط والإعداد" على تأسيس قاعدة قوية من خلال بناء شراكات مع مراكز التدريب المحلية في ملّاوي والتعاون مع قادة المجتمع، بما يعزز القبول والالتزام المجتمعي، كما ستطلق حملات توعية في القرى والمناطق المستهدفة للتعريف بفرص البرنامج وتشجيع النساء والشباب على المشاركة الفاعلة فيه.
وفي المحور الثاني، المختص في "التدريب والتمكين الاقتصادي"، فيغطي برنامج المبادرة مجموعة من المهارات الحيوية ويمتد على مدى 24 شهراً، ويُستكمل التدريب بتقديم تمويل أولي وإرشاد عملي للمشاركين لتمكينهم من تأسيس مشروعات صغيرة قادرة على النمو والاستمرار، بما يخلق فرص عمل جديدة ويعزز الدورة الاقتصادية داخل المجتمع.
أما المحور الثالث من المبادرة فيستهدف "الإرشاد والدعم الوظيفي"، إذ توفر المبادرة جلسات إرشاد مهنية فردية لمساعدة المشاركين على دخول سوق العمل بقدرات تنافسية أعلى، ويتضمن ذلك خدمات متخصصة في كتابة السيرة الذاتية، الإعداد لمقابلات العمل، وتوجيهات عملية لفتح مسارات مهنية جديدة أمام الشباب والنساء على حد سواء.
استثمار في مستقبل المجتمعات
وحول أهمية المبادرة وتأثيرها المستدام، قالت سعادة مريم الحمادي، مدير عام مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة: "تعبر هذه المبادرة عن واحدة من المرتكزات الأساسية التي ننطلق منها في (نماء)، والتي تتجسد في أن الاستثمار في قدرات المجتمعات والنهوض بدور المرأة فيها، هو استثمار في المستقبل، فنحن لا نكتفي بتمكين النساء اقتصادياً، بل نتطلع دائماً في كافة مبادراتنا إلى بناء بيئة تفتح أمامهن آفاق التعليم، وريادة الأعمال، والمشاركة في اتخاذ القرار، لذلك عملنا على مد جسور التعاون الدولي، لتحويل التجارب التنموية إلى قصص نجاح عابرة للحدود، تؤكد أن التنمية المستدامة تتحقق حين تمتلك النساء والشباب الأدوات التي تجعلهم شركاء فاعلين في صياغة الحاضر وقادرين على تشكيل المستقبل الذي يطمحون إليه".
من جهتها، أكدت سارة بروك، المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة "سباركل" الإنسانية أهمية الشراكة مع مؤسسة "نماء"، وقالت: "نؤمن بأن تمكين المرأة في المناطق الريفية بإفريقيا ليس منحة، بل دعم يستند إلى الثقة والرؤية المشتركة والإيمان بقدرة النساء على قيادة الأسر والمجتمعات والمستقبل، ويسعدنا أن نحظى بدعم شريك يحمل رسالة تتماشى مع قيمنا، ويثق بعاملينا في الميدان وجهودهم لضمان تقديم الأفضل للنساء اللواتي نخدمهن، لأنهم لا يتحدثون عن التغيير الإيجابي فحسب، وإنما يستثمرون في إحداثه على أرض الواقع".
تموّل إطلاق 100 مشروع صغير
ومن المنتظر أن تحقق المبادرة مجموعة من المخرجات النوعية التي تُترجم أهدافها إلى واقع ملموس، حيث سيتم خلال كل عام تدريب المشاركين على مهارة مهنية متخصصة، مصحوبة ببرامج للتثقيف المالي، بما يمنحهم الأدوات العملية لإدارة حياتهم الاقتصادية بثقة وكفاءة، كما ستسهم المبادرة في إطلاق ما لا يقل عن 100 مشروع صغير على مدار عامين بواقع 50 مشروعاً كل عام، بفضل التمويل الأولي والدعم المتواصل الذي توفره، بما يعزز فرص ريادة الأعمال داخل المجتمع المحلي.
وفي جانب التوظيف، ستوفر المبادرة دعماً مباشراً لـ 50 مشاركاً سنوياً عبر الإرشاد المهني وخدمات إعداد السيرة الذاتية والتدريب على مقابلات العمل، على أن يتمكّن ما لا يقل عن 80 منهم من الحصول على وظائف فعلية خلال ستة أشهر فقط من استكمال البرنامج التدريبي، وإلى جانب ذلك، ستُعقد اجتماعات دورية مع اللجان المجتمعية والقادة المحليين لتعزيز مبدأ الشفافية وضمان مشاركة المجتمع المحلي في صنع القرار.
أثر مجتمعي طويل المدى
ولا يقتصر تأثير مبادرة "شرارة النجاح" على نتائجها المباشرة فحسب، بل يمتد أثرها إلى إحداث تحول مجتمعي طويل المدى ينعكس على أجيال كاملة، فمن خلال إكساب النساء والشباب المهارات والموارد اللازمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، تسهم المبادرة في كسر دائرة الفقر المتوارثة، وتحويلها إلى مسارات إنتاج واستقرار اقتصادي، كما تعزز المبادرة حضور المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ما يفتح أمامها آفاقاً أوسع للمشاركة في صنع القرار على مستوى الأسرة والمجتمع، ويدعم قيم المساواة بين الجنسين.
وتأتي الاستدامة في مركز اهتمام المبادرة، إذ تتيح للمشاركين تأسيس مشروعات صغيرة قادرة على النمو والتوسع، بما يولّد فرص عمل جديدة ويقوي بنية الاقتصاد المحلي، فيما تكرّس في الوقت نفسه ثقافة التعليم المهني للأجيال القادمة، بوصفه ركيزة أساسية لتحقيق التقدم والاعتماد على الذات.
التزام نماء
ويشار إلى أن المبادرة تأتي ضمن استراتيجية "نماء" الرامية إلى تعزيز دور المرأة عالمياً، من خلال مشاريع تركّز على التعليم، التمكين الاقتصادي، والمشاركة المجتمعية، بالشراكة مع مؤسسة "سباركل" في ملّاوي، بما يجسد رؤية المؤسسة في مد جسور التعاون الدولي، ومضاعفة الأثر التنموي وتسريع وتيرة الوصول إلى المستفيدين الحقيقيين.