جار التحميل...
الشارقة 24:
أسدلت أمس الأحد، الستار على فعاليات الدورة التاسعة من مهرجان الذيد للرطب، الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة الشارقة، بمركز إكسبو الذيد، على مدار خمسة أيام، شهد خلالها الحدث نجاحاً استثنائياً عزز مكانته كأبرز الأحداث الزراعية والتجارية في المنطقة، حيث استقطب أكثر من 30 ألف زائر بزيادة لافتة بلغت 25% مقارنة بدورة العام الماضي، وحقق مبيعات تجاوزت مليوني درهم، وتوّج 110 فائزين في مختلف مسابقاته.
وخلال حفل الختام، كرّم سعادة عبد الله سلطان العويس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، الفائزين بجوائز مسابقات المهرجان والجهات الداعمة، إلى جانب تكريم سعادة راشد خليفة المحيان رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في المنطقة الوسطى، والدكتور راشد المزروعي الباحث في مجال التراث، لجهودهم ومساهمتهم في إنجاح الحدث الذي شهد مشاركة واسعة من كبار مزارعي النخيل ومنتجي الرطب من مختلف إمارات الدولة، إلى جانب مشاركة أكثر من 15 شركة زراعية متخصصة عرضت أحدث تقنيات الزراعة المستدامة، مما أتاح للمزارعين فرصة للاطلاع على الابتكارات التي تدعم تطوير مزارعهم وتحسين إنتاجها، وأبرز قصص النجاح الملهمة التي تجمع بين الإرث الزراعي العريق ومستقبل الزراعة الذكية.
وأكد سعادة عبد الله سلطان العويس، أن نجاح المهرجان يعكس ما تشهده إمارة الشارقة من نهضة زراعية نتيجة للرؤية الاستراتيجية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ضمن التوجه لرفع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات لتصل إلى 19.3 مليار درهم بحلول العام الجاري، حيث تبرز المؤشرات الاقتصادية أن قطاع الزراعة في الشارقة حقق نمواً قياسياً بلغ 19.1% في عام 2023 نتيجة الجهود المتبعة وزيادة البرامج والمبادرات التي تم تنفيذها لدعم المزارعين وتطوير القطاع، لافتاً إلى أن التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص من العوامل المساهمة في تحقيق هذا النمو، من خلال توفير البنية التحتية والإطار التشريعي، ومساهمة القطاع الخاص بالاستثمارات والابتكارات التقنية التي عززت من قدرات المزارعين الإنتاجية.
وأضاف سعادة عبد الله سلطان العويس، أن مهرجان الذيد للرطب يمثل نموذجاً فريداً للتنمية المستدامة من خلال جمعه بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في منظومة متكاملة، ويعكس التزام إمارة الشارقة الراسخ بالاهتمام بقطاع الزراعة والحرص على تقديم الدعم المستمر للمهرجانات الزراعية والمبادرات المرتبطة بها واستقطاب الشركات التي توفر للمشاركين أحدث التقنيات والمعدات والاستشارات الفنية والتدريب الذي يكفل بناء قدراتهم ويمكنهم من مواكبة التطورات الحديثة في مجال الزراعة، لأن المعرفة والابتكار يشكلان أساس نمو القطاع وهذا أحد أبرز أهداف المهرجان، وما تصاحبه من ورش عمل وندوات تعزز تبادل المعرفة ونشر الابتكارات، وزيادة فرص التطوير المستمر للزراعة في الشارقة والإسهام في تحقيق الأمن الغذائي.
من جهته، أكد سعادة محمد أحمد أمين العوضي مدير عام غرفة تجارة وصناعة الشارقة، أن أبرز نجاحات المهرجان على مدار تسعة أعوام مساهمته في نشر المعرفة التراثية المتعلقة بزراعة النخيل ونقلها للأجيال المقبلة، لأن هذا التوثيق والنقل للمعرفة يضمن استدامة التراث الزراعي الإماراتي وحمايته ودمج طرق الزراعة التقليدية بما يستجد في هذا القطاع من تطور تقني سريع له دور واضح في تحسين الإنتاج، ومن هنا فإن مهرجان الذيد للرطب، شكل بوابة لمزارعي النخيل للتعرف على أحدث الابتكارات في مجال الزراعة والمشاركة في المسابقات التي نحرص في كل دورة على تحسين معايير تقييمها وإدخال تقنيات حديثة في عملية الفحص والتحكيم، بما يضمن العدالة والشفافية في النتائج ويعزز ثقة المزارعين المشاركين وتحفيزهم على مواكبة أحدث التطورات في القطاع الزراعي.
بدوره، أوضح محمد مصبح الطنيجي المنسق العام للمهرجان، أن الحدث يبرز أهمية الاستدامة في زراعة شجرة النخيل ومساهمة مجتمع الإمارة في الحفاظ على الهوية الإماراتية، من خلال إحياء الفعاليات التراثية المتنوعة التي تقام إلى جانب المسابقات الزراعية، لتشكل منظومة متكاملة تستهدف تعريف الزوّار بأصول وقواعد التراث الزراعي الإماراتي وما تمثله شجرة النخيل في الثقافة المحلية، إلى جانب أن الفعاليات التوعوية التي يتضمنها المهرجان تسهم في رفع الوعي المجتمعي بأهمية الزراعة والحفاظ على البيئة وتعريف المشاركين بالقيمة البيئية والاقتصادية لشجرة النخيل، مما يحفزهم على المشاركة في جهود الحفاظ عليها.
وشهد المهرجان، مشاركة نوعية للأسر المنتجة تزامناً مع "عام المجتمع" في الإمارات، حيث وفر منصة حيوية لعرض منتجاتها المبتكرة التي تجمع بين التراث الأصيل والابتكار، وحظيت المعروضات باهتمام الزوار، وتنوعت بين المشغولات الحرفية من سعف النخيل كالمخاريف والسلال المنسوجة بإتقان، والأطباق الشعبية الأصيلة كالهريس والمجبوس التي تنقل عبق الماضي، إلى جانب منتجات مبتكرة كالعسل المحلي الطبيعي والبهارات المُعدة وفق خلطات عائلية متوارثة والقهوة العربية الأصيلة.
وأسهمت المشاركة المتميزة للأسر المنتجة، في تعزيز دورها في النشاط الاقتصادي للمهرجان، حيث شكلت منصة مثالية للتعريف بإبداعاتها وفتح قنوات تسويقية جديدة تمكنها من الوصول إلى شرائح أوسع من المستهلكين، تجسيداً للرؤية الشاملة لدولة الإمارات نحو تمكين المجتمع وتعزيز دور الأسرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقدم المهرجان بذلك، نموذجاً يُحتذى به في دعم الإنتاج المحلي والحفاظ على التراث الثقافي مع مواكبة متطلبات التطوير والابتكار.
واحتضن المهرجان على مدار أيامه، باقة من المسابقات المتنوعة التي خصصت لها جوائز قيمة، شملت فئات مزاينة الرطب الرئيسة مثل الخنيزي، والخلاص، والشيشي، وبرزت في المنافسات فئتا النخبة المرموقتين "نخبة الذيد العامة" المفتوحة لكافة المشاركين، و"نخبة الذيد الخاصة" المخصصة لمزارعي الإمارات الشمالية.
وتنوعت المسابقات، حيث شملت شرائح مجتمعية مختلفة، من خلال مسابقة رطب المنازل الموجهة للنساء، ومسابقة رطب الخرايف المخصصة للأطفال، إلى جانب مسابقات الليمون المحلي والتين الأحمر، وتميزت المسابقات بالتنظيم الدقيق وحرص المتسابقون، خلالها على تقديم أجود ما تنتجه مزارعهم، في تعزيز لمبادرة "بشارة القيظ" التي أطلقتها غرفة تجارة وصناعة الشارقة هذا العام لأول مرة، بالتزامن مع التحضير للمهرجان والاحتفاء بالمزارعين السبّاقين في تقديم بواكير إنتاجهم، لترسيخ ثقافة التميز التي يتبناها المهرجان.
وفي خطوة استثنائية هي الأولى من نوعها على مستوى الدولة، تميزت مسابقات هذه الدورة من المهرجان بالابتكار المستمر عبر تطبيق نظام الذكاء الاصطناعي في تحكيم مسابقة "مزاينة الرطب" الرئيسة، وهدفت هذه المبادرة، إلى تعزيز معايير الشفافية والدقة والكفاءة في عملية التقييم، حيث اعتمد النظام المتطور على تقنيات متقدمة لتحليل جودة العينات من حيث المظهر والحجم واللون، وجاءت الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في عملية التحكيم، في إطار رؤية المهرجان لمواكبة التحول الرقمي وتحقيق التكامل بين التراث الزراعي العريق والتطور التكنولوجي، بما يساهم في تطوير منظومة تقييم منتجات النخيل ويعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي رائد لإنتاج التمور.
ونظم المهرجان، سلسلة من ورش العمل الإرشادية والندوات التوعوية اليومية التي قدمها خبراء ومختصون، تطرقت إلى أنواع النخيل وطرق زراعتها التقليدية والحديثة، وأساليب الزراعة المستدامة والعناية بشجرة النخيل، بالإضافة إلى محاضرات وندوات متخصصة استعرض خلالها المزارعون، قصص نجاح ملهمة ونقلوا خبراتهم في الجمع بين الزراعة التقليدية والمشاريع المبتكرة، مؤكدين على دور القطاع الزراعي في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
وتأكيداً على دوره في استشراف المستقبل، احتضن المهرجان، حلقة شبابية ملهمة بعنوان "في قلب الوسطى… شبابنا ريادة ونماء"، نظمها مجلس الشارقة للشباب بالتعاون مع مجلس شباب الإمارات لريادة الأعمال، وشهدت الحلقة الإعلان عن مبادرتين مستقبليتين هما إطلاق مسابقة "ابتكر من الرطب" ضمن فعاليات الدورة القادمة للمهرجان لتحفيز الشباب على تحويل المنتج التقليدي إلى مشاريع ذات قيمة مضافة، إلى جانب عزم مجلس الشارقة للشباب على تشكيل "مجلس شباب الوسطى" الذي سيتم إطلاقه رسمياً في اليوم العالمي للشباب في 12 أغسطس 2025، ليكون صوتاً رسمياً لشباب المنطقة ويسهم بفاعلية في وضع الخطط التنموية المحلية.
ونجح المهرجان، في تقديم وجهة مثالية للمزارعين والمهتمين بالقطاع الزراعي والعائلات، ووفر لهم تجربة متكاملة وفريدة جمعت بين المنافسات التراثية الأصيلة والبرامج التوعوية الهادفة والأنشطة الاقتصادية والفقرات الترفيهية والتفاعلية التي جذبت المهتمين بالزراعة وشجرة النخيل، ومثل الحدث فرصة للزوار للتعرف على أصناف الرطب المتنوعة وعيش الأجواء الإماراتية الأصيلة، مؤكداً دوره المحوري في تحسين جودة المنتج المحلي ودعم منظومة الأمن الغذائي وأهداف التنمية المستدامة على مستوى الدولة، وتعزيز الاهتمام بزراعة النخيل كإرث إماراتي.