الشارقة 24 - أ ف ب:
في غرفة صغيرة مبردة بجامعة بروكسل، ينكبّ علماء على تقطيع عيّنات جليدية مستخرجة من القارة القطبية الجنوبية، يعود تاريخها إلى عشرات الآلاف من السنين، في مرحلة أولى من مشروع طويل لتوفير بيانات عن تطوّر الاحترار المناخي، تتيح فهما أعمق له.
في وسط هذه الأسطوانات الجليدية، تُوفّر فقاعات هوائية صغيرة لمحة عن الغلاف الجوي للأرض كما كان في تلك الحقبة القديمة.
يُوضح العالم المتخصص في الجليد في جامعة بروكسل هاري زيكولاري أنّ تحليل "المناخات الماضية" يتيح فهم ما "قد يحدث في المستقبل" على الكوكب.
هذا الباحث هو عضو في فريق مؤلّف من أربعة أشخاص سافر إلى القارة القطبية الجنوبية في نوفمبر. يبحث زيكولاري عن أقدم جليد في العالم، مُحاولا تجنّب عمليات الحفر المكلفة.
بالقرب من القطب الجنوبي، في أعماق القارة البيضاء، ثمة طبقات جليدية تعود إلى ملايين السنين، تحت كيلومترات من الثلوج الحديثة. لكن الوصول إليها صعب جداً، فيما تزداد تكاليف البعثات بوتيرة سريعة.
نجحت بعثة حديثة موّلها الاتحاد الأوروبي، في إحضار عيّنات تعود إلى نحو 1,2 مليون سنة، بميزانية إجمالية قدرها 11 مليون يورو "12,80 مليون دولار".
ولخفض التكاليف، اختار فريق جامعة بروكسل طريقة مختلفة: محاولة تحديد مناطق أكثر سهولة في الوصول باستخدام بيانات الأقمار الاصطناعية وتحليلات التضاريس والطقس.
كما هي الحال مع الماء، يتدفق الجليد ببطء نحو الساحل، على ما توضح المتخصصة في الاستشعار من بُعد في جامعة بروكسل مايكه إيزيبود. وعندما يصطدم الجليد بعائق كحافة صخرية مثلا، قد تُدفع الطبقات السفلية نحو السطح.
تؤدي الظروف الجوية دوراً أيضاً. ففي بعض الأماكن النادرة، تمنع الرياح القوية تراكُم طبقات سميكة من الثلج، مما يمكّن من الوصول إلى طبقات جليدية عميقة ومهمة.
تقول مايكه إيزيبود "هذه المناطق الجليدية الزرقاء مميزة جداً". يتناقض لونها مع بياض القارة، ولا تمثل سوى 1% من مساحة القارة القطبية الجنوبية.