تحولت آمنة أحمد محمد، المعروفة بـ"أم عبد اللطيف"، إلى رمز للتراث في الشارقة، بعد أن حولت جزءاً من منزلها إلى متحف يعرض مجسمات طينية تجسد ملامح الحياة القديمة، من خلال متحفها ومشاركاتها في الفعاليات، تسعى لنقل التراث للأجيال، وقد نالت جوائز وتكريمات محلية وإقليمية تقديراً لجهودها.
الشارقة 24:
في ركنها المفضل داخل منزلها، تجلس آمنة أحمد محمد، المعروفة بـ "أم عبد اللطيف"، تحيط بها مجسمات طينية تنبض بالحكايات والذكريات، حولت جزءاً من منزلها إلى متحف صغير تحت اسم "عبق الماضي"، ليكون شاهداً على تراث حيّ يسرد تفاصيل طفولتها ومدرستها وخياط الفريج وأزقة البيوت الطينية، التي شكّلتها أناملها بحب وشغف.
انضمت أم عبد اللطيف في عام 2005 إلى نادي الأصالة التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، والذي يضم عدداً من الأمهات فوق سن الستين، ويهدف النادي إلى دمج كبار السن اجتماعياً وتعزيز مهاراتهم وقدراتهم، إلى جانب دوره في توثيق التراث ونقله للأجيال القادمة.
وجاءت انطلاقة أم عبد اللطيف في هذا المسار التراثي بعد أن أنهت دورها في تربية أبنائها، واطمأنت على استقرارهم، لتبدأ مرحلة جديدة وصفتها بـ "نهاية البداية"، حيث قررت تحقيق حلمها في تعريف جيل اليوم بتراثه الغن،. البداية كانت عندما طلبت المدرسة من أحد أحفادها مجسماً عن الإمارات، فصممته بنفسها وفاز بجائزة، لتكون هذه اللحظة بوابة لمسيرتها الحافلة.
تقول أم عبد اللطيف: "صممت هذا المتحف ليحمل تفاصيل طفولتي، واستقبلت فيه شخصيات عربية وأجنبية أبدت إعجابها بالمجسمات"، وقد حصدت العديد من الجوائز منها جائزة "فريحة الصباح للأم المثالية" من الكويت، وتكريم كشخصية مؤثرة من البحرين، إلى جانب حصولها على دكتوراه فخرية من الجامعة الأميركية للعلوم التقنية، وأكثر من 300 شهادة تقدير من جهات محلية وإقليمية.
ورغم الإعجاب الكبير بمجسماتها، ترفض أم عبد اللطيف بيعها، وتقول: "الكثير يرغب بشراء المجسمات، لكني لا أبيع التاريخ.. أقدمه هدية بكل فخر"، وتؤكد أن هدفها الأسمى هو إيصال هذا التراث لجيل اليوم، من خلال مشاركتها في الفعاليات التراثية ونقل روح الزمن الجميل.
اليوم، تواصل أم عبد اللطيف استقبال الزوار في متحفها المُعاد تجهيزه بصريًا، من حيث الإضاءة وتنظيم العرض، كما تنظم ورشًا حرفية بالتعاون مع نادي الأصالة، لتحفيز الأطفال واليافعين على التعرّف إلى تراثهم، وتُجسّد مجسماتها أماكن حقيقية بتفاصيل واقعية مثل "السكيك"، "البارجيل"، "مستشفى سارة هوسمان"، "خياط الفريج"، "بيت الكتاتيب"، "مسجد البدية"، و"نافورة أبوظبي المائية".
بشغفٍ لا يهدأ، تواصل أم عبد اللطيف رسالتها النبيلة في صون التراث، لتكون مجسماتها مرآة لذاكرة لا تغيب، وصرحًا حيًا يربط الأجيال بجذورها، لم تكن مجرد فنانة، بل أصبحت رمزًا للوفاء للتاريخ، وتجسيدًا حيًا لقوة الإرادة والشغف حين يتحولان إلى رسالة.