جار التحميل...
الشارقة 24:
في خطوة تُجسّد التزاماً طويل الأمد تجاه الثقافة والمعرفة، تواصل "إي آند" رعايتها للجائزة الدولية لأدب الطفل العربي، التي أطلقها المجلس الإماراتي لكتب اليافعين في عام 2009 تحت اسم "جائزة اتصالات لكتاب الطفل" برؤية من الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، المؤسسة والرئيسة الفخرية للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، بهدف الارتقاء بأدب الطفل العربي وتحفيز الابتكار في صناعة نشر كتب الأطفال باللغة العربية.
تمثّل هذه الرعاية اليوم إحدى أبرز الشراكات المستدامة في المشهد الثقافي الإماراتي والعربي، حيث تحوّلت الجائزة خلال خمسة عشر عاماً إلى منصة أدبية دولية تُكرّم أبرز المبدعين العرب في مجالات الكتابة والرسم والإخراج الفني المخصص للأطفال واليافعين، وأسهمت في انتشار أدب الطفل العربي عالمياً، ومنحت المؤلفين والرسامين والناشرين حافزاً لتقديم إنتاجات ذات جودة عالية تحاكي المعايير العالمية، كما ساعدت في إضفاء طابع مؤسسي على صناعة كتب الأطفال، وأوجدت مناخاً تنافسياً يُفرز الأفضل في كل دورة.
منذ إطلاقها، سعت الجائزة إلى سدّ الفجوة في محتوى كتب الأطفال باللغة العربية، من حيث المضمون والأسلوب والرسوم والإخراج. وأسهمت رعاية "إي آند" في إرساء بنية احترافية للجائزة، تمثّلت في تنويع فئاتها، وزيادة قيمتها المالية، وإطلاق برامج تدريبية مرافقة مثل "ورشة"، ما أدى إلى تطور ملموس في جودة الإصدارات المتقدّمة للمنافسة. وبفضل هذا الدعم، ارتفع عدد المشاركات من 88 كتاباً فقط في الدورة الأولى عام 2010، إلى أكثر من 330 ترشيحاً في الدورة السادسة عشرة عام 2024. وتُظهر هذه الأرقام كيف تحوّلت الجائزة إلى منصة حقيقية للارتقاء بصناعة كتاب الطفل العربي.
قالت مروة العقروبي، رئيسة المجلس الإماراتي لكتب اليافعين: "أسهمت الرعاية المستمرة التي قدّمتها "إي آند" منذ الدورة الأولى، في ترسيخ مكانة الجائزة محلياً وعربياً ودولياً، ولعبت دوراً في تحفيز المبدعين العرب على تطوير محتوىً نوعياً يُعبّر عن الطفل العربي ويخاطب وجدانه، ويعزز هويته الثقافية في عالم سريع التحوّل"، مشيرة إلى أن "إي آند" لم تكتفِ بالرعاية المالية، بل كانت شريكاً حقيقياً في تطوير الرؤية وتوسيع الأفق العالمي للجائزة.
وأضافت قائلة: "شهدنا تطوراً لافتاً في طبيعة المشاركات خلال الدورات الأخيرة، حيث ارتفعت جودة النصوص، وتنوعت أساليب الرسم، وتقدّمت أعمال مبتكرة من دور نشر عربية في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهو ما يعكس الأثر العالمي للجائزة، التي أسهمت أيضاً في بناء جسور التعاون الثقافي بين العالم العربي ومجتمعاته في الخارج، ومنحت أبناء الجاليات العربية مواد قرائية ترتبط بلغتهم وهويتهم، وما كان لهذا النجاح أن يتحقق من دون الرعاية المستمرة من إي آند".
جاء تجديد التزام "إي آند" بدعم "الجائزة الدولية لأدب الطفل العربي"، بما يعكس رؤيتها الأشمل للمسؤولية المجتمعية، واستثمارها المستمر في الثقافة والإنسان، وقال محمد العميمي، المدير العام بالوكالة - الإمارات الشمالية في "إي آند الإمارات": "نفخر بأننا جزء من هذه المسيرة الثقافية منذ بدايتها. فالجائزة لم تكن مجرد تكريم للإبداع، بل كانت ولا تزال نقطة انطلاق لمرحلة جديدة في عالم نشر كتب الأطفال باللغة العربية، حيث تشكّل مصدر إلهام لإنتاج أعمال أدبية تعكس أصوات الأجيال المقبلة وأحلامها. وتعد رعاية الطفولة من أعمق أشكال الاستثمار في مستقبل أكثر إشراقاً وإلهاماً".
وأضاف العميمي قائلاً: "ينبع دعمنا لهذه الجائزة من إيماننا الراسخ بأن الثقافة هي الأساس لأي تقدم مستدام. وكل طفل عربي يستحق أن يقرأ بلغته الأم كتباً تعكس هويته، وتُشبه بيئته، وتُلامس تطلّعاته. واليوم، بعد مرور ستة عشر عاماً على هذه الشراكة، نشعر بالفخر ونحن نرى العديد من الأعمال التي كرّمتها الجائزة تُترجم إلى لغات متعددة وتُعرض في معارض كتب دولية، في دليل واضح على القيمة المستدامة لهذا الاستثمار بالمستقبل".
ومن المبادرات التي أثبتت أثرها العميق في سياق الجائزة، يأتي برنامج "ورشة" الذي أُطلق عام 2013 بدعم مباشر من "إي آند". ويهدف البرنامج إلى إعداد جيل جديد من الكُتّاب والرسامين والناشرين القادرين على إنتاج كتب عربية بمعايير عالمية، من خلال ورش تدريبية احترافية يشرف عليها خبراء محليون ودوليون. وقد أثمر هذا البرنامج عن تكوين شبكة واسعة من الكفاءات الشابة التي أصبحت مكوناً حيوياً وفاعلاً في مشهد النشر العربي.
وقد شارك في البرنامج على مدار عشر سنوات مئات الشباب من مختلف الدول العربية، وتمكّن عدد منهم لاحقاً من الفوز بالجائزة، ما يعكس دوره في بناء قاعدة إبداعية مستدامة. وقالت مروة العقروبي: "ورشة ليست مجرد تدريب، بل مساحة للإلهام والتوجيه وصقل الموهبة. لقد غيّر هذا البرنامج حياة الكثير من الشباب، وفتح أمامهم آفاقاً مهنية لم تكن متاحة سابقاً في مجال كتب الأطفال، كما ساعد على إدخال تقنيات جديدة في الكتابة والرسم، بما يتماشى مع تطورات النشر الرقمي والتفاعلي".
ومع الدورة السابعة عشرة، أعلنت الجائزة عن هويتها الجديدة لتواكب تطلّعاتها العالمية، تحت اسم "الجائزة الدولية لأدب الطفل العربي" المقدّمة من "إي آند". ولم يكن هذا التغيير شكلياً، بل يعكس مرحلة جديدة في تطور الجائزة ويُبرز بُعدها الدولي المتنامي. ويأتي هذا التحوّل في ظل تصاعد الحاجة إلى تكريس أدب الطفل كوسيلة فعّالة في بناء الهوية الثقافية للأجيال الجديدة.
وقد جاء الشعار الجديد مستوحىً من شجرة "الرولة" التي تتوسط أحد أشهر ميادين مدينة الشارقة، ميدان الرولة، حيث اعتاد الآباء الاجتماع لتبادل القصص والحكايات. وهو رمز يُعبّر عن روح الجائزة، التي تجمع الأجيال حول الكلمة والصورة والحكاية، وتعيد للقصّة العربية مكانتها في خيال الطفل وذاكرته. كما يحمل الشعار الجديد بُعداً وجدانياً يُعزز ارتباط الطفل العربي بموروثه المحلي وثقافته الأصيلة.
من خلال هذه الهوية، تسعى الجائزة إلى جذب المزيد من المشاركات من خارج العالم العربي، وتشجيع الترجمة، وفتح قنوات تعاون جديدة مع دور نشر ومؤسسات أدبية عالمية. وفي هذا الإطار قالت مروة العقروبي: "نريد أن يكون كتاب الطفل العربي جزءاً من المشهد الأدبي العالمي، وأن يكون للطفل العربي صوت مسموع في مكتبات العالم". ويمثل الاسم الجديد إعلان نضج للمشروع، واستعداداً لمرحلة من التوسع المؤسسي والثقافي.
أثبتت الشراكة بين المجلس الإماراتي لكتب اليافعين و"إي آند" أن التعاون المؤسسي بين القطاع الثقافي والخاص يمكن أن يصنع فرقاً حقيقياً، وأن يدعم صناعة الكتاب العربي بطريقة مستدامة. فقد أسهمت هذه الرعاية في إثراء مكتبة الطفل العربي بإصدارات عالية الجودة، وشجّعت دور النشر على إنتاج المزيد من الأعمال للأطفال واليافعين، وأوجدت سوقاً أدبية نشطة تواكب تطلّعات الأجيال الجديدة. كما عززت هذه الشراكة ثقة المبدعين العرب بمستقبل هذا القطاع وفتحت المجال أمام رؤى وتجارب جديدة.
وبينما تتهيأ الجائزة لمزيد من التوسع عالمياً، تبقى الشراكة مع "إي آند" نموذجاً ملهماً لرؤية استشرافية تؤمن بأن الكلمة الموجّهة للطفل اليوم هي البذرة التي تنمو لتُثمر إنساناً مثقفاً، ومبدعاً، وواثقاً من ذاته وهويته. ويُشكّل استمرار هذا التعاون مظلة داعمة لكل من يعمل من أجل مستقبل ثقافي أكثر إشراقاً للأطفال في العالم العربي وخارجه. وتبقى الرعاية الثقافية المستدامة ركيزة أساسية في بناء مجتمع المعرفة، وتأكيداً على دور الإمارات كمركز عالمي للابتكار الثقافي والتنوير الفكري.