جار التحميل...
الشارقة 24:
اختتم بيت الحكمة معرض "جلال الدين الرومي: 750 عاماً من الغياب.. ثمانية قرون من الحضور"، الذي استمر على مدار 3 أشهر، مستقطباً 14327 زائراً من مختلف الجنسيات والفئات العمرية، إلى جانب الباحثين والمهتمين بتراث الرومي، حيث شكل المعرض احتفالية ثقافية استعرضت المسيرة الفكرية لجلال الدين الرومي، وأثره العابر للأزمان في تشكيل الثقافة والوجدان الإنساني، في ضوء مجموعة استثنائية من المخطوطات والقطع المتحفية النادرة، التي جسّدت إرث الرومي العميق، ورسّخت حضوره في الذاكرة الثقافية العالمية.
انطلقت فعاليات المعرض في 18 نوفمبر واستمرت حتى 14 فبراير الجاري، احتفاء بمرور 750 عاماً على وفاة الشاعر والفيلسوف جلال الدين الرومي، مسلطة الضوء على 3 مراحل رئيسية شكّلت معالم الرحلة الروحية التي خاضها منذ 8 قرون بحثاً عن الحقيقة والمحبة الإلهية.
ويُعد الرومي من أعظم شعراء التصوف عبر التاريخ الإنساني، وقد تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات، مما يعكس رسالته العالمية وفلسفته العميقة التي كرّس حياته لنشرها، مما جعله رمزاً للمحبة والتسامح والسلام بين البشر.
وعلى هامش المعرض، نظم بيت الحكمة مجموعة من الفعاليات التي تضمنت 9 تجارب تفاعلية، تنوعت بين ورش الفنون التشكيلية، وجلسات السرد القصصي، والأمسيات الشعرية والأدبية، والتجارب الفنية المتنوعة، حيث تناولت كل فعالية جانباً من تراث جلال الدين الرومي الفكري والإنساني. وروعي في هذه الفعاليات أن تكون ملائمة لمختلف الفئات العمرية، بما يعكس رؤية بيت الحكمة في تعزيز الثقافة كأداة فعالة للحوار الإنساني، وتوفير منصة للتفاعل بين مختلف شرائح المجتمع.
وأكدت مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لبيت الحكمة، أن الإقبال الكبير الذي شهده المعرض من الفئات المجتمعية والجنسيات المختلفة، يعكس أهمية تنظيم هذه المعارض التي تساهم في حفظ التراث الإنساني بأفكاره وقيمه النبيلة، وتنتقل به من جيل إلى آخر، مشيرة إلى أن بيت الحكمة يواصل تعزيز دوره في ترسيخ أسس مجتمعات المعرفة والثقافة التي تحتفي بالتاريخ وتساهم في صناعة المستقبل.
ضمن الفعاليات المصاحبة للمعرض، نظم بيت الحكمة أمسية شعرية بعنوان "في رحاب أشعار الرومي"، أحياها كوكبة من الشعراء الذين أبحروا بقصائدهم باللغتين العربية والإنجليزية في عوالم جلال الدين الرومي، مستلهمين من فلسفته وأفكاره نصوصاً تجمع بين عمق الفكرة وجماليات الأسلوب. كما شهدت الفعاليات تنظيم جلسة حوارية بعنوان "استكشاف الأبعاد الروحية: المنحوتات والمعارض المستوحاة من جلال الدين الرومي" بمشاركة نخبة من الرسامين والنحاتين الذين سلطوا الضوء على أثر فلسفة الرومي في تشكيل الفنون المعاصرة والارتقاء برسالتها الإنسانية.
ونظم بيت الحكمة كذلك تجربة فنية استعرضت فن التذهيب والمنمنمات، حيث ابتكر المشاركون مخطوطات فنية مستوحاة من مقولات جلال الدين الرومي وأشعاره، متعرفين على أحد أرقى أشكال الفنون الإسلامية التقليدية. كما قدمت ورشة "صناعة لوحة رداء الرومي من ورق فن الإيبرو" للمشاركين تجربة فنية باستخدام تقنية الإيبرو (الرسم على الماء)، وهي فن تقليدي عريق يعود إلى العصر السلجوقي، حيث استلهم المشاركون تصاميم مستوحاة من الأزياء التاريخية للرومي، وحولوها إلى لوحات فنية إبداعية.
وفي إطار الحرص على نقل تراث الرومي إلى الأجيال القادمة، نظم بيت الحكمة خلال أيام المعرض مجموعة من الورش التفاعلية للأطفال التي تمحورت حول تصميم أعمال فنية باستخدام مواد بسيطة مستوحاة من تراث الرومي، وشهدت الورش تفاعلاً وإقبالاً واسعاً تجسد في مشاركة ما يزيد على 1583 طفلاً.
وجسد معرض الرومي رؤية بيت الحكمة ومكانته كصرح ثقافي ومعرفي رائد يسعى لإثراء المشهدين الفني والأدبي، وتعزيز القيم النبيلة التي تستهدف تحقيق الوئام والتسامح بين جميع البشر على اختلاف ثقافاتهم، من خلال تسليط الضوء على الشخصيات التاريخية التي كرّست حياتها لخدمة الإنسانية، ولا تزال تعاليمها مصدر إلهام يدفعنا نحو مزيد من التفاهم والوحدة.