خلال ندوة (توثيق التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي) بأيام الشارقة التراثية
متخصصون يؤكدون ضرورة تطويع الذكاء الاصطناعي لخدمة التراث الإنساني
14 فبراير 2025 / 4:06 PM
مشاركة
أفاد خبراء وباحثون متخصصون في شؤون التاريخ والآثار والتراث والثقافة، خلال أولى فعاليات المقهى الثقافي المنعقد ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية في البيت الغربي، بأن التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مجال حفظ التراث الشعبي يحتاج إلى إمكانات ومهارات مسبقة لتحقيق هذا الهدف الحيوي المهم، ودعوا إلى أهمية بناء منصات علمية حديثة، وإعداد مؤتمرات متخصصة، وتنفيذ برامج تدريبية تصب مخرجاتها جميعاً في دعم المعايير الفنية والاخلاقية والمعرفية للتراث.
الشارقة 24:
أكد خبراء وباحثون متخصصون في شؤون التاريخ والآثار والتراث والثقافة أن التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مجال حفظ التراث الشعبي يحتاج إلى إمكانات ومهارات مسبقة لتحقيق هذا الهدف الحيوي المهم، ودعوا إلى أهمية بناء منصات علمية حديثة، وإعداد مؤتمرات متخصصة، وتنفيذ برامج تدريبية تصب مخرجاتها جميعاً في دعم المعايير الفنية والاخلاقية والمعرفية للتراث وفق أسس ثابتة وموثوقة ومتوازنة، تسهم في النتيجة بتحقيق التقارب الإنساني وفق المشتركات المعرفية والثقافية العامة.
جاء ذلك خلال أولى فعاليات المقهى الثقافي المنعقد ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية في البيت الغربي، والتي أقيمت بعنوان (توثيق التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي)، بمشاركة كل من سعادة الدكتور عبد العزيز المسلّم رئيس معهد الشارقة للتراث، والدكتور ماجد بو شليبي الأمين العام للمنتدى الإسلامي في الشارقة، والدكتورة موزة غباش مديرة رواق عوشة بن حسين الأدبي في دبي، والدكتور أحمد بهي الدين أستاذ الأدب الشعبي المشارك في جامعة حلوان بمصر، والدكتور راشد المزروعي الباحث في شؤون التاريخ والتراث الشعبي، وأدار الندوة الدكتور خالد الشحي.
وبين سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم خلال حديثه أن "هناك الكثير من التحديات التي تواجه التراث في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، أهمها ظهور باحثين يعتمدون عليه بشكل تام، وتتفاقم المشكلة بظهور جيل لا يهتم بالبحث ولا بالجودة وإنما السرعة فقط، وأرى أن الذكاء الاصطناعي حاطب ليل، وأن التعامل معه يحتاج مهارات تفوق مجرد الحصول على المعلومة"، ودعا خلال حديثه إلى أهمية تأسيس منصات وطنية مدعومة لكل العلوم، ومنها التراث، لبناء أسس المعرفة بصورة مثلى.
وكشف سعادة المسلّم أن معهد الشارقة للتراث يدرس ضمن جدول أعماله للسنة القادمة مشروع إقامة مؤتمر يجمع المتخصصين من علماء الانثربولوجيا، والآثار، والتراث، والمتخصصين بالهوية الانسانية لبحث إمكانية مدى تغذية الذكاء الاصطناعي بما يسهم في توثيق التراث الثقافي المحلي والعربي من خلال روافد ومنصات تضع النقاط على الحروف، فتسهم في بناء المجتمع المعرفي على قواعد سليمة، وأصول ثابتة، لتسير بالتراث نحو وجهته الصحيحة.
من جهته قال الدكتور ماجد بو شليبي: "أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً من علوم الآلة، فكل متخصص بمجال علمي معين، ومنه الآثار والتراث، لا بد أن يهتم بالذكاء الاصطناعي، لكن لا يوجد الآن من يجيد إيصال هذه المهارة لمن يحتاجها"، ولفت بو شليبي إلى أن الذكاء الاصطناعي مكمل للذكاء البشري وليس بديلاً عنه، وطالب في نهاية حديثه معهد الشارقة للتراث بعمل برنامج تدريبي للباحثين في مجال التراث يعزز تطبيق القيم الاخلاقية في استعمال الذكاء الاصطناعي لا سيما في التوثيق والبحث العلمي.
في الإطار ذاته قال الدكتور أحمد بهي الدين:" إن النظرة المأخوذة على المشتغلين بالتراث أنهم، وبحكم خصوصية عملهم، لا علاقة لهم بالواقع، وعلينا تصحيح هذه النظرة ونحن مقبلون على المستقبل من خلال الذكاء الاصطناعي، فهو ولا شك سيسهم كثيراً في الحد من التفاعل الإنساني، والإبداع البشري، وعلينا ونحن نستقبل هذا الاختراع المهم أن نفكر بإنسانيتنا وهويتنا، وأن نفكر كيف نستثمره في تقديم تراث حين رصين وأصيل للأجيال المقبلة".
على صعيد متصل قالت الدكتورة موزة غباش:" إن المستقبل كله ذاهب إلى الذكاء الاصطناعي، وهذه حقيقة يؤكدها الواقع، لكن السؤال المهم هو كيف يمكن أن يكون هذا الاختراع ضامناً للهويات الوطنية بدلاً من تهديدها؟"، ودعت في ختام كلمتها إلى أهمية إعداد مصطلح معرفي جديد هو (التسامح أو المصالحة الثقافية) مع الثقافات الأخرى باعتبار ان البشر وإن كانوا مختلفين في الثقافات والهويات لكنهم في النهاية مشتركون في الإنسانية.
إلى ذلك، قال الدكتور راشد المزروعي: "لا تزال هناك صعوبات في تطويع الذكاء الاصطناعي في الكثير من جوانب التراث الشعبي، إذ لا يزال قاصراً عن فهم اللهجات المحلية، ولا يستطيع تقريب الصورة التي تعكس معانيها بشكل جلي، كما أن أغلب المصادر التي يحيل عليها في البحوث لا وجود لها على أرض الواقع، وأنه لا يزال أمام الجميع الكثير من المهارات اللازم تعلمها قبل أن يصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من حياتنا بشكل عام، والتراث على وجه الخصوص".