جار التحميل...
الشارقة 24:
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهدت مدينة سيدي بوسعيد في تونس تكريم 4 أدباء تونسيين في إطار النسخة العشرين من ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي، وهم: المترجمة د. فاطمة الأخضر مقطوف، والروائي والمترجم محمد علي اليوسفي، والكاتب والأديب البشير القهواجي، والأكاديمي والناقد د. عبد العزيز شبيل (رحمه الله).
ويأتي الملتقى تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، بتكريم قامات أدبية أسهمت في خدمة الثقافة العربية المعاصرة، ويحلّ للمرة الرابعة في تونس بعد أن احتفى، ضمن ثلاث دورات سابقة، بنخبة من الأدباء التونسيين.
وأُقيم حفل التكريم في قصر النجمة الزهراء في مدينة سيدي بوسعيد التاريخية، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، وسعادة د. إيمان السلامي، سفيرة دولة الإمارات لدى تونس، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، ود. توفيق قريرة المدير العام للمعهد التونسي للترجمة، ممثلاً عن وزيرة الشؤون الثقافية التونسية معالي أمينة الصرارفي، وكوكبة من المثقفين والأدباء وأهالي المكرمين.
استهل حفل الافتتاح بعرض تناول دور الشارقة في دعم المبدعين العرب، بالاضافة إلى استعراض السير الإبداعية للمكرمين الأربعة، وما حققوه من نتاج أدبي زاخر خلال سنوات من العمل الثقافي الدؤوب.
أدار فقرات الحفل الناقد التونسي حاتم الطرابلسي، ورحّب في البداية بالحضور، وأشار إلى أن الشارقة تمثّل دوراً حيوياً في دعم الثقافة العربية، لافتاً أن ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي بعد أن ترسّخ في تونس؛ أصبح من الفعاليات الدائمة التي تكرّم الإبداع والمبدعين.
ألقى عبد الله العويس كلمة ركّز في بدايتها على أهمية تجدّد العلاقات الأخوية والثقافية مع تونس، قائلاً: "تتجدّد البهجة والسعادة بتجدّد اللقاءات الأخوية وتتعزّز أواصر المحبة، عندما تكتمل عناصرها التي يتوّجها العمل العربي المشترك، وهذا ما يجسّدُه عمق العلاقات الأخويّة بين دولة الامارات العربية المتحدة والجمهورية التونسية، في ظل قيادة رشيدة تؤمن بأهمية استمرار التواصل العربي في كافة المجالات".
وأشار العويس إلى أهمية تواصل التعاون الثقافي، قائلاً: "ها نحن اليوم نمثّل معاً نموذجاً لهذه المبادئ من خلال ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي، الذي يهدف إلى تكريم الشخصيات الثقافية العربية التي أثرت الساحة الثقافية العربية المعاصرة بالإبداع في مجال الآداب بحقوله المتعدّدة، وإنها لمناسبة سعيدة، أن يتواصل التعاون الثقافي بين دائرة الثقافة بالشارقة ووزارة الشؤون الثقافية التونسية".
ولفت العويس أن ملتقى الشارقة للتكريم الثقافية هو اللقاء الثالث في تونس- في غضون الشهور القليلة الماضية، قائلاً في السياق: "اللقاء الذي يجمعنا حول الفكر والثقافة والأدب، حيث تم تنظيم ملتقى الشارقة للسرد في سبتمبر الماضي في هذا المكان حيث النجمة الزهراء العريقة، ثم تلاه مهرجان القيروان للشعر العربي في بيت الحكمة في قرطاج، وتتواصل لقاءات الثقافة اليوم في هذا البلد المضياف في مناسبة تكريمية لأدباء تونس، وهي المرّة الرابعة التي يتم فيها تنظيم ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي في تونس الخضراء لتقدير كوكبة جديدة ممن أخلصوا لإبداعهم وأفاضوا بجميل عطائهم الأدبي المتنوّع".
ونقل رئيس دائرة الثقافة تهنئة صاحب السمو حاكم الشارقة للمكرمين، قائلاً: "أتشرف في هذا المقام بأن أنقل إلى المكرمين تهنئة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تقديراً لجهودهم وعطاءاتهم المخلصة، كما أتشرف بأن أنقل لكم جميعاً تحيات سموه وتمنياته لكم جميعاً بالنجاح والتوفيق".
من جانبه، ألقى قريرة كلمة وزارة الشؤون الثقافية التونسية، وقال في بدايتها: "مرحباً بكم في تونس، في هذا البلد الذي يفتح أياديه كالأجنحة للأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، ونثمّن دور الشارقة في العناية بالحركة الثقافية التونسية، ومنها هذا الحفل التونسي الإماراتي الذي يقف دليلا على مكانة التعاون، كما نحيّي في تونس الرعاية التي ما فتئت الشارقة تحت القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ما فتئ يقدّمها للمثقفين التونسيين والعرب".
وسلّط قريرة الضوء على أبرز تجارب مكرمي الدورة الحالية، وعرج إلى العديد من انتاجاتهم الإبداعية، واصفاً إياهم بالعلامات الثقافية المهمة في تونس.
وجدّد ممثل وزارة الشؤون التونسية الشكر إلى الشارقة على عنايتهم بأعلام الثقافة التونسية التي هي حقيقتها صفحة من صفحات الثقافة العربية في كتاب يساهم كل واحد منّا في تدبيج صفحة ناصعة من صفحاته.
أجمع المكرمون الأربعة أن الشارقة، بفعلها الثقافي النبيل، أصبحت رائدة في المجال الثقافي، بل، وباتت منارة للمبدعين، ومرسى للإبداع، وعبّروا في الوقت نفسه عن سعادتهم، معتبرين التكريم تتويجاً لمنجزاتهم الإبداعية.
وقالت فاطمة الأخضر مقطوف: "لا أخفي عليكم تأثري البالغ بهذه اللفتة الكريمة، بل، لا يمكن لي أن أكتم فرحتي الكبيرة بهذا الاحتفاء الذي نالني ونال بلادي العزيزة تونس، وكان اختياري رجع صدى جميلا لجهودي، أثلج صدري وأبهجني، وفي مستهل كلمتي أتقدم بجزيل الشكر إلى صاحب هذه المبادرة الرائدة والنبيلة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة".
وأشارت مقطوف إلى أن أعمالها تقوم على مشروع فكري متكامل، اشتغلت عليه طيلة عقود بصمت وشغف، وكان همّها الوحيد إفادة النشء حين كتبت أو ترجمت لهم، وعبّرت عن شكرها لكل من دعم مشوارها منذ البداية.
وألقى محمد شبيل نجل الراحل د. عبد العزيز شبيل (رحمه الله) كلمة العائلة، قال فيها: "يشرفني صحبة والدتي وشقيقتي حضور هذا الحفل التكريمي الذي فرح به والدي قبل وفاته، لكن الأجل عجّل عليه، رحمه الله وأكرمه".
وأضاف: "يسعدنا أن نرفع أبلغ آيات العرفان والامتنان لصاحب السمو حاكم الشارقة، صاحب الفضل في تكريم رموز الثقافة العربية، وسموّه صافحت أياديه البيضاء كل من يشتغل بالفكر والإبداع والفن، وهي مشاريع تنويرية نبيلة سيخلد لها التاريخ".
وفي بداية كلمته، قال القهواجي إن ما يجمعنا اليوم هو اللغة العربية بيتنا الذي يجب أن ننهض به، وأعرب عن شكره وامتنانه للشارقة التي اعتبرها منارة للمبدعين ومرسى للإبداع، معتبراً أن التكريم يعني له الكثير من الناحية الرمزية والأدبية، كما اعتبر التكريم من الناحية المادية يشكل أهمية كبيرة بالنسبة له قائلاً في هذا السياق: "حيث أنني في هذا السن احتاج لأن أعمل بجهد كبير حتى أتمكن من العيش، وهذا اسناد مهم يأتي في آخر مرحلة من مراحل العمر، فكل الشكر لصاحب السمو حاكم الشارقة، وكل الشكر لكل من حسن ظنه بأعمالي".
وأشار اليوسفي إلى أن الشارقة حققت نقلة نوعية في الثقافة العربية بفضل الرؤية المتفردة في هذا القطاع الإنساني الحيوي، مؤكداً أنها رؤية تعود في أساسها إلى رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة واسعة الآفاق التي تقدّر أهمية الثقافة والفنون بوصفهما جسراً يربط بين شعوب العالم.
وأبدى الروائي والمترجم التونسي سعادته بالتكريم بعد رحلة طويلة في عالم الإبداع، مؤكداً أن التكريم يشجع المبدع على المزيد من الإنتاج وطرح الأفكار الجديدة.
في ختام الحفل، سلّم عبد الله بن محمد العويس ومحمد القصير، يرافقهما قريرة والسلامي، شهادات تقديرية للمكرمين الأربعة، ممهورة بتوقيع صاحب السمو حاكم الشارقة، تكريماً لجهودهم الإبداعية.
د. فاطمة الأخضر مقطوف من مواليد العام 1948، باحثة ومحققة ومترجمة، درست اللغة العربية وآدابها واللغة الفرنسية وآدابها.
أصدرت في النقد العديد من المؤلفات، منها: "فضيلة الشابي المتوغلة في عالم الكثافة"، و"خصائص الأسلوب في أدب المسعودي"، وشذر الكلام: قراءات في الأعمال الأدبية التونسية"، و"تقديم الأعمال الكاملة للطبيب الفرنسي المستعرب (لوسيان لوكلار)".
وتشير سيرة مقطوف إلى ترجمة عدد كبير من الأعمال، منها: "الحياة البسيطة رواية لسعاد فلّوز"، و"تعريب كتاب الجمعية الفرنسية لتاريخ الطب والصيدلة"، و"رواية العراء لحفيظه قاره بيبان"، و"رواية رباب النور، لمحمود طرشونه".
الراحل د. عبد العزيز شبيل كاتب وأديب (1950)، عمل أستاذاً في التعليم العالي المتميز في الجامعة التونسية، وترأس لجان الماجستير والدكتوراه والتأهيل الجامعي بكلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة، اللجنة العليا للغة العربية وآدابها وحضارتها بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
من إصداراته، نذكر: الفن الروائي عند غادة السمان، تونس، 1985، و"البنية القصصية في "رسالة التوابع والزوابع" لابن شُهيد الأندلسي، تونس، 1986"، و"نظرية الأجناس الأدبية في التراث النثري: جدلية الحضور والغياب"، و"قراءات في التراث النثري العربي".
وُلِدَ محمد علي اليوسفي كاتب وأديب في العام 1950، وهو كاتب وأديب، ساهم في الترجمة والكتابة والصحافة الثقافية، من إصداراته الروائية: "شمس القراميد"، و"مملكة الأخيضر"، و"عتبات الجنة"، ومن أعماله المترجمة: "مدائح النور، مختارات من الشعر اليوناني"، و"دروب الريح، مختارات من الشعر العالمي المعاصر"، و"حكاية بحار غريق، غابرييل غارسيا ماركيز"، و"خريف البطريرك، غابرييل غارسيا ماركيز".
أما بشير القهواجي فهو من مواليد العام 1951، درس الكتابة المسرحية بالمعهد العالي للفنون الدرامية بتونس، واشتغل بالفنون التشكيلية وكتب نصوصا عنها.
من إصداراته: مسرحية (أبو القاسم الشابي)، ومسرحية (المحارب البربري)، ومجموعة شعرية بعنوان "إنشاد للملكة الجليلة، وكتب للأطفال: سيّد الشمس.
النجمة الزهراء، أو قصر النجمة الزهراء، أو قصر البارون ديرلانجي؛ من أبرز معالم التراث المعماري في تونس، وتجمع هندسته بين خصائص المعمار التونسي الأصيل وعناصر معمارية وزخرفية تعود إلى الفن الأندلسي، وقد شيّده البارون ديرلانجي بين الأعوام 1912 و1922، وسط حديقة شاسعة تُطل من فوق هضبة مدينة سيدي بو سعيد على خليج تونس. يحتضن قصر النجمة الزهراء مركز الموسيقى العربية والمتوسطية.