نظّم النادي الثقافي العربي في الشارقة، ندوة أدبية لمناقشة كتاب "التخطيط المسبق للرواية.. الكتابة الإبداعية وأنسنة النص" للكاتب اليمني وجدي الأهدل، الصادر عن دائرة الثقافة، في إطار سلسلة "كتاب الرافد الإلكتروني".
الشارقة 24:
في إطار برامجه الثقافية الحافلة بالندوات والمعارض والفعاليات الثقافية والفنية، نظّم النادي الثقافي العربي في الشارقة، ندوة أدبية لمناقشة كتاب "التخطيط المسبق للرواية.. الكتابة الإبداعية وأنسنة النص" للكاتب اليمني وجدي الأهدل، وهو كتاب صادر عن دائرة الثقافة، في إطار سلسلة "كتاب الرافد الإلكتروني"، التي تتبنى الكتب ذات المداليل الثقافية والأدبية العميقة، وتحدث في الندوة، الناقد إسلام أبو شكير، وعقب عليها د. عمر عبد العزيز رئيس مجلس الإدارة، وأدار الجلسة محمد ولد محمد سالم رئيس اللجنة الثقافية في النادي.
الموهبة والصنعة
وأوضح الناقد إسلام أبو شكير، أن الكتاب يستمد أهميته من الموضوع، لأنه يحيل إلى سؤال شاغل خاصة لدى الشباب والذين لديهم طموح لاقتحام عالم كتابة الرواية، يشغلهم موضوع الاستعداد للكتابة، ويتساءلون: كيف نكتب عملاً روائياً، والكتاب يقدم إجابات عامة حول هذا السؤال من خلال التركيز على عنصر مهم وهو المهارة، وهو عنصر مغيب كثيراً في عالم الكتابة لدى الشباب عموماً، في مقابل كلام كثير يقال حول أن الموهبة هي الأساس وكذلك الاستعداد الفطري لدى الكاتب، وهذا الكلام نوع من الايهام، لأن الموهبة أصلًا يصعب الإمساك بها، فكيف أحكم على الكاتب أنه موهوب؟، أو غير ذلك، فكيف يمكن قياس الموهبة أو الإحاطة بها، وكيف يمكن تعريفها بالأساس؟، ففي النقد نحن نتعامل مع مهارات، وهل وظفت تلك المهارات بشكل صحيح أم لا؟، وهل قدمت في النهاية عملاً ممتعاً جميلاً مؤثراً، يحمل فكرة وموقفاً يضيف إلى هذا الجنس الأدبي أم لا؟، هذا ما يمكن أن أحدده وأتحدث عنه.
أشياء مهارية
وأضاف أبو شكير، أن المؤلف يقدم في القسم الأول من الكتاب وهو بعنوان "الكتابة الإبداعية"، من خلال موقعه كصاحب تجربة في عالم الرواية مجموعة من المهارات والرؤى والأفكار المتصلة بتجربته من جهة، وبقراءاته من جهة أخرى، مثل الحكاية والحوار والمكان والشخصية والفكرة والموضوع والزمان واللغة والإيقاع، وهذه كلها أشياء مهارية لا علاقة لها بالموهبة، ويمكن للكاتب اكتسابها بالتدريب والمعرفة والخبرة، مشيراً إلى أن الكاتب أراد اختصار الطريق للكتّاب، وأن يقدم لهم خلاصة تجربته من خلال مهارات يمكن تطبيقها عملياً، بطريقة بها الكثير من المنهجية والوضوح والدقة بعيدًا عن التهويمات أو العموميات، أما القسم الثاني: أنسنة الكتابة الإبداعية فيطرح مجموعة من الأسئلة المتصلة بفعل الكتابة، مثل ما هو الأدب الإنساني؟، والغموض والتغذية الثقافية، والكتاب بالمجمل ينطوي على متعة وتركيز ووضوح، واستيفاء، لافتاً إلى أن الملاحظة الوحيدة عليه كانت خلوه من النماذج التطبيقية، أو أعمال أدبية يمكن أن يعود إليها القارئ للتأكد من سلامة الفكرة، فالكلام كان نظرياً مع إشارات بسيطة إلى تشيكوف وماركيز.
مفردة غير مطروقة
وأشار الدكتور عمر عبد العزيز في تعقيبه، إلى أن أهمية هذا الكتاب، لأنه تناول مفردة ليست مطروقة في إطار المنتج الثقافي في العالم العربي، كما ينبغي، وفيما يوجد كتاب أجانب أصَّلوا لماهية الرواية والنص، وما إلى ذلك، كانت القراءات النقدية في العالم العربي تطبيقية على هذا النص أو ذاك، ولكن التعريف بماهية السرد والأخطاء الشائعة فيه والموازن النظمية ذات العلاقة بالحرفة والمهارة تحديدًا ليست كثيرة في الأدبيات العربية.
طاقات السرد والماورائيات
وأضاف د. عبد العزيز، أن السردية في نهاية المطاف فن الفنون الأدبية الممزوجة، فالسرد يحمل طاقات لغوية ووصفية وتشخيصية وتجريدية لها علاقة بالماورائيات النصية، وقد تكون ذات طابع شاعري أو غنائي، لذلك نحن في السرد أمام تشابك كبير تتقاطع فيه كل الأنواع الكتابية، على أساس درامي وبناء هيكلي يتوخى الحكي، فيمسك الروائي بيدك من الصفحة الأولى ليصحبك في الرحلة دون ملل، وهي عملية بحاجة إلى موهبة ودراية ومعرفة.
تجربة الرافد الرقمي
وتابع الدكتور عمر عبد العزيز، أن تجربة الرافد الرقمي تتوخى إصدار كتب مختصرة مكثفة لا تزيد عن خمسين صفحة، لتصل إلى الناس بطريقة ناعمة ومتاحة استدعاءً ورقياً أو بالقراءة المباشرة على الموقع، مشيراً إلى أن الرافد الرقمي يهتم برصد السرد والقلق التوصيفي له، والذي نجنسه أحياناً كقصة أو بدون تصنيف، ونكاشف فيه الحقائق بكيفيات متباينة.
الكتابة تقنية
وختم محمد ولد محمد سالم النقاش، بالتعليق بالقول إن السرد تقنية واحتراف وتخطيط مسبق، سواء أكان التخطيط ذهنياً أو ورقياً، فالكاتب يجمع المعلومات ويخطط المسارات العامة والخطوط العريضة للأحداث وطبائع الشخصيات، ثم يكتب، ومن واقع تجربتي أرى أن المهم هو امتلاك الحكاية، أو الرؤية المنبثقة من حدث أو شخصية أو ملمح من ملامح الحياة خبره أو قرأ عنه أو سمع به أو تخيله، هذه الرؤية هي حجر الزاوية، وهي الأساس الذي يبنى عليه، فالكاتب يجب أن يكون لديه رؤية للعمل الذي يكتبه، والنهاية التي يود أن يصل إليها، وإلا أصبحت الكتابة ضائعة ومتاهة لا معنى لها، ولكنْ في الوقت نفسه يجب أن تكون لدى الكاتب المرونة في التغيير في وقت ما، فيغير مساره بتغيير الأحداث أو طريقة تقديمها، من السرد إلى الحوار أو الوصف إلخ، أو من المتكلم إلى الغائب إلى المخاطب، وغيرها، فمن أجمل المآزق التي تواجه الكاتب أن يضطر لأن يغيّر هنا أو يعدل هناك، ثم يواصل والمثابرة نحو النهاية.