أكد محاضرون في ندوة نظمتها دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، احتفاءً باليوم العالمي للصحة النفسية، أهمية التواصل الفعّال والتفاعل الاجتماعي في تعزيز الصحة النفسية وبناء بيئة عمل إيجابية، وسلطوا الضوء على كيفية التعامل وإدارة التوتر والضغوط النفسية في بيئة العمل والتدابير الوقائية لتجنبها أو التعامل معها، وطرق تحقيق الصحة النفسية والسلام الداخلي.
الشارقة 24:
نظمت دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، ندوة احتفاءً باليوم العالمي للصحة النفسية، تحت شعار "الصحة النفسية في بيئة العمل"، على مسرح الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية وأمن المنافذ في الشارقة، بمشاركة كوكبة من الأكاديميين المختصين والمهتمين.
وشاركت الدكتورة علياء الشحي، بورقة بعنوان "أهمية التواصل الفعال والتفاعل الاجتماعي في تعزيز الصحة النفسية وبناء بيئة عمل إيجابية"، متناولة العوامل المؤثرة على الصحة النفسية للموظفين في بيئة العمل، والتي تعيقهم من التواصل الفعّال ومنها: أعباء العمل الزائدة، والمهام الوظيفية المتداخلة أو غير الواضحة، والمواعيد النهائية الضيقة التي تؤثر بالسلب على الصحة النفسية للموظفين وتشعرهم بالتوتر والاكتئاب، والتصميمات غير المريحة لمكان العمل، من حيث الإضاءة والتهوية ومصادر الضوضاء، إضافة إلى توتر العلاقات بين الموظفين، أو بين الموظفين والإدارة.
وأشارت الدكتورة الشحي، إلى التأثير السلبي لشعور الموظف بالخوف بسبب فقدان الوظيفة وعدم الأمان الوظيفي، وكذلك الرواتب والأجور غير المتكافئة مع الأدوار الوظيفية.
التحديات
وعن التحديات التي قد تواجه تنفيذ برامج دعم الصحة النفسية للموظفين في بيئة العمل، أوضحت الشحي، أنها تتمثل في قيود الميزانية والتكلفة المادية التي يتطلبها تنفيذ هذه البرامج، وتبني الكثير من الشركات ثقافة مؤسسية تركز في المقام الأول على الإنتاجية من دون الاهتمام بنفسية ورفاهية الموظفين، وصعوبة قياس وتقييم مدى تأثير برامج دعم الصحة النفسية للموظفين على أدائهم وسلوكاتهم ومعدلات الرضا الوظيفي.
وذكرت الشحي، أن الاتصال الفعّال بين الموظفين يفيد في حالات نشوب النزاع، لأنه يضمن إنهاء هذا النزاع بطريقة يسودها الاحترام والتفاهم، وعندما يكون التواصل فعّالاً، يستطيع الإنسان تكوين علاقات صحية قائمة على الوضوح والثقة المتبادلة، كما يلعب الاتصال الفعّال دوراً بارزاً في العمل الجماعي ونشر الثقة بين أطراف هذا العمل، ويساعد على التقريب بين وجهات النظر، وبالتالي تسهيل اتخاذ مختلف القرارات، وإنجاح العلاقات، سواء كانت علاقات شخصية أو في إطار العمل.
الإنتاجية
من جهتها، قدمت الدكتورة موزة المنصوري أستاذ في كليات التقنية العليا، ورقة عمل حول "أهمية الصحة النفسية في بيئة العمل والرعاية الصحية للموظفين وتأثير ذلك على الإنتاجية"، وعرّفت الصحة بشكل عام هي اكتمال السلامة، بدنياً وعقلياً واجتماعياً، وليس مجرد انعدام المرض والعجز، أما الصحة البدنية، فهي خلو الجسم من الأمراض العضوية التي تتعلق بجسم الإنسان.
وأضافت المنصوري، أن الصحة العقلية هي المعتقدات والأفكار، فإذا كانت سليمة فالإنسان سليم عقلياً، في حين أن الصحة الاجتماعية تعني قدرة الإنسان على التعامل مع المتغيرات الاجتماعية، مثل الرضا عن نفسه ومجتمعه.
ولفتت المنصوري، إلى أن الرعاية النفسية للموظفين تؤدي إلى زيادة الإنتاجية والأداء العام للمؤسسة، وأكدت ضرورة التعامل مع الموظف كشخص يمتلك عواطف ويمر بظروف وحالة مزاجية، وأن احترام كيان الموظف في التوجيه يؤدي إلى مضاعفة الجهد والإنجاز وتقويم قدراته من خلال التطوير والتدريب المستمر.
وأوضحت المنصوري، أن الثقة بين الإدارة والموظفين تؤدي إلى المرونة في التعامل والتقبل والاحترام بين الطرفين، وأكدت ضرورة وجود مختص نفسي وظيفي، والتعامل مع الموظفين بمنتهى اللطف والاحترام، ونوهت إلى أن النقطة الأكثر أهمية هي توفير الأمن الوظيفي لتحقيق المؤشرات الاستراتيجية التي تساعد الموظفين على تحقيق الطموحات والابتعاد عن المهددات وإكساب المسؤولين المهارات في توجيه سلوكات الموظفين لإتمام العمل وإنتاجيته.
وأشارت المنصوري، إلى أن تقريراً للصحة النفسية العالمية، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية صدر عام 2022، أفاد بأن 60% من سكان العالم من العاملين ولهم الحق في بيئة عمل آمنة وصحية.
إدارة التوتر
وجاءت ورقة الدكتورة شيخة الشحي اختصاصية علاج نفسي وأسري تحت عنوان "كيفية التعامل وإدارة التوتر والضغوط النفسية في بيئة العمل والتدابير الوقائية لتجنبها أو التعامل معها"، واستهلتها بالإشارة إلى أن الصحة النفسية هي حالة من الرفاه النفسي تمكن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة وتحقيق إمكاناته والتعلم والعمل بشكل جيد، وهي مقسمة إلى عدة أنواع هي الصحة النفسية، وهي التوافق النفسي والاجتماعي والقدرة على الإنتاجية والسعادة والعطاء.
وأضافت الدكتورة شيخة الشحي، أن الصحة النفسية السليمة تساعد الفرد على التحكم في مشاعره والسيطرة على انفعالاته ورغباته، وبالتالي يتم توجيه سلوك اجتماعي بشكل سليم وصحي بحيث يتعامل الأشخاص الذين يتمتعون بصحة نفسية بطريقة إيجابية مع المشكلات وصعوبات الحياة، وتجعلهم أكثر قدرة على تحمل المسؤولية وعدم التهرب منها، وهي تنشأ أفراداً مستقرين وأسوياء وتجعل حياة الفرد خالية من التوتر والاضطراب والصراعات المستمرة، مما تجعله يشعر بالسعادة مع نفسه.
وعرّفت المحاضرة، بأن التوافق الذاتي هو حالة من الاستقرار النفسي التي يكون فيها الفرد متوافقاً مع ذاته ومتكيفاً مع مستواه وإمكاناته وقدراته وكفاءاته الذاتية، ونوهت إلى أن العوامل المؤثرة على الفرد من السمات الشخصية التي لها دور مهم في الصحة النفسية وفي بيئة العمل، وتابعت أنه من الممكن أن يعاني بعض العاملين من عدم القدرة على الشعور بالراحة النفسية والتوافق داخل بيئة العمل نتيجة تميزهم ببعض السمات الشخصية السلبية، مثل عدم قدرتهم على تحمل المسؤولية، أو عدم احترامهم للمواعيد أو للنظام المتبع في العمل، فتؤدي هذه العوامل إلى إخفاق العاملين في التقدم والنجاح، الذي يجعل الموظف يشعر بالفشل والدونية، وبالتالي تدهور صحته النفسية.
وحول كيفية الشعور بالرضا الوظيفي، ذكرت الشحي، عدة نقاط من أهمها، إشباع حاجة العاملين ورضاهم، وتحسين الناحية المادية كالأجور والحوافز والمكافآت، وكذلك الناحية المعنوية أي الشعور بالعدالة والتقدير، فالشعور بالرضا الوظيفي هو مطلب أساسي وضروري لتحقيق الصحة النفسية في العمل، وأن عدم حصوله على حقوقه يشعره بالإحباط والعدوانية، ويتسبب في خلق حالة من اللامبالاة، في إطار العمل وكل هذه السمات واضحة لسوء الصحة النفسية.
السلام الداخلي
وفي الختام، قدم الدكتور حسين مسيح خبير التنمية والرعاية في هيئة التنمية والمجتمع بدبي، ورقة بعنوان "الصحة النفسية والسلام الداخلي"، شارحاً الفرق بين مفهومي السلام الداخلي والسعادة، لأن كلاهما يختلف عن الآخر، فالسعادة دائماً ما تقترن بالمال، أما السلام الداخلي فيعني الرضا الداخلي الذي يبحث عنه الإنسان، والصحة النفسية هي طريق الوصول إليه.
وتحدث الدكتور مسيح، عن علم النفس العيادي الذي ينقسم إلى 400 نوع للاضطرابات النفسية التي يصاب بها الإنسان والمبنية على نظريات وليست عشوائية، وبناءً عليه تختلف طرق العلاج والتشخيص، وأكد قدرة العلاج النفسي على بعث السعادة والسلام الداخلي، كونه يساعد في القضاء على الاضطرابات النفسية، وإعادة الشخص إلى حالة الاستقرار والسلام الداخلي، باتباع منهاج معين من الوقاية، لمنع الانتكاسة من جديد وتحسين نمط الحياة.