نظم مسرح الشباب للفنون في مقره بمنطقة الخوانيج الثانية بدبي، 23 من شهر مارس الجاري، مجلساً رمضانيا حول رؤية الشباب المستقبلية لفن المسرح والدراما حضره العديد من المسرحيين الشباب والمخضرمين، بالإضافة إلى بعض المسؤولين عن قطاع المسرح.
الشارقة 24:
أقام مسرح الشباب للفنون في مقره بمنطقة الخوانيج الثانية بدبي، 23 من شهر مارس الجاري، مجلساً رمضانيا حول رؤية الشباب المستقبلية لفن المسرح والدراما حضره العديد من المسرحيين الشباب والمخضرمين، بالإضافة إلى بعض المسؤولين عن قطاع المسرح رغم غياب لافت للمخرجين الشباب.
أدار الجلسة الفنان والإعلامي الشاب إبراهيم استادي، والذي نوه منذ البداية بأن الجلسة مخصصة لسماع آراء الشباب ومشاكلهم ومتطلباتهم ورؤيتهم لمستقبل المسرح والفن في الإمارات، وهذا لا يمنع من الاستفادة بآراء المخضرمين في مجال المسرح ولكن الأولوية للشباب، ولكن لزاماً عليّ أن أوضح أمراً منذ البداية وهو أنه لابد من التفريق بين ما يقدمه المواطنون من خلال الفرق المسرحية المحلية، وما يقدمه المقيمون من خلال الفرق الخاصة، وفي اعتقادي بأن ما يقدم من خلال الفرق الخاصة أقرب للجمهور من أعمال الفرق المسرحية.
واستهل المخرج الشاب عبد الله الحريبي الحديث عن تجربته والتي استطاع أن يخرجها من إطار الاعتماد على الفرقة المسرحية التقليدية وإنشاء مسرحه التجاري الخاص، والذي تمكن من خلاله التحليق نحو آفاق أكثر رحابة وتقديم عروض للجمهور العام وليس مجرد تقديم عرض واحد في مهرجان ما، فلا المهرجانات حسب قوله ولا حتى زيادة الدعم المادي باستطاعتهم خلق مسرح حقيقي، طالما بقيت النظرة مقتصرة بتقديم عروض محدودة في المهرجانات، فثقتي بنفسي جعلتني أغامر بما أملك من مال متواضع للمجازفة، وتبني مسرح خاص رغم ما واجهت من معارضة والحمد لله استطعت تعويض ما صرفت من مبالغ بل الآن أتحدث عما أجنيه من أرباح، فآخر أعمالي قدمت منه للآن اثنان وخمسون عرضاً واستطعت أن أحقق ثلاثة أضعاف ما صرفت، وأضاف بأنه يرى بأن المشكلة الحقيقية عند الشباب تتمحور حول نظرتهم للمسرح من زاوية المشاركة في المهرجانات، وحصولهم على الجوائز وهذا لا يخلق مسرحاً للناس بل مسرحاً للجان التحكيم.
وتحدث الفنان حسن يوسف حول ضرورة تذليل الصعاب وأهمها إيجاد قاعات عرض لتقديم العروض المسرحية، فمثلاً لا يوجد في إمارة دبي للآن قاعة عامة للعروض المسرحية، بل توجد مجموعة قاعات ولكنها خاصة وتؤجر بمبالغ عالية جداً.
وأكدت فنانة الباليه ملك أبو السعد، بأنه لابد للشباب أن يحددوا منذ البداية جمهورهم المستهدف، ويخططوا للوصول إليه وألا تكون المسألة مجرد عروض تقدم وتنتهي، ويشاركها الرأي الفنان قيس مرح الذي يعمل مع القطاع المسرحي الخاص في الإمارات منذ عام 2015، وتعرف على المسرح المحلي مؤخراً فهو يرى بأن المسرح المحلي لم يحدد جمهوره، بل وضع هدفه نحو المهرجانات وجوائزها.
وأيد الفنان أحمد الشامسي ما طرحه الفنان عبد الله الحريبي وأشاد بتجربته، وأن على المسرحيين أن يحددوا أهدافهم وينطلقوا نحوها للأمام، لأن ما يقدم اليوم من نتاج مسرحي كأنه الذهاب للخلف.
ثم تحدث الفنان محمد قايد عن تجربته مع مسرح القطاع الخاص لمدة وصلت لثمان سنوات تقريباً وأنه قدم العديد من الأعمال باللغتين العربية والانجليزية، ولكن هذه الأعمال كانت قصيرة بحكم شروط التقديم في القطاع الخاص، ولكن رغبته في تقديم أعمال طويلة وخاصة بالمشاهد العربي جعلته يتعاون مع مسرح الشباب للفنون، وتقديم عمل مسرحي كوميدي بعدد كبير من الفنانين من الإمارات والوطن العربي، وهو مسرحية حياة ترانزيت والتي عرضت مؤخراً وستواصل عروضها في الأيام القادمة بعدما لاقت استحساناً كبيراً من الجمهور، ويرى قايد بأن التجربة كانت رائعة ومشجعة على الاستمرار.
بينما ترى الفنانة ندى رعد الطالبة في السنة الثالثة في أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية بأنها سعت نحو المشاركة في المسرح المحلي، ولكن اصطدمت بضرورة إتقانها اللهجة المحلية، مما اضطرها للتعاون مع القطاع الخاص وتقديم أعمال باللغة الإنجليزية، وهي ترى بأن مجتمع الإمارات هو مجتمع خليط متجانس بإمكانه استيعاب كل اللهجات واللغات.
وأحال رئيس الجلسة الحوار نحو المخضرمين وبدأ بناجي الحاي الذي أشاد في البداية بتجربة الحريبي، واعتبرها نموذجاً حياً لكافة الشباب، فالفنان الحقيقي في نظره لابد أن يجازف وألا يعتبر نفسه فناناً وأن التوجه نحو الجمهور العام هو من يخلق حراكاً مسرحياً حقيقياً، كما أن الفرق المسرحية بهيكلها الحالي غير قادرة على مواكبة التطور ولابد من تطويرها أو إلغائها.
وشدد الفنان محمد سعيد على ضرورة تسلح الشباب بالثقافة المسرحية، فالملاحظ بأن أغلب الشباب يستنسخون بعضهم البعض، ولا يعيرون القراءة والثقافة المسرحية أي اهتمام، لذلك نراهم دائماً يتهربون من سماع أي ملاحظات توجه إليهم، وهذا أمر غاية في الأهمية وبدونه لا يمكن للمسرح أن يتطور.
من جانبه أكد الفنان الدكتور خالد البناي على أن جمهور الإمارات جمهور محب للمسرح، منذ بداية نشأة المسرح في الإمارات وتوطدت هذه العلاقة بعد قيام الاتحاد، وكان للمسرح حضور مهم عند الناس، ولكن بعد ظهور المهرجانات وتوجه المسرح نحو الأعمال النخبوية انقطعت العلاقة بين المسرح والناس، الأمر الذي يتطلب عودة المسرح إلى تقديم واقعه الاجتماعي والغوص في مشاكله بعيدا عن الأعمال النخبوية.
بينما يرى الفنان حافظ أمان بأن المسرح أكبر بكثير من مجرد عروض مسرحية ترفيهية، بل هو منتج محرك للعديد من العناصر الاقتصادية مثل الصوت والموسيقى والسينوغرافيا وغيرها.
وأشادت الأستاذة فاطمة الجلاف مديرة قسم المسرح في هيئة دبي للثقافة والفنون، بأهمية هذه الجلسة وما طرح فيها من محاور ستعمل الهيئة على دراستها، وبشرت الجلاف بأن حكومة دبي ستنفذ خلال الفترة القادمة بعض المشاريع المهمة والداعمة للمسرح، وأن الهيئة ترى بأن مهرجان دبي لمسرح الشباب هو أحد المناشط المهمة، ولكن ستسعى بدأً من هذا العام بتطويره بما يواءم خطة دبي الاستراتيجية.
وثمن الدكتور عبد الله بن شما الدور الذي يقوم به مسرح الشباب للفنون ببرامجه المتعددة، والتي أصبحت تثري الساحة الثقافية بمجموعة متعددة ومختلفة وهذا لم نشهده مسبقاً في مسارح الدولة، أما فيما يتعلق بالرؤية المستقبلية للمسرح فإنه يرى بضرورة عودة البهجة للمسرح.
واختتمت الشاعرة الهنوف الجلسة بحديث لأحد المترجمين البلجيكيين، والذي اعترف بغياب القصة المؤثرة في الأدب الفرنسي الحالي، واللجوء إلى الأدب العربي الحالي، وخاصة الأدب الخاص بمصر والبلدان العربية المتأثرة بالحروب، وكذلك الأدب الخليجي، مما يجعلنا تحت أنظار الغرب بعد فقدانه للحكاية العميقة.
وأنهى إبراهيم استادي الجلسة آملاً بأن تؤخذ المحاور التي طرحت بعين الاعتبار والدراسة، لأهميتها في تطوير قطاع المسرح والنهوض به، وداعياً الجمهور لحضور فعالية يوم الثلاثاء القادم السادس عشر من رمضان، وهي سهرة صوفية وموشحات سيقدم فيها شعر وغناء وعزف.