استكمل فريق بحثي من الجامعة الأميركية في الشارقة، بالتعاون مع مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، استعداداتهما لافتتاح مبنى مسبق الصب مصنوع من الخرسانة الكهربائية الموصلة المستخدمة للتحصين وللحماية.
الشارقة 24:
بعد 16 عاماً من الاستكشافات والاختبارات المكثفة ونجاح فريق بحثي من الجامعة الأميركية في الشارقة، بالتعاون مع مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، في تصميم وبناء أول مبنى مسبق الصب، أكملت الجهتان استعداداتهما، لافتتاح مبنى مسبق الصب مصنوع من الخرسانة الكهربائية الموصلة المستخدمة للتحصين وللحماية، حيث تحمل هذه التكنولوجيا الابتكارية، إمكانات لحماية المرافق الحيوية مثل مراكز البيانات ومحطات الطاقة والمراكز الأمنية.
ويعد هذا الابتكار، من الأبحاث الرائدة في هذا المجال، والذي يختبر استخدام مادة خرسانة مبتكرة حديثة التقنية على أرض مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، بحيث تعمل هذه التركيبة على توفير حماية ضد النبضات الكهرومغناطيسية المعروفة أيضاً باسم "التخريب الإلكتروني"، لحماية البنية التحتية المدنية والعسكرية الحيوية، وقد قُدِّمَت براءتي اختراع إلى مكتب البراءات والعلامات التجارية الأميركي لهذه التقنية.
وكان هذا الابتكار الرائد، وليد أفكار باحثي الجامعة الأميركية في الشارقة، الدكتور شريف يحيى من قسم الهندسة المدنية، والدكتور ناصر قدومي من قسم الهندسة الكهربائية في كلية الهندسة، واللذين التقيا لأول مرة في عام 2009، ودخلا بعدها في تعاون بحثي لاستكشاف التطبيقات المتنوعة للخرسانة الموصلة، حيث ركزت أبحاثهما في البداية على تطبيقات التدفئة، ثم توسعت لاستكشاف خصائص الحماية والتحصين.
وفي حديثه عن هذا الابتكار، أوضح الدكتور يحيى، أنه اُسْتُخْدِمَت الخرسانة الكهربائية لمجموعة متنوعة من التطبيقات حول العالم، ولكن هذا هو أول مبنى مسبق الصب من نوعه يستخدم هذه التكنولوجيا للحماية، وهذا يعني أن المبنى محصن من أي آثار لنبضات الطاقة، والتي قد تؤدي إلى تلف المعدات الإلكترونية، ويضمن هيكل البناء حجب الإشارات بشكل تام، فلا تدخل ولا أي إشارات إلى المبنى، وهذه التكنولوجيا الابتكارية تحمل إمكانات لحماية المرافق الحيوية مثل مراكز البيانات ومحطات الطاقة والمراكز الأمنية.
وحظي هذا المشروع المشترك، بتقدير الجامعة واهتمام من القطاع الصناعي، مما دعم الأبحاث التي أجريت في مختبرات كلية الهندسة المتطورة في الجامعة.
من جانبه، أضاف الدكتور قدومي، لقد حصلنا على دعم كبير من الجامعة الأميركية في الشارقة ومكتبها للبحوث والدراسات العليا، من خلال عدة منح بحث تمنح للأعضاء الهيئة التدريسية، فضلاً عن مساعدتنا على عملية التقديم لبراءة الاختراع في مكتب البراءات والعلامات التجارية الأميركي، كما حصلنا على دعم كبير من مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، الذي قدم لنا التمويل وأرضه للبناء، وساعدنا على تشكيل لجنة استشارية للمشروع كما لعبت شركة أليك ALEC للمقاولات الهندسية، التي تشرف حالياً على تشييد المبنى، دوراً محورياً في تطويره.
وأكد الباحثان، على الدوري المحوري الذي لعبه طلبتهم في مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا، خلال عملهم على هذا المشروع، سواء من خلال إجراء البحوث، أو أخذ القياسات، أو المساعدة على تطوير النماذج الأولية التجريبية، أو حتى في بدء أبحاثهم الخاصة في مجالات تتعلق بالعمل الذي قام به الباحثان، وهو ما منح الطلبة تجربة عملية قيمة طوال تنفيذ المشروع.
بدوره، أكد حسين المحمودي المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، أن نجاح نموذج التعاون الثلاثي يفضي إلى تحويل البحث العلمي إلى حلول عملية لتحديات الواقع، ويعكس هذا التعاون الفعّال بين القطاع الحكومي والقطاع الأكاديمي والقطاع الخاص، التزامنا بتطوير تقنيات متقدمة لتحقيق التطور في مجال البنية التحتية والأمان، ونحن فخورون بتحقيق هذا الإنجاز المشترك، ونتطلع إلى مزيد من التقدم في هذا الاتجاه.
وتابع المحمودي، تشير هذه الابتكارات، إلى دور مهم للبحث العلمي والتكنولوجيا في تعزيز قدرة المنشآت على التحمل والمقاومة ضد التحديات الحديثة، وتبرز أهمية التعاون بين القطاعات المختلفة، لتحقيق تقدم فعّال في مجال الابتكار وتطوير التقنيات المتقدمة، ترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بأهمية نقل المعرفة ودعم وتعزيز الابتكار وتشجيع الأفكار البحثية القابلة للتحويل إلى منتجات ملموسة، يُسْتَفَاد منها لتقديم تحليلات علمية وبحوث ورؤى عالية الجودة والتسويق لها عالمياً.
وأضاف المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، أن دور المجمع هو إيجاد الآليات المناسبة لتطبيق تلك الأبحاث وتحويلها لاستثمارات، كما يمكننا ذلك من جلب الأبحاث المتخصصة من مختلف أنحاء العالم والحصول على مشاريع تجريبية والبدء في مرحلة الاختبارات على نطاق واسع، ويمكن الطلبة والباحثين من الاستفادة منها.
وأشار المحمودي، إلى أن الخرسانة الكهربائية الموصلة مفهوم رائع لن يجعل مبانينا آمنة فحسب، بل سيساعد أيضاً في تقليل انبعاثات الكربون، وهو ناتج قوي لصناعة البناء والتشييد، وهنأ باحثي الجامعة الأميركية وفريقهم على هذا الإنجاز الكبير، وتابع يفتخر مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار ببيئته الداعمة للتجارب والأبحاث في تقنية البناء المستقبلية، من خلال إجراء تجارب إضافية لتطوير بعض التكنولوجيات الحديثة في مجال البناء، بما في ذلك المباني المحصنة.
ومن المقرر أن يقوم الباحثون في المستقبل، باستكشاف سبل التعاون مع شركاء الصناعة لتوسيع نطاق أعمالهم لتطبيقه على نطاق أوسع، حيث كانت إحدى النتائج الرئيسة للمشروع، إنشاء مواد خرسانية جديدة تساعد على نمو صناعة البناء والمساهمة في حماية شبكات الكهرباء والمولدات والمباني التي تحتوي على معدات ومعلومات حساسة من النبضات الكهرومغناطيسية، فضلاً عن التعاون مع منتجي الخرسانة الجاهزة ونقل المعرفة إلى صناعة البناء والتشييد.
من جهته، علق الدكتور محمد الترهوني وكيل الجامعة ومسؤول الشؤون الأكاديمية بالإنابة في الجامعة الأميركية بالشارقة، على هذا الإنجاز بقوله: يعد البحث ركيزة من ركائز التميز الأكاديمي، حيث يوفر منصة لأعضاء الهيئة التدريسية والطلبة على حد سواء فرصة التعمق في أحدث الأبحاث التي تسهم في فهمنا للعالم.
وأضاف الترهوني، أن الالتزام بالأبحاث المؤثرة لا يعزز جودة التعليم فحسب، بل يعزز أيضاً من وضع الجامعة بصفتها مركزاً للاكتشاف الفكري ووضع الحلول لتحديات العالم الحقيقي، ونحن نركز بشكل كبير على البحث التعاوني في الجامعة؛ لأننا نؤمن أنه يمكننا من خلال الشراكات مع المؤسسات والصناعات والخبراء الآخرين تجميع الموارد وتبادل الخبرات ومعالجة المشاكل والتحديات المعقدة بشكل أكثر فعالية.
وأكد وكيل الجامعة ومسؤول الشؤون الأكاديمية بالإنابة في الجامعة الأميركية بالشارقة، أن شراكة الجامعة مع مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار في هذا المشروع، هي دليل اهتمام الجامعة بمشاركاتها البحثية المحلية، ونحن فخورون بما حققه باحثونا، ونتطلع إلى مواصلة تطوير تقنيات جديدة تلبي احتياجات مجتمعنا بشكل أفضل.
وذكر الترهوني، أنه نظراً لأن العديد من الكيانات في العديد من البلدان بدأت في المطالبة بنظام حماية ضد التهديدات الإلكترونية، فقد ظهرت فكرة استخدام الخرسانة الموصلة في تطبيقات أخرى للاستفادة من التوصيل الكهربائي المحسن للفريق البحثي في الجامعة الأميركية بالشارقة، فقد أظهرت نتائج العديد من المساعي البحثية أن الخرسانة الموصلة يمكن أن تتفوق في الأداء على أفضل الحلول في السوق في الحماية ضد النبضات الكهرومغناطيسية، وكانت النتائج قابلة للتكرار، وأثبتت الخصائص الميكانيكية الممتازة أن الهياكل الكبيرة يمكن أن تكون مصنوعة من الخرسانة الموصلة.
ولفت وكيل الجامعة ومسؤول الشؤون الأكاديمية بالإنابة في الجامعة الأميركية بالشارقة، إلى أن هذا البحث يبحث في جدوى استخدام الخليط الموصل لتطبيقات الحماية الكهرومغناطيسية التي يمكن أن تحمي البنى التحتية الحيوية في المدن الذكية المرنة من تهديدات النبضات الكهرومغناطيسية، وهذا المسعى البحثي هو أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، والنتائج المتوقعة ستوفر هياكل خرسانية أكثر أمانًا واستدامة، كما أثبت المزيج الذي تم الحصول عليه أنه فعال للغاية في حماية الهياكل من الإشعاع الكهرومغناطيسي والنبضات وبذات الوقت يتمتع بخصائص ميكانيكية مميزة، وقد حفز هذا الفريق أيضاً على دراسة جدوى استخدام هذا المزيج لإنتاج وحدات خرسانية مسبقة الصب موصلة للكهرباء، وسيتم استخدام هذه الوحدات مسبقة الصب وتقييمها لبناء مرافق محمية، كما سيتم تطوير إرشادات التصميم والبناء للمشاريع المستقبلية والتنفيذ.
وخلص الترهوني، إلى أن النتيجة المتوقعة للمشروع هي إنشاء مواد خرسانية جديدة ستساعد على نمو البناء، وتساهم في حماية للشبكات الكهربائية والمولدات والمباني ذات المعدات والمعلومات الحساسة (قواعد البيانات)، فضلاً عن ذلك، سيضمن التعاون مع منتجي الخرسانة الجاهزة والخرسانة نقل المعرفة إلى الصناعة البناء.