تعتبر الشارقة، الإمارة الأولى التي طبقت برنامجاً لاحتضان الأسر للأطفال مجهولي النسب محلياً، منذ الثمانينيات، وسلمت الزمام لدائرة الخدمات الاجتماعية لمتابعة الطلبات والاهتمام بالأطفال مجهولي النسب، ممثلة بإدارة مركز خدمات القصر، وخصصت لها شعبة الدمج الأسري للأطفال فاقدي الرعاية الاجتماعية.
الشارقة 24:
تعد الشارقة، الإمارة الأولى التي طبقت برنامجاً لاحتضان الأسر للأطفال مجهولي النسب على مستوى الدولة، منذ الثمانينيات، وسلمت زمام الأمور إلى دائرة الخدمات الاجتماعية لمتابعة الطلبات والاهتمام بالأطفال مجهولي النسب، ممثلة بإدارة مركز خدمات القصر، وخصصت لها شعبة الدمج الأسري للأطفال فاقدي الرعاية الاجتماعية، للفئتين مجهولي النسب ومعلومي الأم، كما أنها معنية بقبول ورفض الطلبات والتي تستند في قبولها على قانون الاحتضان الذي وضعته وزارة تنمية المجتمع في شأن رعاية الأطفال مجهولي النسب.
وتعمل شعبة الدمج على متابعة الأطفال المحتضنين حتى سن متقدم للشاب حتى يصبح موظفاً وللفتاة حتى تتزوج، بالإضافة إلى صرف مبلغ شهري لكافة المحتضنين، والتأكيد على زيارتهم بشكل دوري للتأكد من أوضاعهم المختلفة.
وطبعاً هناك لجنة معنية بقبول أو رفض الطلبات خاصة بعد التأكد من كافة شروط احتضان مجهولي النسب، بما يشمل ذلك من كفالة حقوقهم، وتقديم كل أوجه الرعاية لهم سواء الرعاية الصحية أو النفسية أو الاجتماعية أو التعليمية أو الترفيهية، وكذلك حمايتهم من التعرض للإساءة، وتهيئة وتأمين الظروف المعيشية اللازمة لنموهم الطبيعي من خلال تأمين أسر حاضنة لهم بما يحافظ على المصلحة الفضلى للطفل مجهول النسب.
قصص واقعية إنسانية
قررت أم سالم وزوجها احتضان طفل بعد مرور 10 أعوام من زواجها بسبب رفض زوجها القاطع بالزواج من أخرى لإنجاب طفل، وبعد موافقة الأهل تقدمت بأوراقها إلى دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، وتعلق بالقول كان حظي موفقا، لأني لم انتظر طويلا بل تم الاتصال بي للحضور، وعندما وقعت عيني على أحد الأطفال غمرتني عاطفة كبيرة وتوجهت إليه لأتفاجأ به يقول لي "ماما" يومها لم أرجع إلى المنزل إلا وسالم معي، وهو اليوم في العاشرة من عمره ويعلم بواقعه بعدما مهدت له الأمر سنة بعد سنة، والغريب أنه يطلب مني احتضان طفل آخر ليصبح لديه أخ.
أما جواهر، فاحتضنت طفلة رضيعة بعمر الـ 4 أشهر في عام 2011، وكان وراء رغبتها بالاحتضان ابنتها الوحيدة البالغة من العمر 9 سنوات، والتي كانت تصر على طلبها بأن يكون لديها أخت، لدرجة أن نفسيتها تعبت من هذا الموضوع، وبعد محاولات جواهر المتكررة بالحمل، ارتأت وزوجها احتضان طفلة، كما وافقهم الرأي الأهل من الجهتين، "وبالتالي لم نواجه أي مشاكل أو استهجان في الاحتضان من المجتمع الإماراتي، بل على العكس كانت المسألة عادية." عقبت جواهر.
أما فاطمة فلديها قصة مختلفة مع الاحتضان، "لقد حصلت الرزق بعدما احتضنت طفلاً"، تقول فاطمة التي لم يهبها الله نعمة الولادة، فقررت بعد تسعة أعوام من الزواج احتضان ولد لتشعر بإحساس الأمومة الذي حرمت منه، وقامت باحتضان طفلا رضيعاً، وكانت المفاجأة والتي لم يكن أحد من أهلها يتوقعها... بعد شهر من الاحتضان حملت فاطمة بتوأم من الفتيات توفيت إحداهن، وبعدها حملت مرتين متتاليتين، هذه الولادات لم تدفعها هي أو زوجها لإعادة الطفل المحتضن إلى الدار، بل على العكس اعتبراه فاتحة رزق، فعند قدومه للمنزل جلب الخير معه، وعمت الأسرة الفرحة الكبيرة.
وتروي فاطمة قصتها مع التبني، في بداية الأمر واجهنا بعض المشاكل من بعض الأشخاص الذين يرفضون مبدأ الاحتضان، على الرغم من كونهم مسلمين ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يحثنا على الاحتضان انطلاقاً من الحديث النبوي الشريف: "أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ كَهاتين، وأشارَ بإصبُعَيْهِ يعني: السَّبَّابةَ والوسطى"، ولكن الثقافات المجتمعية تتغير من شخص لآخر، إلا أننا كنا مصرين على الاحتضان.
أما قصتنا الثالثة فلها مسار مختلف، شمة تلك الطفلة الرضيعة التي تركتها والدتها صباح يوما باكرا على بوابة إحدى المنازل منذ 16 عاماً، ولتجدها عائشة ربة المنزل وتقوم باحتضانها بعد إتمام الإجراءات اللازمة، وبعكس القصتين السابقتين فعائشة لديها ولدان ولد وفتاة، وكي تكون الأمور سليمة، قامت ابنة عائشة التي أنجبت حديثاً بإرضاع الطفلة لتصبح واحدة منهم، وتعقب عائشة، أعتبر هذه الطفلة أمانة في عنقني أرسلها الله عز وجل إلى عتبة بيتي كي أهتم بها وأربيها، وهي طريقي إلى الجنة، وسوف أبقى أرعاها حتى تتزوج.
هذه القصص وغيرها واقعية وتحمل الكثير من العبر والدروس في الإنسانية والعطاء والتضحية، فالبعض يرفض الاحتضان، في حين يقبله البعض الآخر، خاصة وأن الإسلام أباحه.