أكدت الشيخة حور بنت سلطان بن محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة ترينالي الشارقة للعمارة، أنه منذ تأسيس المؤسسة بجهود الشيخ خالد القاسمي، رحمه الله، تم الاعتماد على منهجية التخصصات المتعددة في بناء مفهوم واضح للعمارة، مرتبط بالقضايا الاجتماعية والبيئية.
الشارقة 24:
يفتح ترينالي الشارقة للعمارة الآفاق لفهم أعمق للتاريخ يؤسس لانسجام أكبر مع الحاضر، ووضع رؤى المستقبل عبر البحث في التوافق بين الابتكارية المعمارية وندرة الموارد من أجل عمارة تعكس الأبعاد الاجتماعية والبيئية، وتحمل دورته الثانية، التي انطلقت 11 نوفمبر الجاري، شعار "جمالية المتغيّر: عمارة التكيّف"، موجهةً بذلك دعوة ضمنية إلى الخوض في غمار عمارة الغد التي تحتفي بتقاليد الأمس من أجل استدامة للجميع.
تعد الدورة الحالية لترينالي الشارقة للعمارة، المستمرة لغاية 10 مارس المقبل، امتداداً لنهج إمارة الشارقة في بناء تقدمها وازدهارها استناداً إلى الثقافة والمعرفة والحفاظ على القيم التراثية والإنسانية، ومن هذا المنطلق أكدت الشيخة حور بنت سلطان بن محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة ترينالي الشارقة للعمارة، أنه منذ تأسيس المؤسسة بجهود الشيخ خالد القاسمي، رحمه الله، تم الاعتماد على منهجية التخصصات المتعددة في بناء مفهوم واضح للعمارة، مرتبط بالقضايا الاجتماعية والبيئية، وقادر على خلق توازنات بين الحفاظ على التراث وشكل الاستخدام المعاصر له.
وعند التعمق في طرح هذه الدورة للترينالي، نذهب إلى أسس التصاميم الإبداعية والمبتكرة والقائمة على استخدام الموارد الطبيعية والمحلية، عبر تجسدها في مشروعات يقدمها 29 مشاركاً من مختلف بقاع الأرض، اجتمعوا في إمارة الشارقة ليقصوا حقائق ويقدموا تحليلات لمشاهد معاصرة، تكشف العلاقة بين العمارة والبيئة وبين الاستدامة واستنزاف الموارد، وما أسفر عن تمايز بين ما يعرف باسم "الجنوب العالمي" و"الشمال العالمي".
وقد انطلقت القيّمة الفنية توسين أوشينوو في تصورها للترينالي من حقيقة أن ضيق العيش في الجنوب العالمي أرسى ثقافة إعادة الاستخدام والتوظيف والابتكار بطرح نهج جديد للتفكير نابع من الندرة لا الوفرة، وأكدت أوشينوو، المهندسة المعمارية والمصممة النيجيرية، أن "الحل لبناء مستقبل مستدام في ظل حاضر عاصف يكمن في تقاليد العمارة والتصاميم الموروثة والمتجددة عبر أجيال وأجيال، وتأتي هذه الدورة للترينالي لنكتشف معاً حلولاً تصميمية نابعة من الندرة وإعادة توجيه الخطاب السائد حول الاستدامة المتركزة على الابتكارات التقنية إلى خطاب يتبنى الحلول المبنية وفقاً للسياق المحلي وتشارك الموارد وإعادة استخدام المخلفات، فضلاً عن استكشاف تقنيات تتبنى فكرة أن كل شيء مؤقت وقابل للتطوير والترميم، سيراً مع الطبيعة لا ضدها".
وانطلاقاً من اليقين بأن ظروف الندرة اجتاحت جميع أرجاء "الجنوب العالمي"، يجتمع في ترينالي الشارقة للعمارة ممارسون ومختصون في العمارة والتصميم ممن جعلوا أعمالهم مجالاً تنظيمياً للتمثيل الثقافي في الهندسة المعمارية ومساحة لإبراز الهوية وأسلوباً للتوازن بين الطبيعة وعصر الآلة، وبنقاشاتهم وأعمالهم وورش العمل، يقدمون في الترينالي فهماً مختلفاً لسياق المكان، يتشكل من خلال تفاعل علم البناء مع الأعراف الاجتماعية والممارسات اليومية.
ومن أجل استفادة أشمل وأعم لمخرجات ترينالي الشارقة للعمارة تقرر أن تكون زيارته والانخراط في فعالياته مجانية، وقد كانت فعاليات برنامج الافتتاح وجولاته وورشه، من 11 وحتى 13 نوفمبر، غنية ومتنوعة المضامين، وضم البرنامج عدداً من الجولات بين مشروعات الترينالي في مواقعه الرئيسية التي تحمل معان ودلالات عميقة، ومن أمثلة الأعمال الغنية بالمفاهيم، يأتي العمل التركيبي لـ "كيف_بيرو" في مسلخ الشارقة القديم، الذي يعكس حالات التغيّر من خلال الأصوات والعروض التي يضعها في أرجاء المكان.
أما في منطقة المدام، يكتشف الزوار العمل التركيبي "الخيمة الخرسانية"، من تصميم دار - ساندي هلال وأليساندرو بيتي، وهو عمل تم تنفيذه لأول مرة في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم، ويعاد بناؤه ضمن السياق الحالي، ليوفر مساحة مشتركة في حالة المؤقت الدائمة التي يعيشونها المهاجرون.
تتيح التصاميم الفنية المختلفة في ترينالي الشارقة للعمارة مساحة للتأمل والنقد البناء، إلا أن التعمق في السياقات والدلالات والأبعاد الإنسانية يحتاج إلى معارف وعلوم تستند إلى أبحاث موثوقة، ولذلك ارتأى القائمون على الترينالي أهمية إصدار كتاب "ملاحظات ميدانية حول الندرة" في إطار الدورة الثانية، ويقدم الإصدار أعمالاً تمنح القراء صورة واضحة عن شكل الندرة والتحديات، ويقدم حلولاً معمارية متنوعة تتجاوز حدود البيئة المبينة من خلال تأملات وتصورات وحوارات لـ60 باحثاً متخصصاً من أنحاء الجنوب العالمي، وهذا ما يجعل ترينالي الشارقة للعمارة في دورته الثانية منصة بحثية ومعرفية للعمارة وهندسة التكيّف.