يزيد ارتفاع تكاليف العودة المدرسية، من الأثقال فوق كاهل التونسيين، في بلد يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وخاصة أن العودة المدرسية هذا العام، تتزامن مع ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية لم تشهده البلاد سلفاً.
الشارقة 24 – أ ف ب:
يتردد في إحدى مكتبات العاصمة التونسية السؤال "هل يوجد كرّاس مدعم؟"، لأكثر من مرة من قبل الأهالي، الذين يبحثون عن هذا الصنف ليخففوا من عبء مصاريف اقتناء اللوازم المدرسية، في بلد يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
تتزامن العودة المدرسية هذا العام مع ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية لم تشهده البلاد سلفاً.
تقلّب جميلة ساسي 40 عاماً وهي أم لطفلين في المستوى الابتدائي، وتعمل موظفة في شركة خاصة، بين المحفظات المعروضة في المكتبة، بحثاً عن واحدة يكون ثمنها مناسباً لميزانيتها، لكن دون جدوى.
وتقول وملامح الحيرة بادية على وجهها "كان القرار مع زوجي أن نلغي مصاريف العطلة الصيفية والاصطياف ونخصصها لشراء مستلزمات العودة المدرسية... وكما تشاهدون الأسعار نار".
تنتظر دورها للوقوف في صف طويل لاقتناء كراس مدعم، وتقول "الظاهر أنه يجب التوجه إلى السوق الموازية، لأجد الأسعار التي أبحث عنها".
تطرح السلطات التونسية نوعية من الكراريس يطلق عليها اسم "الصنف المدعم"، وتباع بأقل من دينارين "نحو 0.6 يورو" مقارنة بثمن الكراريس الرفيعة النوعية، التي يناهز سعرها ثلاث مرات المدعمة، وغالباً ما تشتريها العائلات ذات الدخل الضعيف.
إلى ذلك، لم يعد الأولياء قادرين على سداد كلفة دراسة أبنائهم، في المدارس الخاصة، لارتفاع أسعارها.
وذلك على غرار إسماعيل بن إدريس 41 عاماً وهو مهندس حاسوب، قرّر نقل ابنه من مدرسة خاصة إلى مدرسة حكومية لأنه لم يعد قادراً على دفع 4 آلاف دينار "نحو 1200 يورو" مصاريف طوال العام.
تمثل العودة المدرسية لعديد العائلات "كابوسا" بعد تواصل "المواسم الاستهلاكية" من مناسبات الأعياد والعطلة الصيفية وصولاً إلى العودة المدرسية، ويضطر العديد من الأولياء إلى الاستدانة لمواجهة ارتفاع الأسعار.
ويقول رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي "سجلنا ارتفاعاً ما بين 15 و18 % في تكلفة مستلزمات العودة المدرسية مقارنة بالسنة الفائتة".
في ركن آخر من المكتبة يقف بلقاسم الطرابلسي مع زوجته بين رفوف الكتب والأقلام، علّه يجد بدوره أسعاراً لا تثقل كاهل جيبه.
يقول بلقاسم الطرابلسي 50 عاما وهو أب لأربعة أطفال "بالنسبة لي ارتفعت الأسعار بين 20 و30 %، مقارنة بالسنة الفائتة والكراس المدعم مفقود لا يوجد... العودة المدرسية تتطلب جيوباً مليئة بالنقود".
يضيف "نبحث عن كل المواد المدعمة، الكرّاس والسميد والزيت، وكل ما هو مدعوم من الدولة مفقود".
ادخر بلقاسم مالاً خلال فصل الصيف ويعوّل على المساعدة المالية التي تقدمها له شركة النقل الحكومية، حيث يعمل ليستطيع تلبية حاجيات أطفاله، لأنه هو مصدر الدخل الوحيد في العائلة.
بدورها تؤكد المشرفة على المكتبة فاتن المناعي، أن العملاء أصبحوا يطلبون "أكثر فأكثر تقسيط الدفع، لأن الراتب لم يعد يكفيهم".