أضحت مشكلات الصحة النفسية قنبلة موقوتة تثير قلقاً كبيراً في كندا، إذ تتكشف حالياً في المدن التي تشهد اكتظاظاً مثل تورنتو العواقب الوخيمة التي أدى إليها في مرحلة ما بعد الجائحة ضعف الاستثمار المزمن منذ سنوات في مجال الصحة العقلية، حيث تشير الإحصاءات إلى ضعف في خدمات الطوارئ مع الازدياد الكبير في الاستشارات بالمستشفيات، وارتفاع معدلات الانتحار والإدمان.
الشارقة 24 – أ.ف.ب:
تتكشف حالياً في كندا العواقب الوخيمة التي أدى إليها في مرحلة ما بعد الجائحة ضعف الاستثمار المزمن منذ سنوات في مجال الصحة النفسية، وهو ما رأى فيه الخبراء "قنبلة موقوتة".
والمؤشرات لهذا الوضع كثيرة في خدمات الطوارئ، خصوصاً في المدن الكبرى، مع الازدياد الكبير في الاستشارات بالمستشفيات، وارتفاع معدلات الانتحار والإدمان.
ويذكر طبيب الطوارئ في مستشفى ماونت سيناي في تورنتو بيوغ بورغوندفاغ أن عدد الشباب الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية والإدمان في كندا يتزايد باطراد.
ويضيف الصحة تحاول أن تبذل قصارى جهدها، لكنّ العرض محدودة للغاية.
وفي تورنتو، أصبح الوضع سيئاً للغاية لدرجة أن رئيس البلدية السابق جون توري دعا إلى قمّة وطنية للصحة النفسية، واصفاً هذه المشكلات في البلاد بأنها وباء.
ففي الشوارع أو محطات المترو في هذه المدينة الكندية الكبرى والعصرية للغاية التي تشكل واجهة البلاد اقتصادياً وثقافياً، يتجول كثيرون محدّقين بنظراتهم في الفراغ، أو هاتفين بكلمات غير مفهومة.
وتمتلئ صفحات الصحف بقصص تتعلق مباشرة بالصحة العقلية ومشاكل الإدمان، كظاهرة تؤثر أيضاً على المدن الكبرى في الولايات المتحدة المجاورة، لكنها أقل وضوحاً حتى الآن مقارنة بما يحصل على الجانب الكندي.
- خطأ فادح -
ويقول ديفيد غراتزر من مركز الإدمان والصحة العقلية في تورنتو "تاريخياً، لدينا نقص في تمويل الصحة العقلية، في كندا، من كل دولار ننفقه على الرعاية الصحية، 7 أو 8 سنتات تصب لتمويل خدمات الصحة العقلية"، وهو مبلغ أدنى بكثير مما هو عليه في معظم البلدان المتقدمة الأخرى.
ويضيف الطبيب النفسي "لقد ارتكبنا خطأ فادحاً في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، عندما أغلقنا الكثير من أسرّة المستشفيات للأشخاص المصابين بأمراض عقلية".
ففي أونتاريو، المقاطعة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في كندا، يفيد أكثر من نصف الشباب أنهم يعانون من اضطراب عقلي، وقد زاد الطلب على الخدمات النفسية بنسبة 50%.
ويوضح غراتزر أن كثيراً من الناس لديهم احتياجات كبيرة ولا يتلقون الرعاية اللازمة لهم، لافتاً إلى أن المواد المستخدمة في الشارع قد تغيرت، ولا سيما الميثامفيتامين.
لذلك، في مواجهة أوجه القصور في الخدمات العامة، تتولى منظمات خيرية المسؤولية، لكنّها أيضاً غير قادرة على التعامل مع تدفق الأشخاص المتضررين جراء هذا الوضع.
ويصف جاك شارلان، من الخط الساخن "إيكوت أنتريد" المخصص للمساعدة النفسية، بأن الوضع أشبه بقنبلة موقوتة، منبهاً بضرورة الاهتمام بالأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية، والتوقف عن انتظار دخولهم إلى المستشفى.
ويضيف الرجل الذي عاد أخيراً إلى الخدمة للمساعدة في مواجهة حجم الاحتياجات، "سيتطلب الأمر المزيد من المال للقيام بمزيد من الوقاية".