بين حاضر باهت وماض أخضر، تسترجع الزراعة في تونس تقنيات وأساليب الأجداد، إذ يستخدم المزارعون بعض الأعشاب في تغطية الحقل كجزء من تقنيات الزراعة الدائمة التي يعتمدها الفلاحون للمحافظة على رطوبة التربة وتقليل استهلاك الماء وسط تحديات مناخية كبيرة.
الشارقة 24 - أ.ف:
يشير المزارع صابر الزواني في حقله إلى بعض الأعشاب ويقول "هذه ليست طفيلية" بل هي جزء من تقنيات الزراعة الدائمة التي يعتمدها وقد بدأت تنتشر في تونس حيث التحديات المناخية كبيرة.
عاد الزواني منذ سنتين لزراعة أرض العائلة الواقعة وسط غابة في منطقة كاب نيغرو على بعد حوالي 150 كيلومتراً من العاصمة التونسية في اتجاه الشمال الغربي.
ويتملك هذا المزارع العاطل عن العمل سابقاً والبالغ 37 عاماً، هاجس المحافظة بشكل دائم على رطوبة التربة بالرغم من حرارة الطقس.
لكن، يبدو هذا الهدف بعيد المنال بالنظر خصوصاً إلى تداعيات التغير المناخي في البلاد التي ساهمت في تسجيل جفاف غير مسبوق خصوصاً خلال الربيع الفائت.
ففي كل مرة يجمع محصول البصل أو الفجل يقطع عنه أوراقه وجذوره ويغطي بها التربة لكي يقلّل من تبخر المياه من الأرض ويخصبها في الآن نفسه.
ويقوم مفهوم الزراعة الدائمة أو المعمرة، الذي وضعه اثنان من علماء البيئة الأستراليين في السبعينيات، على أساس أن كلّ العناصر الطبيعية مترابطة وتكمل بعضها البعض.
وزرع الزواني الخضروات بالقرب من حوض صغير صنعه بمفرده لجمع مياه الأمطار وترعى بقربه ماشيته من ماعز وأبقار وأغنام التي يستخدم روثها كسماد عضوي لتقوية محاصيله.
ويوضح الزواني إن الزراعة تحتاج إلى إنشاء تربة حيّة لجذب ديدان الأرض والفطريات وجميع العناصر الغذائية للنباتات والأشجار.
ويحرص على ري خضرواته بالحد الأدنى من المياه ولا يستخدم إلا بذور من إنتاج محاصيله الخاصة وطاردات الحشرات الطبيعية.
وبفضل هذه التقنية المبتكرة، انخفض استهلاكه من المياه إلى النصف.
- "العودة إلى الجذور" -
ويؤكد الزواني أن الزراعة الدائمة تشكل العودة إلى الجذور، والأساليب التقليدية التي كان يستخدمها الأجداد.
يشير المزارع بيده إلى قطعة أرض غير محروثة تنتشر فيها أكوام من الشتول والسماد العضوي والتربة الخصبة وأوراق أشجار جافة جلبها من الغابة المجاورة.